| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

السبت 8/3/ 2008



بين الفيدرالية الطائفية وفيدراليات الشركات الامريكية

عزيز العراقي

رفض المجلس الاعلى لقانون المحافظات المتمثل باستغلال ( الفيتو ) الذي يتمتع به الدكتورعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية , وضع باقي اطراف قائمة "الائتلاف " التي تؤيد القانون في مفترق طرق , ويكاد ان يكون الاخطر في مسيرة "الائتلاف" . فمن ناحية ان المجلس انقلب على كل اطراف القائمة ( التيار الصدري , حزب الفضيلة , حزب الدعوة , المستقلين ) الذين ايدوا القانون واعتبروه ملك قائمة " الائتلاف " الذي دخلوا به مهزلة صفقة تمرير القوانين الثلاث ( الميزانية للاكراد , والعفو للسنة ) كحزمة واحدة . ومن ناحية اخرى الاستغلال غير النزيه – كما يعتبرها باقي اطراف القائمة – من قبل الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية لوظيفته التي حصل عليها كممثل ل" الائتلاف " , وليس لحزبه المجلس الاعلى . ومن جهة ثانية وهي الاخطر , حيث انقسمت القائمة الى اتجاهين متعاكسين , الاول : تمثله كل اطراف القائمة , ويدعو للتمسك بوحدة العراق , وضرورة استجابة المحافظات للمصلحة الوطنية , كما في كل دول العالم الفيدرالية . والثاني الذي ينفرد به المجلس الاعلى : يدعو الى استقلال القرار بالكامل للمحافظات بدون اية رقابة وطنية .

من السهولة ان يدرك المرء حجم الصراعات التي ستنشأ لو تمكن المجلس الاعلى من تطبيق نظريته هذه . وهي في الاساس لاتخدم مشروعه الطائفي في اقامة اقليم الوسط والجنوب الشيعي من تسعة محافظات , فليس من المعقول ان ترفض المحافظات ميزات استغلال قرارها المستقل , وتكبل نفسها بالانضواء تحت راية قرارات الاقليم . ويبدو ان تلغيم قانون المحافظات بهذه الصورة , الغرض منه تفجير قانون الفيدرالية بالذات , وقد اكد السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى اكثر من مرّة : مثلما اخذ الاخوة الاكراد , نحن نأخذ مثلهم . في اشارة تبدو الآن واضحة في هذا المسعى , والا ما معنى ان يطرح المجلس محاولة التفتيت هذه بهذا الوضوح؟!

ان مشكلة هذا الطرح لاتكمن خطورته مع باقي الاطراف السياسية سواء كانت شيعية او سنية , ولكن الخطورة تكمن بتأييد بعض الزعامات القوميةالكردية لهذا الطرح . وهي تدرك جيداً ان دوافع المجلس الاعلى هو التناغم مع رغبة النظام الطائفي الايراني في القضاء على فيدرالية كردستان العراق , التي ستجلب له دوامة الاستحقاق المشروع لحقوق القوميات الايرانية غير الفارسية . ورغم هذا الادراك , يفضل هذا ( البعض ) ان يشرذم العراق , وفي احسن الاحوال يبقى في وحدة هشة لايمكن ان تكون نموذجاً محترماً لباقي شعوب المنطقة , على ان لايفقد أي شئ من الامتيازات التي حصل عليها . ويمكن اقرار هذه الامتيازات من ان تكون خاصة بأقليم كردستان لو جرى التعامل بشكل جدي مع القوى الديمقراطية الحقيقية , وليس مع القوى الطائفية التي تكشف عن عدائها يوما بعد آخر للنظام الفيدرالي .

ان تجذر الصراع بين المشروعين الامريكي الداعي في احد جوانبه الى الديمقراطية وعدم مركزية السلطة , وبين المشروع الايراني الداعي لافشال المشروع الامريكي , والمحافظة على مركزية سلطة ولي الفقيه التي هي اهم من كل مقومات الدولة والمجتمع , سيخلق صراعات دموية جديدة اكثر ضراوة من الصراع بين المجلس الاعلى والتيار الصدري , ولايدفع ثمنها الا ابناء العراق . وما دام المجلس الاعلى اعلن بوضوح عن توجهاته , فلا شك ان القوة التي يحصل عليها من النظام الايراني ستكون هي الاساس في اندفاعه هذا. وهذه القوة نفسها ستعمل على تمزيق باقي الاطراف الوطنية الشيعية بعد ان تعجز عن لمها مرة اخرى, مثلما حصل في تشكيل قائمة "الائتلاف ".

تتقطع قلوب العراقيين الحقيقيين ألماً , وهم يرون تقدم صراع المشروعين الايراني والامريكي بهذا الدرجة من الوضوح . والمشروع الوطني العراقي لايزال في طور التشكيل , وكلما خطى خطوة تعثر وسقط , مثلما حصل مع مشروع القائمة " العراقية " , التي حولها رئيسها الدكتور اياد علاوي الى جسد مشلول اثقل منتسبيها بعوقه . ويستجير الكثير من العراقيين بالمشروع الامريكي للحفاظ على وحدة بلدهم المهلهلة اصلاً , امام المشروع الايراني الذي لن يترك للعراقين شئ يمثلهم . وهم يعلمون ان المشروع الامريكي لن ينصفهم ايضاً, وبدل الفيدرالية الطائفية التي يسعى النظام الايراني لتكون قاعدته في العراق , سيعمل الامريكان على وضع اسس فيدراليات شركاتهم العملاقة , الا انها ستترك للعراقيين حرية ترتيب سلطتهم وتعايش قومياتهم واديانهم , والسير في درب الحياة المدنية بعد ان تستنفذ حسم صراعها مع المشروع الايراني . ولايزال الامل قائماً في استنهاض المشروع الوطني الذي لابديل عنه في حفظ كرامة العراقيين , والمحافظة على وحدة وطنهم وارادتهم بين هذه الوحوش .


 




 

free web counter