| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 7/2/ 2012



ما بين سطور اللقاءات التحضيرية للمؤتمر الوطني

عزيز العراقي

الساحة السياسية العراقية أشبه بالبورصة في مضاربات رجال القوائم المتنفذة الثلاث , ويبدو ان كلمة بورصة كبيرة على وصف هؤلاء , فالبورصة تحتاج الى خبرة في السوق , وعلى الأقل إلى معرفة في الحسابات . الأكثر مقاربة لنزعات هذه القيادات هم باعة الخضروات الذين يحسبون الأرباح قبل بيع حاجياتهم , ويعرضونها وفق ما يطلب منهم بعدم السماح في الاختلاط بين الخيار والطماطة على بسطة واحدة , وفي أحسن الأحوال ان تحتشم الطماطة , ولا تعرض بطريقة " ربي كما خلقتني " أمام صلافة نظرات الخيار والجزر . الفصل بين ثنائية الخيار والطماطة يأتي معاكسا لثنائية طالبان السنية التي تحرم أيضا الاختلاط بين الشجر والباذنجان , باعتبارهم مثليين .

بهذا المنهج الجدلي فقط , يمكن فهم تصريحات القيادي في حزب الدعوة , ووزير التعليم العالي الدكتور علي الأديب, المنشورة في اغلب المواقع الالكترونية نقلا عن " السومرية نيوز " يوم 6/2/ 2012 , التي يقول فيها : المشروع السياسي امتداد " للعدل الإلهي " ويدعو لحكومة أغلبية . يعتقد الأديب بعد التهويمة التي لعبت برؤوسهم نتيجة نجاح صولة المالكي في مطاردة الهاشمي وطرد المطلك , ان بامكانهم الكشف عن طموحاتهم التي انتفخت أكثر بعودة العراقية الى حضيرة العمل الحكومي . وكأن العراق عجينة يمكن تشكيلها وفق ما تريد قيادة حزب الدعوة ما دام انها نجحت في إضعاف العراقية .

الجميع يريد " العدل الإلهي " العدل الحقيقي الذي لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد , ويتساوى فيه الجميع مثلما خلقهم الله سبحانه وتعالى أحرارا . والجميع لا يريد , ولن يسمح , ان ينفرد حزب الدعوة بالسلطة تحت اسم "حكومة أغلبية" , بما فيهم الأطراف الشيعية الأخرى التي تتكئون بالأغلبية عليها . والجميع يعرف ان هذه الأغلبية لم تتشكل إلا بعد إعلان نتائج الانتخابات, وبضغط إيراني .

المشكلة ليست بالأحلام غير المشروعة لقيادة حزب الدعوة , ونزعته للانفراد بالسلطة , بل بمجمل الحركة السياسية التي أثبتت فشلها في النهوض بالعراق , كما أكد زعيم اكبر قائمة فازت في الانتخابات أياد علاوي . وفي الوقت الذي ضعفت فيه فاعلية الأحزاب الشيعية الأخرى المؤتلفة مع حزب الدعوة , نتيجة نجاح المالكي في تعزيز الهيمنة الطائفية التي تهمهم أيضا , نجد العراقية التي أنهكتها التمزقات , والضربات الأخيرة للمالكي , تتلمس طريقها للتشبث الذليل بحصتها الحكومية . ونتيجة فقدانها لمشروع وطني يوحد عمل فصائلها , نراها غير قادرة للتصدي في رفع راية المعارضة البرلمانية النزيهة .

لعل الكثير من العراقيين كانوا يعولون على القائمة الكردية في قيادة السفينة العراقية , وانتشالها من التردي الذي سقطت فيه , خاصة بعد ان انساقت أكثر , كتلة القيادة الشيعية لمصلحة المشروع الإيراني بعد ( الانسحاب ) الأمريكي ., وتشتت القائمة العراقية في دروب بحث فصائلها عن موطئ قدم في ساحة العملية السياسية . الا ان القائمة الكردية لا تزال رهينة الصراعات التي نشأت عند تشكيل الإقليم قبل ما يقارب الربع قرن , ولا تزال الإدارة المزدوجة للإقليم بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني , والديمقراطي بزعامة البرزاني . ورغم التقدم الظاهر في الإقليم , الا ان أرضية الحراك السياسي لا يقل كيدية وشراسة عن باقي مناطق العراق اذا اقتضت ضرورة المصالح الحزبية والشخصية ذلك .

القوائم الرئيسية الثلاث , لم تجد مصلحة عراقية موحدة يجري الاختلاف على طرق ووسائل تحقيقها . القوائم الثلاث تختلف كما يؤكد الجميع , على إعادة توزيع تحاصصها من السلطة , وعليه فلا طريق أمامها, بعد ان حصل المأزق الذي خلقوه لأنفسهم , الا بالعودة الى التفاوض , وليكن تحت اسم " مؤتمر وطني " او " لقاء وطني " , او أي اسم آخر يحسم لهم استمرار بقاء شراكتهم لنهاية الدورة الانتخابية الحالية , وحسب الحجوم التي استقر الوضع عليها الآن .
 

 

 

free web counter