| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 8/3/ 2012



التوجهات التي أينعت بعد بول بريمر

عزيز العراقي

نظام المحاصصة الطائفية والقومية التي زرعتها سلطات الاحتلال كوسيلة لاستمرار نفوذها , حتى وان تم انسحاب عسكري ظاهر لها , هو لإبقاء العراق مجردا من مشروعه الوطني , وإيقافه على حافة هشة , قد تنزلق ( عند الضرورة ) الى تقسيم وحدة الوطن لتقييمات بايدن الطائفية . هذه المحاصصة التي استمرئتها الطبقة السياسية الحالية وأحزابها, وعمقتها بإيجاد تفاصيل الاستئثار بجميع مؤسسات ودوائر الدولة والحكومة , تحت لا فتة (التوازن) في أحسن الأحوال. اما السائد , فهو استخدام كل الوسائل للاستحواذ على حصص الآخرين , بما فيها الوسائل الدموية للمليشيات الطائفية وعصابات الغدر لكلا الطرفين , وفي نفس الوقت بين أطراف الطرف الواحد .

على ذات التوجهات التي أينعت بعد ان سقاها بول بريمر الحاكم الأمريكي , وصلت للاستحواذ على آخر المؤسسات التي اتفق عليها ان تكون مستقلة ( القضاء , البنك المركزي , النزاهة , ..الخ ) , والتي اقر تبعيتها للبرلمان فقط . هذه التوجهات ليست المقصود بها المالكي والقائمة الشيعية فقط , بل جميع الأطراف المتنفذة , ولو تيسر لقائمة علاوي السنية البعثية الإمكانية في تحقيق ذات التوجهات الحالية للمالكي, لما تأخرت بممارستها . وتبقى قيادة القائمة الكردستانية بمنجاة عن محاولات الاستحواذ على المؤسسات المستقلة , ليس لطبيعة تكوينها المخالف , بل لأنها تجد القوة الأكبر بصراع قائمتي المالكي وعلاوي . صحيح إنها لا تصب الزيت على النار , ولكنه مدعاة لسرورها عندما يشتد الصراع بين الطرفين , وهو الذي قد يعجل بتقسيم العراق ويسرع من تحقيق الحلم الكردي في استقلال الإقليم .

الناطق باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار البيرقدار , أكد في مقابلة مع صحيفة " المدى " يوم 8 / 3 / 2012 ان : مجلس النواب لم يصادق على رئيس الهيئة او أي قاضي آخر منذ عام 2006 وحتى الوقت الحاضر . وأضاف : ان الدستور ينص على ان تكون المصادقة على قضاة محكمة التمييز الاتحادية من قبل مجلس النواب , ومنذ دورة البرلمان الماضية والى اشهر قريبة ونحن نرسل قوائم القضاة الى البرلمان , ولكن ليس هناك نتيجة تذكر . من جانبنا يتم ترشيح القضاة وفق معايير موضوعية , وان تتوفر في القضاة المرشحين شروط بذاتها ولعل من أهمها الكفاءة والنزاهة والخبرة الكبيرة , وعندما نرسل القوائم الى مجلس النواب يتم رفضها . ويؤكد : هم (مجلس النواب) يريدون ان يخضعوا محكمة التمييز الاتحادية الى المحاصصة , وهذا المعيار نرفضه جملة وتفصيلا , لذا فان حسم هذا الموضوع أصبح شائكا ومعقدا , ونحن نرفض أن نسيس القضاء , وهم يدفعون بعكس ما نريد ".

في ذات الموضوع , أكد عضو اللجنة القانونية البرلمانية حسون الفتلاوي : ان عدم التصويت على القوائم المقدمة من قبل مجلس القضاء جاء بطلب من قائمة المالكي " التحالف الوطني " .

المشكلة ليست بمحاولات المالكي في الاستحواذ على ترشيحه مرة ثالثة لرئاسة الوزراء , كما يؤكد الكثيرون , خاصة بعد ان تمكن من إبعاد منافسيه في القائمة الشيعية , مثل الجعفري , عادل عبد المهدي , بيان جبر , والأديب , والتفرد بزعامة القائمة نتيجة تصديه للقائمة العراقية وإضعافها بمطاردة قياداتها , ولكن المشكلة في التأسيس لمصادرة استقلالية المؤسسات المستقلة , وبالذات القضاء , مما ينسف بطلان أي ادعاء بديمقراطية النظام . . والغريب ان يأتي وسط صمت مطبق من باقي القيادات الشيعية الأخرى . ولا يعرف هل هذا الصمت نتيجة الاستجابة لمشاعر الانتصار الطائفي الذي حققه المالكي , ام هو استجابة لقرارات الراعي الإيراني في تشكيل واستمرار وحدة القائمة الشيعية ؟! ولكنه في الحالتين يؤكد : غياب أي قائد وطني وسط هذه المجموعة .

تزداد خطورة هذا التوجه لأنه يأتي في الوقت الضائع في الصراع المستميت بين المشروع القومي الإيراني الملتحف بالطائفية الشيعية , وبين المشروع الغربي في الاستحواذ على المنطقة . ومن السذاجة السياسية ان يتم التضافر مع المشروع الإيراني لتحقيق انتصارات طائفية , وهو ما يعتقده البعض ذكاء للمالكي , والنظام الإيراني الذي خلق جبهة عالمية لمعاداته على أبواب ضربة مدمرة , ان لم تميته ستضعضعه بالكامل . وبعدها , كلنا نذكر التنكيل الرأسمالي ليس بالأنظمة الاشتراكية المنهارة فقط , بل بسلب إنجازات شعوبها في تأمين السكن والعمل والصحة والدراسة والتقاعد , وباقي إنجازاتها الإنسانية , لتعاد عليها دورة الفقر من القاع . فما بالك بالزبد الطائفي بعد انحسار الموجة الإيرانية واضمحلالها ؟!
 


 

 

free web counter