| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأربعاء 6/2/ 2008



8 شباط وعودة الذئاب الديمقراطية

عزيز العراقي

يؤكد الكثيرون ان قرار بريمر في حل الجيش كان يقصد منه الاستحواذ على ادارة العراق , وجعل حبل القيادة بيد القوات الامريكية فقط . وما من شك ان هذا القرار ساهم بشكل جدي في خلق ارضية للمقاومة (الشريفة), وسهلت التوافق ليس بين عصابات البعثيين ومجرمي " القاعدة " فقط , بل وسحبت اليها بعض المتضررين من هذه القرارات , والذين ليس لديهم يد في جرائم النظام الصدامي . والذي لاشك فيه ايضاً , ان حالة التردي والتمزق الدموي التي وصل اليها العراقيون , ليست بسبب قرارات سلطات الاحتلال فقط , بل والاهم هو الفشل السياسي الذي رافق القيادات السياسية العراقية منذ سقوط النظام ولحد الآن .

كان ابرز تجليات هذا الفشل هو فقدان المشروع الوطني العراقي , وتحول العراق ومقدراته الى ساحة الصراع الرئيسية للمشروعين , القومي الايراني وطموحه في السيطرة على مقدرات دول الاقليم النفطي , والدخول كلاعب اساس في رسم السياسات الدولية . وبين المشروع الامريكي المتفرد في زعامة العالم , والذي لايسمح حتى لحلفائه الغربيين بموازاته في قيادة العولمة .

ان مشروع اقتسام العراق الذي طرحه النظام الايراني عن طريق ممثليه في البرلمان , باقامة اقليم الوسط والجنوب الشيعي الغني بالنفط , وما رافق ذلك من تقوية المليشيات الشيعية , واختراق الاجهزة الامنية والشرطة – الحديثة التكوين – من قبل هذه المليشيات , وتعميم الجريمة , وبالذات جرائم التهجير الطائفي , واشاعة ثقافة (الامر بالمعروف والنهي عن المنكر) على ايدي حثالات هذه المليشيات , وامعانها في قتل النساء , وارهاب باقي الطوائف , ومحاربة كل مظاهر الحياة المدنية . وفي نفس الوقت يجري دعم عصابات " القاعدة " السنية لخلق حالة عدم الاستقرار القصوى . ليس لاشغال الامريكان فقط , وابعادهم عن التعرض للنظام الايراني - ثالث انظمة محور الشر - كما حددتها الادارة الامريكية . بل ولخلق الاسس الضرورية لمشروع اقتسام العراق عن طريق اقليم الوسط والجنوب الطائفي . ولابد من الانتباه ايضاً لاستثمار مئات الملايين من الدولارات على مئات المشاريع الثقافية (التبليغية) , والشركات الاقتصادية ومؤسسات تملك وادارة الفنادق , والسيطرة على السياحة الدينية ومراقد الائمة الاطهار , واستغلال المناسبات الشيعية لتشجيع مظاهر التخلف والبدائية , مثل اشاعة ضرب الزنجيل والقامات الممنوعة في ايران , لشحن عواطف الانتماء الطائفي , وربط (الاقليم) بشكل عضوي بالنظام الايراني .

وامام هذا الخطر الحقيقي جدد الامريكان حساباتهم , واعادوا تأهيل الحليف القديم , ومستودعهم عند الحاجة (البعث) . لغرض ايجاد الموازنة مع ارضية النفوذ الايراني من الاحزاب الشيعية . واتخذ التأهيل اشكال عدة, من بينها علاقات مباشرة مع بقايا فصائل البعث , وايجاد تسمية اكثر تميزا من مفهوم السنة بأسم " صحوة العشائر " . والضغط باتجاه المصالحة الوطنية , واقرار قانون المساءلة والعدالة بدل قانون اجتثاث البعث . وتجدر الاشارة الى ان المعارضة الحادة التي ابداها المجلس الاعلى تجاه اقرار هذا القانون , ليست بسبب الرغبة في اجتثاث افكار وجرائم البعث , وتخليص العراق من ترسبات هذه السفالات , بقدر ماهو منع تقارب البعث مع الامريكان . والكل يعرف ان جرائم المليشيات الشيعية لا تقل بشاعة عن جرائم البعث .

الكثير من المؤشرات تدلل على ان القوى العراقية الحقيقية ان لم تتمكن من النهوض بالمشروع الوطني , واخذ زمام المبادرة لتفعيل العملية السياسية باتجاه الافق المفتوح لخير كل العراقيين , فأن البعثيين مثلما نجحوا بالادعاء بأنهم وحدهم المدافعين عن وحدة العراق , وضد المشروع التقسيمي الطائفي الايراني , وتمكنوا من اقناع الامريكان والانظمة العربية بذلك . سينجحون هذه المرّة ايضاً , بكونهم القادرين على اعادة بناء الدولة (المفككة) التي فشلت في تشكيلها الكيانات الطائفية الشيعية والقومية الكردية . واصبحت مستنقعاً لكل انواع الفساد والرذيلة , والسبب الرئيسي في صراع اللصوص من كبار القيادات السياسية . ولا مجال لنهوض العراق الا بعودتهم (الميمونة) . وعندها سيعاد النظر بكل ما افرزته المرحلة الحالية .

بغض النظر عن التصريحات الدبلوماسية الامريكية (التخديرية) بدعم حكومة المالكي , وبقدر ما تآكلت وحدة قائمة " الائتلاف " , وتمزق الثقة الكردية الشيعية , تتطور العلاقة (الحميمة) بين الامريكان والبعثيين . ويبقى وضع العراق معلقاً بتطور الصراع بين الامريكان والايرانيين , ولا حل بدون انتصار احدها على الآخر .


 




 

free web counter