| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي

 

 

 

الجمعة 9/8/ 2007

 

البحث في تحديث الفشل

عزيز العراقي
Aziz.iraqi@yahoo.se

" العزة بالأثم " والخوف من الاعتراف بالفشل تنسحب على الاحزاب والمنظمات أكثر مما يتستر خلفها الافراد, وبالذات الاحزاب التي نشأت في ظل الظروف السرية , وفي مجتمعات لاتزال تحبوا في طريق التطور والتحضر مثل مجتمعنا , ان الوضعية البائسة التي وصلنا اليها ليس لها شبيه في ترديها على الارض قاطبة . ولا شك ان تظافر عدة عوامل متميزة في نوعيتها خلقت هذه الحالة الفريدة , مثل وجود النفط وما يحويه العراق من ثروات طبيعية وبشرية تثير شهية لصوص العالم قبل لصوص ابنائه , وتسلط النظام الصدامي الفريد في قسوته ودمويته لفترة طويلة , ثم تسلط قوات الاحتلال الامريكي بصورة لم تترك من كعكة السلطة الااقلها للعراقيين , والجرائم الدموية المرعبة في بشاعتها للعصابات البعثية والسنية والمليشيات الشيعية , والتدخل غير المسبوق في العالم لدول الجوار , وبعضها في صراع مصيري مع الامريكان ويجري تصفية حسابه على الارض العراقية . كل هذا مفهوم , ولكن غير المفهوم والأهم من كل ما سبق , انحطاط التفكير السياسي لأغلب الاحزاب العراقية التي طالما تشدقت بالوطنية وحب العراق .
وعودةالى "العزة بالاثم " يقول التصريح الصحفي لأجتماع حزب الدعوة الاسلامية في جميع المحافظات العراقية , وبرئاسة السيد نوري المالكي يوم 20070803 ان " تمتين التلاحم بين المواطنين والدولة بأتجاه تقديم مزيد من الخدمات ومحاربة الفساد وتوفير الرفاه الاقتصادي الى الطبقات المحرومة وعوائل الشهداء وضحايا التفجيرات الارهابية التي تطال الابرياء من ابناء شعبنا " .
والسؤال هو: ما حاجة حزب الدعوة العريق بتاريخه السياسي , وشهدائه الذين سقطوا تحت سياط التعذيب الفاشي , وشهد لهم العراقيون بحبهم لوطنهم , الى الدجل في هذا التصريح ؟! وفقط , لكونه يقود السلطة بشخص رئيسه رئيس الوزراء , والعراقيون يعرفون بكل طوائفهم , والعالم كله يعرف من اليابان الى كاليفورنيا بالفشل الكبير لحكومة المحاصصة الطائفية التي يقودها السيد المالكي , وبدل البحث عن وسائل حقيقية تنقذ الوضع الحالي يتشدق التصريح ب" تمتين التلاحم بين المواطنين [ المنكوبين] والدولة [ المسؤولة عن نكبتهم] بأتجاه تقديم المزيد من خدمات [ الذبح والاختطاف والتفجيرات ] ومحاربة الفساد [ الذي وصل الى قيادات الصف الاول ] وتوفير الرفاه الاقتصادي [ للملاين المهجرة في الداخل والخارج وملايين الايتام والارامل ] من ابناء شعبنا " .
وفي الوقت الذي تشكلت فيه حكومة المالكي من اغلب المشاركين في العملية السياسية , وحصلت على تأييد الراعي الامريكي . لم تتمكن من تحقيق اي نجاح ينقذ العراق ويخفف من ثقل التخبط الدموي الذي ينوء تحته , وبالعكس ازدادت الحالة سوءاً , وبات الانحدار الى الهاوية هو الطريق الوحيد الواضح . وبدل البحث عن طريق ينقذ الوضع صرح وليد الحلي القيادي في حزب الدعوة لصحيفة " الشرق الاوسط" يوم 20070808 ان " رئيس الوزراء يسعى للأستمرار بحكومة الوحدة الوطنية , وفي حال تعذر ذلك فسيضطر الى تشكيل حكومة الاكثرية البرلمانية , فليس هناك بديل آخر والاكراد يدعمون هذا التوجه " .
وهذا يعني الاستمرار في قاعدة المحاصصة لمجمل العملية السياسية , وتشكيل الحكومة – وهو الجزء الاهم في العملية السياسية - ان لم يستمرالتوافق عليها , فسيستأثر بها المجال الأكثر ضيقاً من المحاصصة , وهو تحالف الحزبين الشيعيين المجلس والدعوة مع الحزبين الكرديين الرئيسيين . وماذا ستكون النتيجة ؟ هل بأمكان هذه الاحزاب الاربعة ان تنقذ العراق ؟ وهي الاساس في التحاصص المشكلة , والمتهمة بالذات في محاولاتها تفكيك العراق . وسؤال اقل من المحافظة على وحدة العراق : هل بأمكان هذه الاحزاب المحافظة على سلامة نفسها وجماهيرها في حالة انفرادها بالقرار ؟ أم سيكون جوابها مثل جواب السيد مسعود البرزاني رئيس الاقليم عندما هدد الاتراك بتحريك الاكراد داخل تركيا , وجاء الجواب التركي قاطعاً , فعاد السيد رئيس الاقليم ليقول اننا عراقيون .
ماذا سيفعل الاربعة في وسط داخلي متفكك , واقليمي ودولي يعاديها ؟ عدى ايران التي تبغي استمرار حالة عدم الاستقرار لمشاغلة اميركا في العراق , وليس حباً بالأكراد وفيدراليتهم التي تعتبرها ايران التشريع الأخطر على وحدة الاراضي الايرانية . ان السبب الاساس في حالة الانغلاق الحالي للعملية السياسية كما يؤكده بعض المراقبين , هو اعتقاد الشيعة والاكراد على ان تحقيق النصر لكل منهما اصبح في متناول اليد , وهذا ما يجعلهم غير راغبين في تقديم التنازلات التي تتطلبها التسويةالسياسية . ولو تيسر لهذه الاحزاب الاستمرار في تمشية توجهاتها , فالعراق قادم على مذبحة لايعرف نتائجها الا الله .


 


 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس