| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الخميس 30/8/ 2012



حرامي الهوش وفلسفة راس المال

عزيز العراقي

لا يزال البعض يناشد قيادات القوائم السياسية الرئيسية الثلاث التحالف الوطني والعراقية والكردستانية , التي استأثرت بالسلطة التشريعية والتنفيذية , ومدت يدها للاستيلاء على جميع المؤسسات المستقلة التي اقرها الدستور ومن بينها سلطة القضاء , يناشدونها ويوضحون لها طرق ووسائل تعميق الارتكازات الوطنية . وكأنهم لا يعرفون هذه المرتكزات , ولم يأتوا لمواقعهم الا عبر اللافتات والشعارات الوطنية التي رفعتها أحزابهم عندما كانت في المعارضة لصدام , ودفعت الأثمان الكبيرة طيلة تاريخها المعارض , وعلى سبيل المثال حزب المالكي ( الدعوة ) . ورفعت هذه الشعارات مرة أخرى وبرايات أعلى عندما دخلت الانتخابات لتخدع الجماهير ومعها مرجعياتها الدينية التي ساندتها . ولعل العلاقة الحالية بين المرجعية الدينية في النجف الاشرف التي رفضت الالتقاء بأي من هؤلاء المسئولين لأكثر من سنتين , وبين هذه الأحزاب التي تجاوزت حدود المعقول في التنكر لما وعدت به , ما يوضح عدم جدوى المناشدات , واستحالت عودة هذه القيادات لمنطق العقل والشعور بالوطنية .

في روسيا كونها الصورة الأقرب لنا والأوضح لتشكيل الطبقة الرأسمالية الطفيلية التي اعتمدت على السلطة أولا , ومن خلالها تم شراء مؤسسات الدولة والمعامل الإنتاجية وجميع مصادر القوة الاقتصادية بطرق الغش والخداع واللصوصية وتشكيل العصابات لتهديد ومصادرة حقوق الآخرين . وجرى استملاك وسائل الإنتاج والعقارات والأراضي الزراعية وتشكلت في سنوات معدودة طبقة رأسمالية طفيلية لا تمتلك تراكم خبرة راس المال الاعتيادي مثلما موجود في الدول الغربية . في روسيا لم تسن القوانين التي تمنح جزءا من الدخل القومي لضمان التكافل الاجتماعي مثلما في الغرب لمعالجة مشاكل العيش والسكن والدراسة , الا ان في روسيا تم الحفاظ على بناء الدولة التي منعت الانهيار الكامل لمجموع القيم والمرجعيات التي تنظم حياة المجتمع , وهذه هي نقطة الاختلاف بين النظام ( الهرجة ) في العراق وبين انهيار الأنظمة الاشتراكية السابقة .

الطبقة السياسية العراقية كما يعرفها الجميع جاء بها الاحتلال الأمريكي ونصبها بعد ان أزاح النظام الصدامي وأزاح جميع مؤسساته التي تنظم آلية الحياة العامة , مثل الجيش والشرطة وباقي المؤسسات . ولم تتمكن هذه الطبقة من تفعيل انتمائها الوطني الجمعي لكي تتمكن من إعادة بناء مؤسسات إدارة المجتمع , وانشغلت بإدامة استمرار امتلاكها للسلطة التي نزلت عليها من السماء الأمريكية بعد ان توافق شروط وجودها مع إرادة الاحتلال في اختيارها لتمثيل طائفتها او قوميتها بعيدا عن المشروع الوطني الجامع , وباتت تدافع عن هذا الاختيار بكل ما تملك من وسائل .

التكوين الطبقي المشوه للطبقة السياسية العراقية لم يكسبها البناء الطبيعي للطبقة الرأسمالية , و لا هي كالرأسمالية الطفيلية الروسية التي احتفظت بالمشاعر الوطنية التي قومتها في الحفاظ على الثروة القومية الروسية رغم الفوارق الطبقية الهائلة في المجتمع . الطبقة السياسية العراقية ( مهروش وطاح بكروش ) كما يقول العراقيون في الشراهة المفرطة , لم تبق على شئ أمامها أو ورائها من خلال تعميق نظام المحاصصة الذي فتح الطريق واسعا للفساد واللصوصية وشراء الذمم .

الصراع الذي استشرى بين قيادات القوائم الثلاث يدركه الجميع بأنه لأجل زيادة حصصهم في هذه المبالغ النفطية الخيالية , واقتسام النفوذ الذي يديم استمرار هذه السرقات . البعض كان يعتقد ان قيادة الكردستانية تختلف عن قيادتي التحالف الوطني الشيعي والعراقية السنية البعثية , الا ان تصويتهم رغم الخلافات المعلنة بينهم لاغتصاب الأصوات الانتخابية من مستحقيها لصالح قوائمهم الثلاث تؤكد إخلاصهم لوحدة مصلحتهم ( الطبقية ) , والتي هي أهم عندهم من كل المقومات الأخرى كالوطنية والقومية والطائفية . وهي المصلحة التي يدعمها الأمريكان لتكون الأداة الرأسمالية في تنظيم أمور العراق , وبين يدي الأمريكان جميع الملفات المتعلقة بلصوصية هذه القيادات والويل لمن خالف إرادتهم . وقد فات الأمريكان ان حرامية الهوش ( البقر ) لا يصلحون ان يكونوا رأسماليين , فهم لا يدركون لحد الآن ان ثمن البقرة التي سرقوها يمكن ان يوظفوه في دورة الإنتاج ليستفادوا أكثر , لأنهم في الأساس فلاحين , وأفضلهم كان يعتاش على بيع الحنة ودوّه الحمّام والمحابس , ولا يزال اغلبهم رغم اغتصابه الكثير من البقرات لا يزال يعتاش على حرق البخور وقراءة الأدعية في المقابر .

فهل من المعقول ان يستمر التعويل والمناشدات لهذه القيادات التي شكلت طبقتها الجديدة , والتي ليس لتشوهها شبيه في كل البناءات الطبقية في العالم ؟!



 

 

free web counter