| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الخميس 6/3/ 2008



ما يوحد المشروعين الامريكي والايراني في العراق

عزيز العراقي

بعد ان تم اسقاط النظام الصدامي وتسليم جزء من السلطة لاحزاب المعارضة التي كانت تدعي ان همها الاول هو انقاذ العراق , توضحت حقيقة توجهاتها السياسية بعد ان تمحورت في اطار المكونات العرقية والطائفية . فالقيادات القومية الكردية رغم تأكيداتها على رغبة البقاء داخل الكيان العراقي , تصرفت على ارض الواقع بمؤثرات النزوع ( العجول ) لتأكيد خطوات استقلالية , وفي احسن الاحوال العمل على جعل اليد الكردية هي الاطول في تشكيل البناء الاداري للعراق الجديد . وهذا ولد لها اشكالية مع المكونات الاخرى التي تتعامل بنفس الروحية , وانعكس ذلك واضحاً في تعامل قيادات هذه الاطراف مع القيادة الكردية خلال الشهرين الاخيرين . فبعد ان كان الاكراد يشكلون ( بيضة القبان ) في المعادلة السياسية العراقية , والكل يبغون ودهم . انقلبت هذه القيادات من الشيعة والسنة ووصلت حد الشماته عند بعضها بالاجتياح التركي المجرم لكردستان العراق . واذ كنا نفهم ترسبات سياسة النظام الصدامي وباقي الحكومات العربية التي تعاقبت على حكم العراق لدى البعض من السنة في عدم استيعاب الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي , فأننا لانفهم السبب لعدم استيعاب بعض الاطراف الشيعية للحق الكردي , الا اذا ربطناها بالمصلحة القومية للنظام الطائفي الايراني , الذي لايريد ان يمنح الحقوق القومية المشروعة لباقي القوميات الايرانية غير الفارسية . وهذا يؤكد عدم صدق النوايا التي وقعت على عقد العراق الديمقراطي الجديد . والمشكلة الاخرى للقيادة الكردية , انها تعتقد ان بأمكانها انتزاع كل الحقوق القومية الكردية من خلال علاقتها التي تعتقد ايضاً انها ( حميمة ) مع ( الحليف )الامريكي .

من الجهة الاخرى , انشغلت الاحزاب السياسية الشيعية التي تقود السلطة بالصراع على تقاسم النفوذ دون الالتفات لاعادة بناء الدولة , وبعد خمس سنوات اصبحت الدولة بكل مؤسساتها التي ينخرها سرطان الفساد والمحاصصة , اكثر ارتكازاً على السلطة وليس العكس . ومثلما سقطت الدولة عند انهيار صدام ستسقط اجهزة الدولة الحالية حال حدوث أي طارئ جدي . والانشغال الآخر والاكثر خطورة لبعض الاحزاب الشيعية , عندما وضعت نفسها في ترابط عضوي مع تطلعات النظام الايراني , رغم تأكيداتها على انها تعمل لايجاد تفاهم بين الامريكان والايرانيين لصالح العراق . ومثلما تدرك هذه الاحزاب بعدم امكانية وجود أي تفاهم ( ستراتيجي ) بين الطرفين, والصراع لابد ان ينتهي بانتصار احدهما على الآخر , فأن الامريكان يقبلون بأدعائات هذه الاحزاب في المرحلة الحالية لحاجتهم اليها في تهدئة الصراع , والعمل على دفع النظام الايراني لارتكاب حماقات اكثر ,
سواء عن طريق اصراره في الاستمرار ببناء مشروعه النووي مثار الجدل , اوتحقيق طموحاته القومية في المنطقة عن طريق اثارة النعرات الطائفية , او القضاء على اسرائيل , ليكون في ذات موقع النبذ الذي وضع فيه صدام .

سلوك احزاب الكتلتين الكردية والشيعية بالتضافر مع جرائم عصابات البعث والسنة التكفيريين , سهل رغبة البعث الذي يأخذ المساحة السياسية الاكبر على الساحة السنية , في اعادة العلاقة ( التاريخية ) بينه وبين الامريكان . واعاد الثقة للامريكان بأنهم الوحيدون الذين يستطيعون الوقوف بوجه تطلعات المشروع القومي الايراني . والمشكلة ليست في حظوة البعثيين عند الامريكان فقط , بل في اعتبارهم عند اطراف اخرى , وبالذات الانظمة العربية الرسمية وغير الرسمية , على انهم الاكثر وطنية في الدفاع عن الحقوق العراقية . ان تصريحات صالح المطلك وضافر العاني والهاشمي ومن شاكلهم – في الدفاع عن وحدة وسلامة العراق - هي الحق الذي يراد به باطل . والامريكان يعرفون جيداً , ان المشروع الوطني للبعثيين هو عودتهم الى السلطة , وسيدعمونهم بكل الطرق , ليس حباً بالبعثيين , بل كونه يتماشى مع مصالحهم .

ان الامريكان والايرانيين يعملون جاهدين لاضعاف المشروع الوطني الحقيقي , وهذه النقطة هي الوحيدة التي توحد بين المشروعين المتصارعين . واذ تحمل المشروع الوطني طعنة رئيس القائمة ( العراقية ) الدكتور اياد علاوي , في تخليه عن برنامج القائمة الذي شكل اساس جيد للمشروع الوطني , واعاد الامور للمربع الاول .
نجد في نداء مدنيون الذي اطلقه السادة حميد مجيد موسى ونصير الجادرجي وعبد الإله النصراوي ( من اجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق ) اساس جيد لتشكيل اطر المشروع الوطني العراقي . وليس من الجدوى استمرار التشتت والضياع في اعلان مشاريع وتكتلات جديدة . والخريطة العراقية اليوم اكثر وضوحاً , فالمشروعين الامريكي والايراني , وطريقهما اكثر سهولة , واسرع في تحقيق المكاسب الشخصية . والطريق الوطني الصعب المحارب من كل الاطراف التي تريد ان تنهش العراق , ولكنه الوحيد الذي سيحفظ الدين والقومية والمساوات والرفاه لكل العراقيين .




 

free web counter