| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 31/1/ 2012



"المؤتمر الوطني " وصراع مصالح القوائم المتنفذة

عزيز العراقي

التراجع الذي أظهرته القائمة العراقية خلال الأيام الأخيرة في العودة للمشاركة بالنشاطات الرسمية , قوبل بالاستحسان من الكثيرين . وليس غريبا ان يأتي اغلب هذا الاستحسان والمديح على لسان نواب في " دولة القانون " قائمة رئيس الوزراء المالكي , وليس هذا المديح والتبريك من باب ترجيح كفة العقلانية التي تصرفت بها العراقية بعودتها عن موقفها السابق المعادي لكل العملية السياسية كما أعلن الكثير من العراقيين الحريصين على سلامة العراق , بل من باب قبولها بالأمر الواقع , والقبول بنتائج الهجمة التي قادها رئيس الوزراء , سواء بالتشهير الإعلامي او بمطاردة الهاشمي وطرد المطلك , أو التعامل مع وزراء العراقية كموظفين عاديين عندما وجه الأمر لإدارات وزاراتهم بعدم الالتزام بقرارات الوزير .

العيب ليس في التراجع عن القرار الخطأ والعودة للطريق السليم الذي باركه للعراقية اغلب العراقيين , لكن العيب , كل العيب في محاولة الالتفاف على الإجماع الذي حصل لالتئام " المؤتمر الوطني " وتحويله الى " لقاء وطني " للتهرب من القرارات التي ستكون ملزمة لكل الأطراف . وأولها قائمة رئيس الوزراء , الذي لم يتمكن هو وقائمته من إدارة الصراع بسلاسة على الأسس التي حددها الدستور واتفاقات اربيل , واندفاعه لاستغلال نفوذه ليس في التخلي عن اتفاقية اربيل فقط , بل والاستحواذ على مفاصل الدولة وفي مقدمتها الملف الأمني المتمثل بوزارتي الدفاع والداخلية التي ظلت تحت إمرته المباشرة . ويرى كثيرون ان المالكي ومجموعته وجد في ترويض العراقية والكردستانية النهج الذي يضمن له استمرار قيادة الكتلة الشيعية , ويحوز على رضا وتأييد الراعي الإيراني , وباقي أحزاب كتلته التي يهمها أيضا استمرار هيمنة الكتلة الشيعية في إدارة وتوجيه العملية السياسية .

لا توجد حاجة لتكرار خلق العوائق التي حاولت إفشال المؤتمر قبل التئامه والتي يعرفها الجميع , مثل مكان انعقاده ووصولا لجعله لقاءا عاديا . والنجاح في الخروج من الأزمة ليس متعلقا بمن يحضر المؤتمر , بقدر ما هو مرهون بتغير النهج الذي تتبعه القوائم الرئيسية الثلاث التي سببت بهذا الاستعصاء . وعندما تتمكن القائمة الكردية من ترك نهج الاستفادة من صراع القائمتين , والعمل على أولوية استكمال شروط الجمهورية الفيدرالية التي يرأسها ( الطالباني ) قبل الاستعجال بتظهير استقلالية الهيكل الكردي , والذي يؤكد استحالة استقلاله في المستقبل القريب الكثير من السياسيين الأكراد . وما لم يتخل المالكي ومجموعته عن نزعته في الاستحواذ على ما يمكن الاستحواذ عليه من مساحات جديدة في السلطة بدون وجه حق , مما وضعه الكثيرون في خانة الدكتاتورية , وما لم يعط الأولوية أيضا للمصلحة الوطنية ويبتعد عن الاتكاء على النظام الإيراني, فلن تقوم قائمة لا للمؤتمر الوطني ولا لغيره .

القائمة " العراقية " ليست بالتماسك الطائفي المحدد مثلما هي " دولة القانون " او " التحالف الوطني " , القائمة العراقية " من كل زيج ركَعة " كما يقول العراقيون في وصف التلطيش . فهي بعثية , سنية , قومية , عشائرية,إقطاعيات شخصية , ولكنها مجتمعة تحاول الاستفادة قدر الامكان من الصفة الطائفية المدعومة من السعودية ودول الخليج وتركيا. والمحيط الإقليمي السني لم يجد غير العراقية ما يمكن دعمه بعد انهيار الفصائل المتطرفة الأخرى مثل جماعة الضاري او جيش عمر لتثبيت الإسلام السني في مواجهة الإسلام الشيعي وخلفه الزحف الإيراني . وما لم تتخل " العراقية " عن اللهاث وراء الدعم الإقليمي الطائفي وتتحول لتبني المشروع الوطني بعيدا عن نزعات الزعامة الشخصية لعلاوي أو لغيره , فلا جدوى من عقد المؤتمر .

نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس , من القلة التي لا تزال تملك مصداقية في أفعالها وأقوالها . وقد أكد لوكالة " اكا نيوز " يوم 27 / 1 / 2012 على : " ان العراق الآن على شفا حرب أهلية وطائفية , لافتا إلى انه إذ لم يتم معالجة المشاكل فأن الأوضاع ستتعقد أكثر " . ومن جانب آخر , ان لم يتم دعوة الأحزاب الوطنية النزيهة غير المشاركة في السلطة , ومنظمات المجتمع المدني , والإعلام الحر , فسيكون حال " المؤتمر الوطني " أشبه باليتيم الذي فقد والديه وبقى وحيدا وسط مجموعة لا تريد الا نهشه واقتسام ميراثه .

 

free web counter