| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأثنين 8/3/ 2010



بين مباهج الانتخابات ومخاوف مشروعة

عزيز العراقي

تمحورت آراء ممثلي الكتل الكبيرة خلال اليومين الأخيرين بالمبالغات والتباهي , والجميع يستعرض بضاعته (المتينة والغالية) . في سوق الشورجة تجد الكثير من التجار القدماء , الذين لا يزالون يمتلكون الأمانة والأخلاق الرصينة عند بيع بضاعتهم , بحيث تشتريها وأنت مطمئن , وتستطيع أن تعيدها إن لم تكن بذات المواصفات التي ذكرها التاجر , بعكس التجار ألحديثي النعمة الذين لا يمتلكون من أخلاق المهنة شئ , المهم ان يبيعها بأي شكل , وعند كشف الغش ولو بعد ساعة فسوف لن يعيد ثمنها أليك , واغلب السياسيين اليوم هم من الفئة الثانية . الصراع الانتخابي الذي سبق الانتخابات احتوى على الكثير من المتناقضات بين الكتل والأحزاب السياسية , وفي كثير من الأحيان وصلت إلى حد التشهير والاتهامات , وكل هذا سوف لايعني شيئا أمام الضرورات التي ستفرزها نتائج الانتخابات , وحاجة كل طرف للآخر .

لقد كان الصراع الأبرز بين القائمتين " دولة القانون " برئاسة المالكي , والقائمة " العراقية " برئاسة علاوي , حول مسألة " اجتثاث البعثيين " , وكانت الطريق الامثل لإشباع حاجة الطرفين في خلق ( معضلة ) يتمحور حولها التأجيج العاطفي لأتباعهم ومؤيديهم . فدولة القانون اتخذت من الموضوع وكأن البعثيين بهيكلهم الصدامي يجلسون خلف أبواب الانتخابات , والويل للعراقيين من التهجير والأنفال وكل جرائم النظام المقبور اذا تم انتخابهم . والقائمة العراقية مارست من جهتها تخويف كل من يحتسب على البعث , بمن فيهم آلاف البعثيين الذين ليس لديهم ناقة أو جمل مع النظام الصدامي , وأطراف قومية وسنية أخرى . مستفيدة من الأخطاء الطائفية التي ارتكبت من قبل بعض الأحزاب الشيعية , والتي اعتبرت اغلب أهالي المنطقة الغربية يحسبون على النظام السابق . في نفس الوقت ان القائمتين تقران : ان القتلة والمجرمين من البعثيين هم وحدهم سيساقون الى القضاء , حسب ما جاء في اللوائح المتفق عليها , والمقرة من الجميع , ولا عودة للبعث حسب ما جاء في الدستور .

الابتعاد عن الطائفية - حسب ماهو معلن - وتبني المشروع الوطني , وضع دولة القانون في منطقة الوسط . ويرى الكثيرون وحسب ماهو معلن ايضا , ان القائمة العراقية هي الأقرب لهذا الوسط الذي تتمثله دولة القانون , ويتبعهم كذلك مثلما هو معلن قائمة وحدة العراق برئاسة جواد البولاني . فأن صدق ( ماهو معلن ) , وتمكنت قيادات هذه القوائم من تغليب موقف ( الوسط ) على طموحاتهم الشخصية , فهناك الكثير من الذي يجمعهم , واهمها اعادة النظر ببعض مواد الدستور , وبالذات تحريك الوضع القلق لقانون الفيدرالية , والغاء المادة 140 من الدستور والتي تنظم وضع المناطق المتنازع عليها . ويأتي التوافق في تحريك هذا الملف , للرغبة الجامحة لتوجهات زعامات هذه الكتل في الحد من تطلعات الزعامة القومية الكردية , وتحديد متطلباتها التي يعتبرونها زادت عن حاجة حدود الاقليم . ويدعمهم في هذا التوجه زيادة نسبة النواب العرب في البرلمان , وهي زيادة لنسبة المناوئين للفيدرالية من البعثيين والقوميين العرب الذين قاطعوا الانتخابات السابقة , وشاركوا في هذه الانتخابات . إضافة لفقدان القائمة الكردستانية إمكانية المحافظة على وحدة تماسك الموقف الكردي , بعد ان انشقت عنهم كتلة التغيير , وتطلع الإسلاميين الأكراد لاستقلالية اكبر .

لو حدث هذا التوقع , وحدثت تقاطعات حقيقية في المرحلة القادمة , فستتحمل القائمة الكردستانية الجزء الأكبر من هذه المسئولية , لعدم تمكنها من استنهاض القوى الحقيقية للمشروع الوطني , والتي لايقل حرصها في الحفاظ على المنجز الكردي وتجربته الفيدرالية عن حرص القائمة الكردستانية , واكتفت بالاتفاقات الفوقية مع قيادات الأحزاب الطائفية التي يمكن ان تتراجع اذا اقتضت الضرورة ذلك , ووجدت ميزان قوى جديد يخدمها داخل البرلمان .

من السهولة ان تجري كل المساومات بين هذه الأطراف فيما إذا اتفقت على مرشح لرئاسة الوزراء , ودوافع الاستحواذ على هذا المنصب لدى الثلاث , اكبر من ( المزايدة ) الوطنية التي يدعونها في دعاياتهم الانتخابية . والرغبة الجامحة للمالكي للاحتفاظ بالمنصب قد تدفعه بالعودة الى عرينه الطائفي , والاتفاق مع الائتلاف الوطني وهو ما يلوح به للآخرين, وسيكون تراجعا أكثر سلبية من التوقع الأول , وستبقى الساحة عرضة لكل التوقعات والمخاوف ما دامت الرغبات الشخصية هي الأساس في تحديد اولويات الوطن .
 

 

free web counter