| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 9/8/ 2011



قوانين التطور العراقية

عزيز العراقي

كل شئ في العراق خاص كما يحلو للبعض ان يردد , فنحن أصحاب الحضارات العريقة , ونحن أصحاب التجارب الخاصة التي نسبق الإنسانية في ريادتها , والجميع ينتظر ان يستفيد منها , ووصل الاعتقاد عند المقبور صدام وزبانيته الى جعل أحقر الهزائم انتصارات عندما تفسر بتفسير الجبان الذي لا يهمه الا المحافظة على كرسيه. في العام الماضي , ونتيجة ارتفاع درجات الحرارة الى ما فوق الخمسين خرجت تظاهرات في مدن الوسط والجنوب وخاصة في البصرة تطالب بزيادة ساعات الكهرباء , وتطورت للمطالبة بإقالة الوزير , وفعلا تم إقالة وزير الكهرباء ليظهر بعد اقل من شهر في احد المدن الأمريكية الرئيسية يقيم حفل عرس لابنه في اكبر فنادقها , ويقال ان الحفلة وحدها كلفت بضعة ملايين من الدولارات .

في الأسبوع الماضي ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من خمسين أيضا من بغداد الى البصرة , ولكن الجماهير العراقية لم تتظاهر , لأنها أدركت ان لا فائدة من التظاهر , ولن تحل المشكلة بإقالة وزير الكهرباء , ولن يحصلوا على الكهرباء التي يتجاوزون بها فترة الحرارة الجهنمية . العراقيون يدركون الآن ان الفساد ليس بالوزير فقط , ولا بوزارة الكهرباء وحدها , بل بالنهج الفاسد للطبقة السياسية التي تدير الحياة العراقية , وهذه الطبقة تتفنن في افتعال ألازمات وليس إنهائها , وهي وسيلة العمل الوحيدة التي يجيدونها للتغطية على الكسب الحرام . العراقيون باتوا عاجزين حتى عن المطالبة بحقوقهم , ليس بسبب حرارة الجو وتأثيرها على فاعلية تفكيرهم , بل لعدم فهم النظام الذي يحكمهم , وعدم معرفتهم الى من يتوجهون بشكواهم واحتجاجاتهم . وقد يقول قائل : ان رئيس الوزراء هو المسئول الأول ليس عن الكهرباء فقط , بل عن كل التردي الحاصل . وهذا كلام كل عاقل . ولكن بمنطق رئيس الوزراء وحزبه , فان سلطته تتوزع بين أيدي زعماء القوائم على وزرائه , وهذا كلام صحيح , وهذا الكلام هو الدفة التي يقود بها المالكي سفينة الحكومة وهي تبحر في بحر الفساد والانحطاط , ولن يستطع اطهر الطاهرين من إنقاذ هذه السفينة , فكيف بالمالكي ؟! إذا اللهم نشف هذا البحر مثلما نشفت الأرض بعد طوفان نوح . وحتى لو نشف البحر , فأين يجد الحمامة التي ستذهب وتعود تبشره باليابسة , وهو لا يمتلك غير الغربان مثل الدكتور علي الدباغ واللواء قاسم عطا .

العراقيون باتوا يعتمدون على اللاشئ في تحسين ظروفهم , ومثلما أراد صدام ادعاء النصر في عار الهزيمة , يدعي المالكي الشرف في إقالة وزير الكهرباء , ولا اعتقد ان عاقلا لا يريد إحالة هذا الوزير وأمثاله الى المحاكم وليس الاكتفاء بالإقالة فقط . ولكن مثلما قال احد الأخوة : لو كان الوزير من دولة القانون وليس من القائمة العراقية فهل أقاله المالكي ؟! المالكي ليس مسئولا وحده عن محيط الفساد , فالأمريكان والإيرانيين وتركت النظام السابق ونظام المحاصصة الطائفية المبني على الدستور الكسيف , أسباب رئيسية في إيجاد هذا المحيط , ولكن المالكي مصر , ومستمتع , في قيادة السفينة الحكومية , والدوران فقط في هذه المياه , وليس عنده أي استعداد للخروج الى بحار أكثر نقاوة , لأنها أوسع وستكلفه الضياع لكونها طبيعية مثلما خلقها الله وحافظت عليها خلائق الله .

كيف سيعاد بناء الإنسان العراقي ومتى ؟! وهو في أسفل درجات السلّم الانساني , والحكومة تبحر في غيها , والزمن يسرع بعشرات أمثال سرعاته السابقة مجتمعة , والعراقيون لا يزالوا يواصلون انحدارهم . المشكلة كيف سيكون وضع العراقيين بين استمرار انحدارهم وبين سرعة التطور التكنولوجي والمعلوماتي بعد سنوات ؟! وهذه هي الجريمة التي تتناساها الطبقة السياسية , وتنشغل فقط بمشكلتهم : كيف سيكون حالهم بعد اشهر , او عند انتهاء هذه الدورة ( البرلمانية ) .

 

 

free web counter