| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 9/8/ 2010



المهم الستر والعافية

عزيز العراقي

في المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بعد انتهاء زيارته لاربيل يوم 20100808 مع رئيس الإقليم السيد مسعود البارزاني , أكد بوضوح, وبنبرة عالية , ان المادة (140) من الدستور , الخاصة بحل مسألة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها , مادة دستورية فاعلة , ولا يمكن تجاوزها . ولو تم احترام مواد الدستور فعلا خلال الأربع سنوات الماضية , لما تم التأكيد عليها بهذا الشكل الذي لا يتناسب مع (تأكيد) عمق العلاقات التي تربط الطرفين , ويعفي القيادة الكردية من أن تجعل الجميع يشهدون على كلام رئيس الوزراء حينما طلبت تأكيده في المؤتمر الصحفي . ان الجميع يذكر تصريحات بعض قيادي حزب الدعوة , والتي أخذت تتناغم مع مطالبات حثالات البعث وبعض القوميين العرب , من ان المادة (140) انتهى مفعولها بانتهاء الفترة الزمنية المحددة لها . وقد استقال رئيس اللجنة المسئولة عن تنفيذ المادة (140) السيد حميد مجيد موسى رئيس الحزب الشيوعي , لعدم توفير الشروط والإمكانيات اللازمة للسير بتنفيذ بنودها . واستبدل بشيوعي آخر لرئاسة اللجنة وهو الدكتور رائد فهمي وزير العلوم , لكونه موظف في وزارة المالكي وليس كسياسي شيوعي , لضمان عدم معارضة الأكراد لإعادة تشكيل اللجنة . وفي نفس الوقت ظهرت اعتراضات وكتابات كثيرة تندد بحكومة المالكي لوضعها العراقيل أمام تنفيذ المادة , وعدم التنفيذ هذا كان احد الأسباب المهمة لاستمرار التدهور في الحالة السياسية العراقية , وفي نفس الوقت حصل المالكي على التأييد من العناصر المعادية لتطبيق هذه المادة في انتخاب مجالس المحافظات والانتخابات الأخيرة .

لقد فهم الكثير من العراقيين من خلال مقابلة السيد المالكي مع الفضائية العراقية قبل ثلاثة أيام, ان سبب استمرار ملاحقة المليشيات الصدرية , والقضاء على بعض العصابات التي حملت اسم الصدريين , جاء نتيجة محاولة القتل الفاشلة التي تعرض لها المالكي في البصرة على أيدي هذه المليشيات , كرد فعل شخصي , وليس استمرار خطة لتثبيت الأمن , كما أعلن سابقا . والدليل ان الحكومة لم تكن جادة في نزع أسلحة هذه المليشيات وغيرها في الجانب الشيعي او السني , وبالذات عدوها الحالي المجلس الاعلى ومنظمته العسكرية " بدر " . وسواء كان السبب عدم إمكانية الحكومة أو عدم جديتها , فأن النتيجة واحدة , وهو تجميد السلاح بيد هذه المليشيات لغاية انسحاب الأمريكان وحدوث الفراغ الأمني , الذي لن تستطيع القوات الحكومية من ملئه رغم كل التبجحات .

يقول السيد المالكي في مقابلته للفضائية العراقية , ان العراق بحاجة الى رئيس وزراء قوي , غير خاضع لابتزازات سياسية من قبل أطراف أخرى , وعنده تجربة في معرفة ألاماكن الرخوة في مجمل العملية العراقية . وهذا كله صحيح ومنطقي, في دولة, وحركة سياسية, ومجتمع, أسوياء , ويخضعون لموازين البرامج السياسية والمصلحة الوطنية المشتركة . إلا ان الجميع لا يمتلك ( المصلحة الوطنية المشتركة ) , وأصبحت الإقطاعيات الفئوية والعشائرية والشخصية العلامة الواضحة في اقتسام المجتمع العراقي . والمناطق الرخوة التي يعرفها المالكي , قد لا تكون رخوة مع شخص آخر يستلم رئاسة الحكومة , سواء كان علاوي أو غيره , حيث ستتبدل مواضع الرخاوة . ومع المالكي بالذات لو تيسر له الحصول على ولاية ثانية , حيث ستتغير خارطة المناطق الرخوة , وأولها الإقطاعية التي يقف عليها المجلس الأعلى والصدريين . والاستعدادات تجري على قدم وساق بعد أن اتجهت الأمور لتشكيل الوزارة بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي . وانفجار المولدات الكهربائية في البصرة, وتخريب خطوط الإمدادات الرئيسية للكهرباء في هذا الصيف اللاهب , احد العلامات المهمة لتدهور الوضع الأمني , ولو إن البعض يربطها بإقالة وزير الكهرباء , وهذا ليس بمستبعد أيضا .

الحكومة القادمة لن تكون أفضل من الحالية كما يرى الكثيرون , سواء كان المالكي او علاوي او غيرهم على رئاستها , والمسألة ليست متعلقة بالأشخاص بقدر ماهي متعلقة بانحطاط الوسائل السياسية للاستحواذ على السلطة دون غيرها , واستمرار الوضع البائس للجماهير العراقية توضح هذه الحقيقة , وتدرك اغلب الأطراف المتصارعة عدم قدرتهم في استعمال السلاح مع وجود الأمريكان . والدستور رغم نواقصه التي يعدها الكثيرون سبب التعثر , والعملية السياسية والانتخابية, ماهي عندهم إلا هياكل فارغة , ستردد صدى الاحتكام الى السلاح عند شروع الأمريكان بالانسحاب.

ان استعصاء تشكيل حكومة جديدة يؤكد إنها ستكون اضعف بكثير من الحكومة الحالية للمالكي , نتيجة المساومات , وعدم التنازلات من قبل هذه القيادات التي تدرك ان وجودها مرتبط بالسلطة فقط . وما على العراقيين الذين انتخبوا هذه القيادات إلا أن يحمدوا الله ويشكروه , مثلما حمدت نجوى فؤاد في مقابلة تلفزيونية – وهي اشهر راقصة شرقية مصرية خلال الأربعة عشر قرنا من تاريخ الإسلام – وشكرت الله سبحانه وتعالى كثيرا , وقالت : المهم ( الستر ) والعافية .
 

free web counter