| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 7/9/ 2011



هل ستفسح الحكومة المجال للتظاهر بحرية ؟

عزيز العراقي

النظام البعثي السوري خرج من المعادلة الإقليمية سواء استمر في السلطة أم أزيح عنها , وكما هو معروف ان هذا النظام استمر ككاسر أمواج للنظام الإيراني في المحيط الإقليمي العربي . ويعتقد البعض ان النظام الإيراني يعمل على تهيئة العراق ليكون بديلا عن النظام السوري في حالة انتهائه , والحقيقة ان إيران عملت على جعل العراق الركيزة الأساس لبرنامجها القومي منذ اليوم الأول للاحتلال الأمريكي عام 2003 . ومثلما وجد الأمريكان في (تحرير) العراق رأس الحربة لمشروعهم العولمي في تطوير أنظمة القبائل العربية في الشرق الأوسط , وانتشاله من سيطرة المد الإسلامي الإرهابي المتمثل بأفكار القاعدة والسنة التكفيريين , وجدت إيران في العراق ما بعد صدام الفرصة الذهبية لمد نفوذها القومي تحت الراية الشيعية .

الروابط التي تربط الشعبين العراقي والإيراني اكبر بكثير من روابط أي شعب عربي مع شعب عربي آخر , ورغم الحرب التي شنها صدام على إيران واستمرت لثمان سنوات , وأثناءها تم استقدام الكثير من الإخوة المصريين وعوملوا باحترام اكبر من المواطنين , ومنح الأردنيون امتيازات مفضلة حتى على العراقيين , واحتفاء الخليجيين بحماة البوابة الشرقية , الا ان هذا كله لم يستطع ان يخلق عشر التلاحم الوجداني الذي يربط بين الشعبين العراقي والإيراني . ليس بسبب وحدة المذهب الشيعي و المراقد المقدسة للائمة الشيعة في المدن العراقية فقط , بل ولتداخل جميع المدن العراقية القريبة من الشريط الحدودي البالغ طوله أكثر من ألف كيلومتر مع المدن الإيرانية في علاقات اجتماعية وعشائرية . ومما زاد في هذا التلاحم الشعبي هو التهجير الذي مارسه النظام المقبور لآلاف العوائل العراقية الفيلية , والتي خلقت قاعدة إنسانية عراقية إيرانية مشتركة من المستحيل فكاك انتمائها الوطني المزدوج بعد مرور أكثر من جيلين على تهجيرها .

النظام الإيراني وجد في هذه القاعدة الشعبية العريضة مرتكزا يمكنه من توسيع مساحة تأثيره ليس على الأحزاب السياسية الشيعية فقط , بل بربط مصلحة هذه القاعدة الاجتماعية الكبيرة بإيران , فبادر إلى منح اغلبهم الجنسية الإيرانية عند سقوط النظام الصدامي بعد ان حرمهم منها لمدة ربع قرن . وأوجد مولدات اقتصادية كبيرة لربط مناطق الوسط والجنوب الشيعي بإيران , مستغلا انهيار الصناعة والزراعة وباقي النشاطات العراقية الأخرى , واخذ العراق يستورد كل شئ من إيران ابتداء من الكرفس الى الحديد والصلب . وقد بلغ مجموع الشركات الإيرانية العراقية المشتركة أكثر من خمسة آلاف شركة في الثلاث سنوات الاولى من سقوط صدام حسب ما سربه احد أعضاء غرفة تجارة طهران , ووصل تغلغل النظام الإيراني لرفع صور المرحوم الإمام الخميني وولي الفقيه علي خامنئي في المدارس ومقرات الأحزاب وبعض الدوائر الرسمية .

إيران عملت وتعمل على ان تجعل العراق جزء عضوي من نظامها , وساحة متقدمة في صراعها مع الأمريكان والغرب, ولذلك لا تتساهل مع أية طروحات خارج هذه الرؤيا من قبل الأحزاب الشيعية العراقية , ولا غرابة ان لا تجد أي من هذه الأحزاب يستطيع ان يعمل بأولوية المصلحة الوطنية , خوفا من حجم الدمار الذي سيلحقه به النظام الإيراني .

ولكي لا يتوهم احد بالتعويل على الأحزاب السياسية الشيعية التي تقود السلطة بأنها ستستجيب للمطالبات الجماهيرية قبل استجابتها للمصلحة الإيرانية القاضية بأولوية الصراع مع الأمريكان واستمرار العراق كسوق لجميع السلع الإيرانية . وكذلك لا يمكن التعويل أيضا على الأحزاب الكردية التي انشغلت بهمومها القومية , او الاعتقاد بان القائمة العراقية وباقي فلول البعث والسنة التكفيريين سينهضون ويستجيبون للمطالبات الجماهيرية .

والسؤال : هل ستفسح الحكومة المجال للتظاهر بحرية ؟ والجواب لن يكون نعم .

ولعل انسحاب التيار الصدري وتنكره لدعواه بالذات , التي منح فيها الحكومة ستة اشهر لكي تنهض بالتحسن الفعلي للخدمات , ومنعت عناصره الكثيرين الذين يريدون التوجه لساحة التحرير والمشاركة في الاحتجاجات بحجة قلة المئة يوم التي حدد فيها المالكي كمهلة لتحسين الخدمات , يوضح الموقف الحقيقي للحكومة والأطراف المكونة لها , وستستخدم مثل السابق كل الوسائل لمنعها .


 

 

free web counter