| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الأثنين 8/10/ 2012



متى كانت المشاعر قوانين تعيد بناء الدولة ؟!

عزيز العراقي

رأينا البعث كلما اشتد عوده وأصبح اكثر قوة , اصبح اقل تسامحا وأكثر قسوة سواء مع منتسبيه الذين يعترضون على بعض سياساته او مع الآخرين , وكلما كان المعارضون اكثر ضعفا كلما اصبح الاستبداد اكثر شدة . المعارضة اليوم في العراق من قبل القوائم الاخرى لقائمة المالكي هي لاجل اقتسام السلطة وليس للدفاع عن المصالح الوطنية المشتركة . وهو فارق كبير تدركه قائمة  رئيس الوزراء كونه لا يهدد وضعها بشكل جدي , وكلما طالت المساومات اكثر كلما خدم تركيز نفوذها اكثر . وهي تدرك ايضا انها لا يمكن ان تنفرد بالسلطة مثل انفراد صدام بها , نتيجة الهيكلية التي وضعتها سلطات الاحتلال للسلطة اولا , وثانيا لاستمرار الصراع بين النظام الايراني والأمريكان . ومثلما استفادت الكثير من الانظمة الفاشية والعسكرية من الصراع بين النظام الاشتراكي والرأسمالي سابقا او ما يدعى "بالحرب الباردة " مثل البعث في العراق وسوريا او نظام القذافي وغيرها من البلدان , نجد الطبقة السياسية العراقية المتنفذة تستنفذ حدود الممكن لتأمين مصالحها من خلال مغازلة طرفي الصراع الخارجي الحالي الذي يبغي السيطرة على العراق. وهو ما اكده القيادي في المجلس الاعلى القبنجي في خطبةالجمعة قبل اسبوعين من : ان الصراع بين ايران من جهة واسرائيل واميركا من جهة اخرى هي  "حرب باردة ".

والسؤال هو : هل من مصلحة الامريكان او النظام الايراني ان تنهض الطبقة السياسية العراقية بمشروع وطني يعيد الدورة الاقتصادية لفاعليتها ؟! ويكون منافسا لما يستورده من دول المشروعين المتنافسين على اقل تقدير ؟! ام ان مصلحتهما ( الوحيدة ) المشتركة استمرار تمزيق الشعور بالمصلحة الوطنية المشتركة للعراقيين تحت تأجيج ( المصالح ) الطائفية والقومية , وهو ما تدركه الطبقة السياسية العراقية المتنفذة التي وجدت فيه المتكأ الاسهل  لتنفيذ نزعاتها ومصالحها الشخصية , ولن يقف بوجهها احدا من شهدائها الابطال ويقول : انني لم استشهد لكي تبيعوا العراق وتستبدلوه بمصالحكم الشخصية .

الطبقة السياسية المتنفذة من حقها ان تستبشر خيرا بقدوم رئيس الجمهورية مام جلال , باعتباره شيخ مشايخ هذه الطبقة , وقد يتمكن من فض النزاعات بين شيوخ ورؤساء هذه الاحزاب المتربعة على السلطة , وقد يتنازل المالكي لغرمائه عن بعض امتيازاته , او يوقف اندفاعه بالاستحواذ الكامل على السلطة ,  اذا شعر بخطورة الموقف وميل الطالباني للغرماء , والمالكي كما هو معروف قد استفاد من تردد الطالباني طيلة الاشهر الماضية . ولكن لماذا يستبشر الديمقراطيون واليساريون وكل اصحاب المشروع الوطني لتدخل الطالباني ؟! وهم يعرفون جيدا ان تدخله لصالح تسوية خلافات المتنفذين . وهل من المعقول ان يستمر السير في ذيل العملية السياسية الخاصة بالمتنفذين وأسيادهم في الخارج ؟! وهل هذا بسبب العجز عن صياغة بدائل وبرامج سياسية ترفض الاستمرار بنهج هذه العملية السياسية , وتكون بديلا يجري العمل والتحشيد تحت مفاهيمها , ام ان غياب الوعي بالمصلحة الوطنية المشتركة لدى اغلبية الجماهير منعت المطالبة بإنهاء هذه العملية  الكسيحة , والقوى الديمقراطية تدرك ان الاحزاب الطائفية وراء استمرار تغيب الوعي الشعبي بمصلحته الوطنية . وفي كل الاحوال يبقى البديل الاكثر جذرية هو في مصلحة الجماهير المنكوبة بنار الانحدار الحالي , حتى وان كان الامل لا يبعث على الامل .

تحت عنوان " الكردستاني : لا حل للازمة الا باتفاق قادة الصف الاول " نشرت صحيفة " المدى " يوم 7 / 10 / 2012 ان " رئيس الجمهورية جلال الطالباني دعا خلال استقباله رئيس الحكومة نوري المالكي الاطراف السياسية الى ابداء نوع من المرونة للحفاظ على المكتسبات الوطنية وتطوير مؤسسات الدولة " . هذا الرجاء لرئيس الجمهورية يكاد ان يكون الوسيلة الوحيدة التي يستطيع ان يمارسها مع الفرقاء الذين ذهبت بهم مصالحهم الى طرق من الصعوبة العودة منها .

يمنح البعض هذا الرجاء من قبل رئيس الجمهورية , والذي هو لا يعدو مشاعر وامنيات , سلطة معنوية . والرجاء مع الكريم سلاح , وقد يتسبب في قتل الكريم ان لم يتمكن من الوفاء للرجاء , ولكن اين تجد الكريم بين مافيات تتسابق على ان يكون العراق اسوء بلد بين بلدان العالم في الفساد والرشوة واللصوصية . والرجاء مع الحليم حلم , ان لم يتحقق سيحاول التعويض عنه . ومن اين تأتي بالحليم ؟! والجميع اسرى ( استيهامات )  اغتصاب العراق ؟! والسؤال : متى كانت المشاعر والآمال قوانين تعيد بناء الدولة وتنظم حياة المجتمع ؟! لكي ينجح رئيس الجمهورية في مسعاه ؟!

 


 

free web counter