| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي

 

 

 

الثلاثاء 2/10/ 2007

 

المشروع الأمريكي وضرورة الأستفادة من زخم رفضه


عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

ليس من السهل اعادة المسارات الطبيعية لحياة شعب استبيحت كل اطر انتمائاته السياسية والقومية والدينية – بما فيها العربية التي تمت الأستباحة بأسمها – من قبل صدام ونظام حزبه المقبور , ولأكثر من خمسة وثلاثين عاماً . والأختيارات التي فرضت نفسها بعد انهيار النظام البعثي , وتمثلها بالأنحياز الكبير للطائفية والقومية, تؤكد رد الفعل الحاد لكل الحرمانات والجرائم التي ارتكبت بحقها سابقاً , والذي زاد في تعصبها مؤخراً الجرائم الدموية البشعة التي ارتكبتها عصابات البعث المتحالفةمع "القاعدة" , ومحاولات هذه العصابات تحويل صراعها على السلطة الى صراع طائفي . ومن المؤسف ان تنجر بعض التنظيمات الشيعية الى ذات المستنقع , سواء بدافع رد الفعل , او لتمكن البعثيين من اختراق هذه التنظيمات وجرها لذات الهدف البعثي الدنئ . وهذا
" التورط " الأمني - رغم ضخامة تأثيره – يبقى جزء من المشكلة , اما الجزء الأهم في رأي الكثيرين , هو الاساليب والطرق التي اعتمدت لصياغة مفردات المفاصل الرئيسية في العملية السياسية .

ففي الوقت الذي يحاول فيه البعض ايجاد التفسيرات المقنعة لأندفاعة القيادة القومية الكردية بالتحالف مع القيادات الطائفية في قائمة "الائتلاف" حول مسألة الفيدرالية , بحجة الخوف من الأتفاق بين العرب السنة والشيعة والتصويت لعدم اقرارها , ليس مقنعاً لتبرير الأستعجال بأقرارها بالشكل العشوائي الذي تمت به , واصبحت مثار خلاف . وهذا الأستعجال سلب الفيدرالية من صفتها القومية " الكردية " , التي اكتسبتها بآلاف الشهداء من الأكراد واليساريين , وعشرات السنين من النضال الدامي . والفيدرالية الكردية اكتسبت واقعيتها منذ خروجها من تحت سيطرة الحكم الصدامي قبل ستة عشرعاماً , وترسخت في وعي كل الشعب العراقي بما فيهم القتلة من البعثيين . وترسخها هذا هو الذي دفع " المجلس الاعلى " وبأشارة من النظام الايراني كما يقول بعض المراقبين , لعدم اقرارها ما لم توافق القيادة الكردية على تجريد الفيدرالية من كرديتها , لغرض امكانية تسفيهها ونسفها من الداخل , وذلك بأقامة فيدرالية طائفية شيعية من تسعة محافظات تسعى ان تكون تحت المظلة الايرانية. واقناع الشعوب الايرانية المتحفزة لأخذ حقوقها القومية , كون الفيدرالية وسيلة لتمزيق الاوطان واضعاف شعوبها .

كان الأجدى بالقيادات القومية الكردية التحالف المبدئي والراسخ مع الوسط العلماني واليساري , والذي اول من رفع شعار " الفيدرالية الكردية " قبل الاحزاب القومية الكردية ذاتها , والمقصود " الحزب الشيوعي العراقي" . وكان بأمكان هكذا تحالف ان يثبت الأسس الفيدرالية الصحيحة , ويبعد الكثير من الألتباسات التي رافقت تشكيل مؤسسات الاقليم وبعض االخطوات التي اثارت حفيظة بعض القوميين العرب والانظمة العربية الرسمية , ولما امكن التأسيس لصياغة مشاريع التقسيم المشبوهة من قبل "الديمقراطيين " الامريكان , بعد ان وجدوا هؤلاء ان "التقسيم" هو الأجدى لأنهاء الصراع الطائفي , وزمر له البعض بدوافع شتىعلى انه تأكيد للفيدرالية .

ان القيادات السياسية العراقية مدعوة اليوم للأستفادة من زخم ردود الفعل الرافضة و الكبيرة على مشروع " الديمقراطيين" الامريكان لتصحيح مسارات العملية السياسية . ليس الفيدرالية وحدها, والتي يرى الكثيرون انها يجب ان تقتصر على فيدراليتين فقط " العربية والكردية " المتساويتين في الحقوق والواجبات , والضامنتين للحقوق الديمقراطية لأبناء الشعب العراقي كله , بل كل المفاصل الرئيسية بما فيها اعادة صياغة بعض فقرات الدستور ووضعها على السكة الأسلم . اما عدم الأستفادة من الزخم الحالي , والأكتفاء بالشجب والأستنكار , سيحول المشروع الامريكي " غير الملزم" الى واقع حتى بدون التدخل الامريكي كما يتوقع الكثير من السياسيين .


 


 

free web counter

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس