| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 9/2/ 2011



المشكلة ليست بالطبقة السياسية

عزيز العراقي

منذ ان وجد الشعب العراقي نفسه غير قادر على إدارة نفسه بعد إزاحة النظام البعثي وهو يقبل ان يساق تحت لافتات الخديعة , سواء منها الطائفية او القومية . ورغم معرفة الكثير من أبنائه بحقيقة هذه الخديعة التي عملت عليها الأحزاب الطائفية والقومية للاستحواذ على صوته الانتخابي , الا انه عاجز عن الرفض وتصحيح المسار , وكأنه منوّم مغناطيسيا . وكان كتابة الدستور المشوه وإجراء التصويت عليه قمة الاستغفال واستغلال حالة القطيع التي استمرت من العهد السابق , ولكن هذه المرّة بشكل معاكس , وبدل الرعب , الاستغراق في الفرح بممارسة الشعائر المذهبية التي حرموا منها لعقود , والتعبير عن كل ما يردوه في الكلام , والكلام فقط , دون ان يضعوا بوصلة تحدد لهم الطريق للنهوض بواقعهم المزري .

من جانب آخر , فان إزاحة النظام السابق كشفت عن عدم وجود مرجعية ( عراقية ) تعني بإعادة الروابط الوطنية, وتقويتها عن طريق إعادة بناء أجهزة الدولة ومؤسساتها , واستعادة الحياة للدورة الاقتصادية التي هي العمود الفقري لوحدة أي مجتمع بشري . ولا يستثنى من هذه الطبقة السياسية الا القلة من الأحزاب السياسية مثل الشيوعيين , وحالهم حال الشعب الذي اخذ على عين غرة , وفقدت الجماهير حتى وحدة الاضطهاد التي كانت تجمعها على يد صدام , واتجهت للاحتماء بالمذهب والعشيرة ومرجعية كل الأشكال الدنيا في التنظيم الاجتماعي .

يوم 20110209 صرح حيدر الملا الناطق الرسمي للقائمة العراقية لصحيفة " الشرق الأوسط " ان : " رياح التغيير التي هبت على المنطقة بدأت شرارتها من العراق , والعراقيون اليوم ضربوا مثلا من خلال الثورة البنفسجية ". هل رأيتم استخفافا بالعراقيين أكثر من هذا ؟! العراقيون هم الشرارة التي أشعلت نار التمرد التونسي والمصري بعد ثلاثين عاما من الجوع والتغييب لهذين الشعبين ؟! العراقيون لا يزالوا تحت وهم عدم القدرة بعد ان سيقوا تحت شعارات قائمتك ( العراقية ) التي هيجت مخاوف السنة والبعثيين ومن في فلكهم من الاخطبوط الطائفي الشيعي الإيراني الذي يريد ان يستحوذ على كل شئ , وقائمة المالكي وابن الحكيم التي خوفت الشيعة بالذريعة المعاكسة وهي عودة البعثيين الى السلطة . ولكن بعد انتهاء الانتخابات جلستم سوية تتفاوضون على اقتسام الغنائم , ولا تزالوا تثبتون جميعكم بأنكم أوطئ ما افرزه وضع العراق المتردي , ولم تتمكنوا لحد الآن , وبعد عام على انتهاء الانتخابات , من اقتسام الوزارات الأمنية .

ويكمل الملا :" ومن خلال الخريطة السياسية التي رسموها ( العراقيين ) عبر صناديق الاقتراع فلا بد للحكومة والكتل السياسية التي تعي وتحافظ على استحقاقات هذا المكسب الديمقراطي ". اللصوص لازالوا لا يستطيعون اقتسام السرقة بالتساوي , وهي الطبيعة الأنانية الإجرامية لكل لص , الا ان رئيس الوزراء الماسك بزمام السلطة يريد الاستحواذ على القسم الأكبر , وهو ما دفع الملا لإعادة تهديد الشركاء كما جرت العادة , فيقول :" والا تعرضت العملية السياسية والديمقراطية في العراق الى انتكاسة بسبب ما يحصل في الشارع العراقي من تردي امني " . والسؤال : اذا كان عندكم عصابات القاعدة وبقايا البعث وجيش عمر ..الخ , فان الشركاء لديهم عصابات مقتدى وعصائب الحق ومنظمة بدر وحزب الله وباقي جوقة المليشيات , والجيش والشرطة هي غنيمة بين الطرفين أيضا , والمالكي عرف من اين تؤكل الكتف , ولا تهمه كل التنازلات للآخرين , وليس المهم ان لا يستمر العراق بهذا الانحدار لأربع سنوات أخر, بل لأربعين عاما قادمة .

المشكلة ليست بهؤلاء السياسيين , بل بالشعب الذي لو قيض له ان تعاد الانتخابات غدا , لما برح الموقع الذي يعيد به انتخاب هؤلاء , وماذا قال فلان او وجه فلتان , وليس باستطاعتهم تحديد طرق النهوض بواقعهم المزري مثل المطالبة بإعادة بناء أجهزة الدولة , وبالعكس يجري اليوم مصادرة حتى الهيئات المسماة مستقلة لصالح رئيس الوزراء ولم يحرك الشعب ساكنا . او كيفية إعادة تدوير العجلة الاقتصادية التي تهم كرامتهم وتنقذهم من حالة مد اليد والاستجداء من الحكومة التي تستولي على أموال النفط وتوزعها حسب حاجتها , وتحول هذه الجماهير الى وحدات تركض كل واحدة منها حسب مصلحتها الذاتية , دون الالتفات إلى مصلحتها الوطنية المشتركة الضامنة الوحيد لديمومة وكرامة هذا الشعب .

 

 

free web counter