| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأثنين 9/1/ 2012



المؤتمر الوطني والأمانة التاريخية

عزيز العراقي

فشل المؤتمر الوطني العتيد المقرر عقده , يعني اما الذهاب إلى حكومة أغلبية , او التوجه لانتخابات مبكرة . والمسألتان لا يوافق عليهما طرفي النزاع ( جماعة المالكي وجماعة علاوي ) , الأولى غير قابلة للتنفيذ لمعارضة الأكراد وبعض أطراف التحالف الوطني ذاته , والثانية لانهما يدركان جيدا ان لا عودة لتصدرهما المشهد السياسي في إعادة الانتخابات وهو ما يخيف جماعة المالكي أكثر, حتى وان استمر الشحن الطائفي وتأثير النظام الإيراني , واستمرار التشرذم والانشقاقات في القائمة العراقية . والطرفان سبب الاستعصاء الحالي الذي يجري بسببه الاستنجاد بالمؤتمر الوطني كي يساعد ( إن أمكن ) بإقناع الطرفين في تقاسم جديد للسلطة , او القبول بقرارات اتفاقية اربيل , وبضمانات اكبر تؤخذ من المالكي كي لا يلتف عليها مرة أخرى .

مثلما يدفع العراقيون الثمن الدموي الكبير بسبب الخلافات وعدم الاتفاق بين الطرفين , فهم يطالبون أيضا بعدم اقتصار أعمال المؤتمر على المصالحة والتهدئة التي ظهرت بوادرها بين الطرفين قبل انعقاد المؤتمر , بل بإيجاد خريطة طريق تمنع ان يتمحور الصراع مرة أخرى بين مجموعتين فقط , ولأهداف حزبية وذاتية بعيدة عن المشروع الوطني الذي يقتضي انتشال العراق والعراقيين من الدرك الذي سقطوا فيه . المؤتمر بحاجة ان يكون عراقيا وليس جلسة مضيف يجري فيها مصالحة إعادة اقتسام الغنائم , ويناقش بشكل حقيقي الأسباب التي أدت لهذا الانحدار, وفي مقدمتها المواد المتفق على إعادة صياغتها في الدستور , والتعجيل بإقرار القوانين التفصيلية لتطبيق المواد الدستورية , وتخليصه من التشوه الحالي الذي تعتمد عليه ألأطراف المتصارعة في إدامة صراعها . واستغلال هذا التشوه من قبل الأطراف المتنفذة في تمرير أجندتها السياسية , مثل فرض قانون الانتخابات الجائر الذي جرت بموجبه الانتخابات السابقة , وقد أقرت ببطلانه المحكمة الاتحادية العليا بعد اعتراض الحزب الشيوعي عليه , ولكن بعد ان اعتمدت نتيجة الانتخابات. ومثلما ستكون هناك ورشة عمل لمناقشة القضايا الخلافية بين الطرفين , يجب ان تشكل ورش أخرى من بينها إعادة النظر بخروقات استغلال السلطة في المسائل الخلافية مثل قانون الانتخابات الباطل السابق الذكر , او ربط الهيئات المستقلة برئاسة الوزراء ( النزاهة, الانتخابات , البنك المركزي ,الإعلام ..الخ) والتي ضمن الدستور استقلاليتها .

المؤتمر أمانة تاريخية تتحملها قيادة الأحزاب والقوائم السياسية التي ستشارك فيه . فاما تلمس الطريق الذي ينهض بالمشروع الوطني لكي يستعيد العراق عافيته , واما الاستمرار في ذات النهج لكي نؤكد للعالم مرة أخرى باننا شعب لا نستطيع ان نبلغ سن الرشد , ولا نمتلك قيادات سياسية تقود سفينتنا دون الاعتماد على مساعدة الاحتلال وقواته , ولذلك من الضروري استمرار وصاية البند السابع كي تضبط خطواتنا ولا نقع في مطبات ندمر بها أنفسنا وندمر الآخرين. وعندها ستكون إعادة النظر بالخروج من البند السابع أصعب بكثير من الفترات السابقة , هذا اذا بقى العراق سالما وموحدا.

المشكلة اكبر من صراع الطرفين , وقيادات الأحزاب والقوائم تدرك جيدا ان من بين الهيئات القيادية لهذه الأحزاب والمنظمات والقوائم من يستثمر في مشروع العملية السياسية , وهي بالنسبة إليه ليست أكثر من شركة تجارية , ولا يهمه ان يباع العراق بالكامل او بالتجزئة , المهم ما يقبضه هو . وهؤلاء سوف لن يتأخروا في صب الزيت على النار ان هم شعروا بأي توجه جدي لإنهاء سياسة المحاصصة الطائفية سبب بلائنا , ومن دون الخروج من سبب البلاء هذا, وبدله يجري التأكيد بنية حقيقية لتجذير مفهوم المواطنة , فلن نرى النور في نهاية الطريق كما يقولون . ويبقى المؤتمر حاله حال الفعاليات السياسية الأخرى التي استنزفتنا طيلة هذه السنوات .



 

 

free web counter