| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد جعفر

 

 

 

الخميس 10/2/ 2011

 

محنة العراقيين
حلول السلطات احلاها مر

عبد جعفر

السلطات العراقية تريد ان تستبق الاحداث في الرد على اتساع نطاق الاحتجاجات على الاوضاع القائمة، باعلان السيد رئيس الوزراء عدم ترشيح نفسه لولاية الثالثة، واجراء تخفيض لراتبه ،والتأكيد الى حق المواطنين في التظاهر رغم انه حاول الغمز من طرف اخر-اشترك معه بعض المسؤولين- ان لبعض التظاهرات اجندات اخرى مدعومة من جهات لم يسميها، بل وصل الحد بشرطته الى اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين على اهالي القاسم في ديوانية سقط فيها قتيل وعدد من الجرحى. كما حاول البعض على ابداء الحرص على المواطنين من التظاهر خوفا عليهم من اعمال الارهابين الاجرامية.

المشهد في تجربتنا الديمقراطية الفتية لا يقتصر على اداء هذا الشخص اوذاك اوهذه المؤسسة اوتلك، بل على جملة وحزمة من التوجهات منذ سقوط عام 2003 ولحد الان. صحيح اننا ورثنا خرابا ودمارا من النظام السابق ، ومشاكل بيئية كبيرة، وتركة ثقيلة من الديون، اضيف اليه تخريب فلول الارهاب المستمر من قتل وتخريب في البنى التحتية وسوء استغلالها، غير انه بدلا من يجري معالجة هذا الارث الثقيل المفجع من خلال التنمية المستدامة والاهتمام بواقع المواطن الخدمي والاهتمام بالجانب الزارعي والصناعي،وسن القوانين الاقتصادية والاجتماعية المواكبة لها، اتجهت الاحزاب الرئيسية الارتكاز على المحاصصة والطائفية عبر ميلشياتها المعلنة والسرية، مما فسح المجال على استشراء الفساد والنهب العلني لموارد الدولة وتهريب الاموال الى الخارج، وهذا تزامن بالهجوم المنظم على مؤسسات المجتمع المدني ومنها نقابات العمال واتحاد الادباء والمعلمين وحرية الاعلام وغيرها. ولا يعرف من المسؤول عن الذين يقتلون بكواتم الصوت،الارهابيون أم الاجهزة الأمنية المخترقة او المليشيات.

المواطن العراقي الان محكوم عليه سلفا بالاعدام مع وقف التنفيذ من خلال اعمال الارهابين التي لا تسثني احدا، في الوقت الذي يعيش ايامه وما تبقى منها في نكد الكهرباء وقلة الماء الصالح للشرب والبطالة وارتفاع الاسعار وغياب مفردات الحصة التموينية وفتح الاسواق للمستورد الرديْ على حساب المنتوج الوطني، وقلة خدمات المستشفيات وغيابها وارتفاع اجور الاطباء في العيادات الخاصة واسعار الادوية – اذا توفرت وان لم تكن مغشوشة- وازمة السكن الحادة وارتفاع اسعار البيوت وايجاراتها، وقلة الخدمات من مجاري وصرف صحي وغيرها. والشيء نفسه يقال عن اوضاع المدارس والجامعات والخدمات الاخرى من مواصلات والهواتف وتلوث المحيط البيئي وزيادة الارامل وفيات الاطفال الصغار وانتشار الامراض المزمنة وسوء التغذية وازدياد ظاهرة اولاد الشوارع وغيرها. ويعد من باب الترف الحديث على غياب دعم الكتاب والمسرح وغياب دور العرض السينمائي و قلة صالات العرض والمكتبات وملاعب الاطفال والمنتزهات العامة ومعالجة ملف المغتربين والمهجرين وحقوقهم الشائكة وضحايا النظام السابق وغيرها.

ان هذه الامور وغيرها هي اساس شعلة الاحتجاجات التي بدأت وسيستمر لهيبها لتشمل المحافظات كلها، من اجل تعديل مسار التجربة الديمقراطية والحفاظ على كرامة المواطن وحريته، من محاولات الطفيليين الجدد سرقتها بل وسرقة الوطن كله، عبر الشعارات البارقة والشحن الطائفي والمذهبي والقومي. فحبل الكذب قصير كما يقولون، ومن يتوهم ان رصاص الحي خير وسيلة للدفاع عن حصن الفاسدين، فليتذكر من سبقوه في هذا المضمار الاسود، لان الرصاص لا يخترق الروح ولن يخترق العزيمة بل يخترق مطلقيه لعنة وكوابيس. يذهب الحكام وتبقى الشعوب دائما!
 

free web counter