| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الأحد  29 / 12 / 2013



عن اي جيش تتحدثون ؟

عزيز العراقي

بين " صولة الانبار " كما يسميها انصار المالكي , وبين "القادسية الثالثة " كما يسميها المعارضون له , تتأرجح حبال الطائفية لتطبق على رقبة هذا الوطن الذي بات لا يمتلك اية وسيلة للدفاع عن نفسه , وخلال الثلاثة ايام الاخيرة خفتت نغمة مكافحة الارهاب وبات الجميع مشغولون بفض ساحات الاعتصام واعتقال النائب العلواني ومقتل اخيه , واستقدام القطعات العسكرية من البصرة والجنوب وتخيّمها في محيط الفلوجة والانبار , وبدل هدف الحملة العسكرية المعلن في القضاء على داعش والقاعدة والإرهاب كما اعلن رئيس الوزراء في خطابه الذي استهل به الحملة العسكرية , اصبحت الفلوجة والرمادي هدف الحملة , وعلى الاقل الارهاب والاستفزاز في تخييم القطعات العسكرية حولهما .

يميل البعض من الاخوة في كتاباتهم الى توصيف الجيش بانه مؤسسة عسكرية محترفة , وتكاد ان تكون مستقلة , ولا تخضع الا للقرارات الوطنية سواء من رأس السلطة او من الجمهور المتعطش لسلامة البلد , حالها حال المؤسسة العسكرية المصرية التي استطاعت ان تعيد الحياة لتوجه مصر الحضاري , وسحبت البساط من تحت المشروع الامريكي الذي اراد الهيمنة على المنطقة العربية من خلال سيطرة التيار الاسلامي الذي يقف بوجه اي تطور حضاري . الجيش العراقي لا يمكن ان يكون مؤسسة عسكرية محترفة ويمتلك القرار المهني المستقل كونه " الحامي للوطن " , وذلك لان اساس تشكيله هو التحاصص الطائفي والقومي , او كما يجري تخفيف هذه الصيغة من اقطاب الطائفية فتسمى " الموازنة " بين المكونات . الجيش ليس اكثر من قوات " ساوات " بقايا الفرقة القذرة كما يسميها مؤسسوها الامريكان والتي لا تعرف غير الشراسة في تعاملها , وهي اقرب في واجبها للحرس الجمهوري الصدامي في حماية رئيس الوزراء , وباقي الافواج شكلت على اساس الموازنة (التحاصص الطائفي) , وهي اكبر مؤسسة للفساد واللصوصية منذ وزيرها الاول حازم الشعلان الذي هرب وامتلك ارقى العقارات في لندن , او من تبعه الهارب ايضا من وجه العدالة لنفس الاسباب عبد القادر العبيدي , وصولا الى الديليمي الحالي الذي يكاد ان لا يكون موجودا في ادارة المؤسسة . وزيباري الطيب رئيس اركان الجيش , فهو لم يكن طيلة خدمته في الجيش اكثر من ملازم اول ولا علاقة له بالأركان , وتم اختياره لكونه يمكن ان يشغل حصة الاكراد , والرسالة الطويلة التي رفعها لرئيس الجمهورية الطلباني قبل ثلاثة سنوات وتجاهلها الرئيس حول تحويل القيادات العسكرية الميدانية الى الشيعة الموالين لرئيس الوزراء تؤكد طيبته وعدم قدرته على ايقاف هذه المهزلة . الجيش العراقي تشترى اغلب رتبه ووظائفه ان لم يكن جميعها بمبالغ كبيرة , وثلثي مراتبه تأخذ نصف الراتب , والنصف الآخر يدخل الى جيوب الامراء , والثلث الباقي الذي يتحمل تنفيذ المهمات حتى وان كان مثقل بالروح الوطنية سيكفر بسبب هذا الانحطاط . فعن اي جيش تتحدثون ؟! ونصفه من مليشيات ( الدمج ) التي لا تفقه غير تنفيذ اوامر مسؤوليها الحزبيين , او من الذين اعلنوا التوبة من حثالات فدائيي صدام والتشكيلات الامنية البعثية على ايدي كهنة الاسلام السياسي , وهل توجد مؤسسة افسد من مؤسسة الجيش ؟!

الجيش لا تختلف اشكاليته – ان لم تكن اكثر – عن باقي الاشكاليات الاخرى التي اوصلتنا الى هذا الحضيض , لا تختلف عن الدستور المعوق , المحاصصة الطائفية , مصادرة استقلال الهيئات المستقلة ( القضاء , النزاهة , البنك المركزي , مفوضية الانتخابات , الاجتثاث , هيئة الاعلام ..) . وما لم يتم اعادة هيكلة العملية السياسية برمتها فلا مجال للحديث عن نزاهة المؤسسة العسكرية او اية مؤسسة اخرى .

لا احد ينكر ان الكثير من الضباط والمراتب والجنود هم من الابناء الحقيقيين لهذا الشعب المنكوب , وتهمهم المهام الوطنية التي تكفلوا بالدفاع عنها عند تطوعهم . ولكن من من هؤلاء يمتلك القرار ؟! ومن من هؤلاء لم يجر احالته على التقاعد او ابعاده لمهام ادارية ؟! ومختصر المعادلة كما حددها احد الاخوة : مثلما احتاج النائب العلواني لأخطاء المالكي في دفع التأجيج العاطفي وتسخيره لحملته الانتخابية , في نفث سمومه الطائفية وتجاوزاته على باقي نواب البرلمان والمكون الشيعي , احتاج المالكي طائفية العلواني السنية وأصبحت العنوان الابرز لحملته العسكرية والحجة لإنهاء الاعتصام في الانبار . ولا احد يعرف الى اين ستتجه الامور ما دام هؤلاء طرفي المعادلة.
 

free web counter