| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الجمعة 6/1/ 2012



بين المؤتمر الوطني وتطلعات الشارع العراقي

عزيز العراقي

يعتقد الكثير من العراقيين ان نجاح أو فشل المؤتمر الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لا يتعلق ببرنامج المؤتمر , أو بالنقاط التي سيتم بحثها , ولا حتى بضرورة عقده في بغداد كما يصر الطرف المالكي او في اربيل كما تريده الأطراف الأخرى, ولكن المشكلة بمن سيشارك فيه . ورغم وجود خلافات سياسية كثيرة بين مختلف الأحزاب والمكونات العراقية , وبعضها وصل الى حالة الصراع الدموي في فترات سابقة مثل ما حصل بين التيار الصدري والمجلس الأعلى , الا ان القناعة بضرورة التعايش وقبول الآخر رغم تباطؤ حصولها فرضت الكثير من حالات إنهاء الصراع والوصول الى المشتركات, ولو ان البعض يتحدث بها ويطالب الآخرين باستيعابها , ولكنه يصر على تجاهلها مستقويا بالسلطة التي يمتلكها .

الخريطة السياسية التي يجدها العراقيون أمامهم, هي ان الخلافات بين الأحزاب والكتل السياسية ليس بسبب برامجها السياسية , بل على زيادة مساحات النفوذ والسلطة التي بحوزة كل واحد منهم . وهذا التقاسم يمكن إعادة توزيعه باتفاق جديد , او بالعودة الى بنود اتفاقية اربيل قبل الانقلاب عليها من قبل المالكي وجماعته بعد ان ضمن تكليفه برئاسة الوزراء . وليس غريبا ان لا توافقه بعض الأطراف الشيعية من بين قائمته الجديدة (التحالف الوطني) على هذا الانقلاب.

يقول المثل العراقي " مهروش وطاح بكروش " وهذا ينطبق على جميع الطبقة السياسية المتنفذة , فهم حديثي نعمة في سلطة لم يكونوا يحلموا بها , و لم يتعلموا احترامها وشروط المحافظة عليها طيلة هذه السنوات التسع , بل التمتع بها فقط . المالكي وجماعته وهم جزء من حزب الدعوة , كانوا أكثر المهروشين للاحتفاظ برئاسة الوزراء , وهو الذي حصل عليه بظروف تندر ملابساتها حتى في أفلام الكارتون , وفرضت عليه ان يعطي وعود كبيرة للجميع , وفي مقدمتهم زعيم القائمة العراقية وغريمه علاوي , الذي اقر له بمجلس السياسات العليا بعد ان تنازل له علاوي عن حقه الدستوري في تشكيل الوزارة . وبعد حصوله على المنصب تنكر للجميع وأراده أن يكون بصلاحيات مطلقة على الوزراء , رئاسة الجمهورية , البرلمان , السلطة القضائية , وباقي الهيئات المستقلة (النزاهة , الانتخابات ..الخ )التي نجح أخيرا في جعلها تتبع لرئاسة الوزراء, مخالفا لأبسط شروط الدستور . هذا النهج فرض عليه ان يكون مخالفا للجميع الذين يطالبون باستحقاقات حجومهم , ولهذا سيعمل المالكي على إفشال المؤتمر إن لم يتمكن من إعاقة التئامه .

العراقيون لا يهمهم المؤتمر إن هو يبغي الوصول إلى إعادة اقتسام النفوذ كما يريده الطرفان المتنازعان , العراقيون يهمهم ان لا يتحول الصراع الى نزاع دموي يذهب ضحيته آلاف العراقيين الأبرياء . والسيد رئيس الجمهورية إذ أراد النجاح للمؤتمر , وأراده فعلا ان يكون في خدمة العراق والنظام الديمقراطي المنشود, ان يوجه الدعوة للجميع ويستثني المالكي ومجموعته , وأطراف من العراقية لا تقل حبا للتسلط عن المالكي . ورئيس الجمهورية يدرك أفضل من غيره ان نزعات هؤلاء هي السبب الحقيقي في الوصول الى هذا المأزق , ولم تعد المسألة خافية على العراقيين , فلا الخلاف حصل حول تغيير المواد المتفق على تغييرها في الدستور الكسيح , ولا الخلاف حول قانون الانتخابات , او الإحصاء , او قانون النفط والغاز , او المادة 140 ... ولا على أية نقطة خلاف جادة لإعادة بناء الدولة , وتشكيل النظام ( الديمقراطي ) الذي أكلوا رأسنا به . وسيحول الطرفان قاعة المؤتمر الى ساحة للمزايدات ب( الشرف ) الوطني , ويفرغون المؤتمر من أي اتفاق حقيقي يمكن التعويل عليه .

من المؤكد ان رئيس الجمهورية لن يجرأ على اتخاذ هذه الخطوة , رغم ان الجماهير العراقية المكتوية بنار تسلط هؤلاء ستقف جميعها خلف هذه الخطوة ( التاريخية ) لو حصلت , وعزل هؤلاء سيعطي المؤتمر زخما أقوى في اتخاذ القرارات المصيرية , وسيحظى بتأييد كل الشرفاء في حزب الدعوة والتحالف الوطني والقائمة العراقية . والحل الآخر الأسهل والأكثر جذرية أمام رئيس الجمهورية هو في حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة , و (عسى) ان يجد العراقيون أنفسهم وينتخبوا من يمثل حقيقة مصالحهم . ولو ان العراقيين لا يعولون على الرئيس في اتخاذ أي من الخطوتين .

 

 

 

 

free web counter