| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 4/1/ 2012



أين الصوت الداوي للمرجعية ؟!

عزيز العراقي

يؤكد علماء الاجتماع على ان انتصار الرأسمالية خلق تعميم لقيم السوق على مفردات الحياة اليومية , ومن خلال العولمة امتد تأثيرها الى مختلف شعوب المعمورة , وسعر السوق الذي أساسه العرض والطلب وحساب الربح أصبح المرجعية الأولى , واضعف أو أدى بحياة الكثير من المرجعيات التي تنظم الحياة البشرية , وتعتمد على قوة مثلها في توجيه مجموعة القيم النبيلة التي تنهض بجوهر الإنسان في الدفاع عن مصلحة المجموع , ومن بينها مرجعيات أدبية وفنية وسياسية وحزبية ..الخ . هذا التراجع في قيم الانتماء الاجتماعي لصالح الانغلاق الذاتي (ألاستئثاري) اخذ ينمو بشكل واضح وسريع في المجتمعات المستقرة والمتطورة حضاريا , والتي تمكنت من تثبيت نظمها الديمقراطية مثل الدول الغربية , فما بالك بالمجتمع العراقي الذي لم يخضع الا لمرجعية واحدة هي دموية نظام صدام؟!

ليس المقصود بالقول ان أكثر من ثلاثين عاما من الحكم ألبعثي إضافة لسنوات الحصار الظالم هو لتأكيد أسباب تفكك القيم التضامنية في المجتمع العراقي , بقدر ما هي للتذكير في عدم الثقة التي استحوذت على العراقيين بأغلب مرجعياتهم الحياتية وهو احد صور هذا التفكك, ووجدوا أنفسهم في زلزال التغيير وراء المرجعية الدينية في النجف الاشرف لأسباب عدة , من بين أهمها التعبير عن وجدانية المذهب الشيعي التي حرموا من التعبير عنها طيلة هذه العقود . وأصبحت المرجعية صاحبة القول الفصل في الكثير من الأمور , ليس للشيعة فقط بل ولجميع العراقيين بعد ان عززت مكانتها أكثر عندما وقفت بحزم ضد الاقتتال الطائفي . ولعل موقف آية الله العظمى السيد السيستاني في المطالبة بإجراء الانتخابات المبكرة والإسراع بكتابة الدستور ابرز تأثيراته في سير توجهات العملية السياسية الحالية .

لاشك ان مطالبة السيد السيستاني في إجراء الانتخابات العامة وكتابة الدستور جاءت نتيجة اعتقاده بأنها الطريق الأسلم لتثبيت السلم الاجتماعي والسير بالعراق للمستقبل المنشود . إلا اننا اليوم وبعد تسع سنوات من الصراع الدامي في أكثر الأحيان , أمام مفترق طرق لا يؤدي الى احتراب طائفي فقط , بل ولتمزيق وحدة العراق الى كانتونات لا يعرف عددها إلا الله سبحانه وتعالى . ونحن نعرف ان المرجعية الشريفة في النجف لا تزال على راس المرجعيات التي تحظى باحترام جميع العراقيين , وأمام مفترق الطرق الحالي والذي مضى عليه فترة ليست بالقصيرة , ,لم تبادر لحد الآن باتخاذ موقف جاد يضيّق شقة الخلاف ويلجم نزعات توسيع الصراع, ويعود بالمسيرة الى جادة الصواب, عدى خطبة وكيل المرجعية السيد الكربلائي الجمعة الماضية في الصحن الحسيني الشريف في كربلاء , والتي وضح فيها ضرورة استخدام العقل في معالجة الوضع الحالي , وهو كلام عام لا يوجد فيه تحديد .

العراقيون يناشدون مرجعية السيد السيستاني وباقي آيات الله العظام بالتدخل الجاد لوقف التدهور الذي قد يحصد أرواح آلاف الأبرياء لو حصل لا سامح الله . وهم يدركون جيدا ان وقفة جادة مثل وقفة إجراء الانتخابات والإسراع بكتابة الدستور ستساعدهم في تجاوز هذا الوضع, والتي يقول البعض عنها إنها سبب المشاكل المستعصية الحالية , لان العراقيين لم يترك لهم الوقت لإعادة تأهيل أنفسهم بفترة انتقالية تمكنهم من معرفة تحديد اولوياتهم . نعم العراقيون يدركون حجم التأثير المعنوي الحاسم لتوجيهات المرجعية الكريمة , والعراقيون اليوم بحاجة هي الاعمق على مدى تاريخهم الطويل للحفاظ على وحدة وطنهم وتجنيب الشعب من مذابح لها اول وليس لها آخر . فأين صوت المرجعية الداوي في هذه المحنة ؟! والجميع يعرف الدعم الذي حصلت عليه بعض القيادات السياسية الشيعية من المرجعية للفوز بهذه المناصب .

        

 

 

 

 

 

 

free web counter