| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

السبت 2/2/ 2008



التفاؤل المنكوب

عزيز العراقي

الحراك السياسي بين فصائل العملية السياسية الذي جرى في الفترة الاخيرة , وحاول الكثير من رواده وزعمائه تصويره بالطريق الذي سيفضي الى افق عراقي مفتوح ، لن يتمكن مهما كانت الدوافع نبيلة لبعض هذه الاطراف من تحقيق خطوات عملية تفضي لعد تنازلي ينهي الازمة الحالية , ما دام هذا الحراك يجري في اطار عملية التحاصص الطائفي . ولعل تصريح نائب رئيس الوزراء السيد برهم صالح لصحيفة " الشرق الاوسط " في دافوس قبل ثلاثة ايام , من " ان الوضع العراقي اقرب لحالة وقف اطلاق النار من حالة انتهاء الحرب " ، هو الاوضح في وصف هدوء الحالة الامنية , والتراقب المتوتر بين اطراف العملية السياسية , سواء بين المكونات الشيعية السنية الكردية , او بين الاحزاب الشيعية الشيعية , والسنية السنية .

هذه التهادنات او " وقف اطلاق النار " , لا تفضي بالضرورة الى نهايات يعوّل عليها في انهاء الازمة , خاصة اذا وضعنا نصب اعيننا ان الرغبة الامريكية التي لها اليد الطولى في الاحداث , قد اكدت على لسان الرئيس الامريكي بوش في بداية الحملة الامنية الحالية : بأن معدلات العنف يجب ان تكون مقبولة . اي يمكن السيطرة عليها - وليس انهاءها - , وتوجيهها بما يخدم المصلحة الامريكية . وفي الضفة العراقية نشط هذا الحراك توجهات قومية , ومناورات مصلحية , كان من بين نتائجها ازدياد عمق عدم الثقة بين المكونات المتحالفة (الائتلاف والكردستانية) , التي كان يعوّل على تطويرها رغم هشاشة الدوافع الطائفية والقومية التي اوجدت هذا التحالف , ولكونه لم يكن في الواقع غيره . و " عدم الثقة " هذا , سيكون اكثر خطورة من حالة الصراع الدموي الذي سبق حالة " وقف اطلاق النار " الحالي , ما لم يجري التوقف الجدي لنزع الالغام الطائفية والقومية التي زرعت على حساب المصلحة الوطنية من قبل الطرفين , ولا يوجد في الافق ما يوحي بذلك .

ولو قيض للتكتلات الجديدة ان تتشكل , ستكون اكثر وضوحا في التعبير عن التوجهات القومية والدينية , وتندفع في التعّنت وتعقيد المسائل مثار الخلاف اكثر من السابق , مثل ايقاف تنفيذ المادة 140 الدستورية , وابطال عقود النفط التي عقدتها حكومة الاقليم بدون موافقة الحكومة المركزية , وحتى مسألة " الفيدرالية " اثير الحديث حول امكانية التراجع عنها . ويبدو ان هذه النقاط ستوّحد القوميين العرب من احزاب الاسلام السياسي بطرفيه السني والشيعي , ومعهم بعض العلمانيين وادعياء الديمقراطية , وتعّجل بخطوات (المصالحة الوطنية) على حساب التراجع عن بعض المواد الدستورية , ليس ما يهم الاكراد فقط , بل وما يهم التطور الديمقراطي بشكل عام . والصراع الحالي بين الكتل والاحزاب السياسية , او ما يسمى (الحراك من اجل الخروج من الازمة) هو لاستنفاذ كل امكانيات المساومة , للحصول على ما يمكن الحصول عليه لهذه الاطراف , بعيدا عن الهم الوطني والتطور الديمقراطي للبلد .

ومما لاشك فيه ستكون الاولوية لاحتماء الاطراف العراقية المتصارعة ليس بالمشروع الوطني العراقي , بل بالمشروعين الامريكي والايراني , والتركي بالنسبة للتركمان , وما يتبع هذا الاحتماء من تنفيذ اجندة هذه الاطراف في مستقبل العراق . ومن المؤلم ان الكثير من قيادات الاحزاب الوطنية , - واللوم اكثر - على القيادات الكردية التي تمتلك الثقل النوعي في المعادلة السياسية ويهمها اكثر البناء الديمقراطي للعراق , تعتقد ان القطار فات محطة المشروع الوطني , والصحيح هو اننا لم نصل لهذه المحطة الضامنة لحد الآن , وان استمرار البحث عن محطة قومية (تقرب الاستقلال) هو الاجدى للتجربة الكردستانية , رغم الاحباط الذي مُنيت به نتيجة الارتكاز على وحدانية التحالف مع الاحزاب الطائفية . وما لم يعاد النظر في اسس العملية السياسية , والتوجه الجدي للابتعاد عن المحاصصة , وخلق هيكلية جديدة تعطي الاولوية للمشروع الوطني , فستبقى كل الاطراف تلعب الدور الثانوي , بل و (الكومبارس) , مع اللاعبين الاجانب , وتحت ظل المخرج الامريكي المتسلط .

 




 

free web counter