| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الخميس 29/11/ 2012



اين هي المرجعية الكريمة من كل هذا ؟!

عزيز العراقي

يبدو ان الامريكان عندما ( انسحبوا ) من العراق كانوا متأكدين من استمرار بقاء العراق بوضعه المتدهور , بعد ان وضعوا هذا التدهور ( امانة ) بيد القيادات السياسية العراقية المتنفذة . وقد ابدعت هذه القيادات بصيانة هذه الامانة وتعميق محتواها , حتى ان الامريكان والإيرانيين اولياء النعمة في العراق مندهشين على قدرة هذه القيادات بالوصول الى القيعان السفلية في الفساد واللصوصية , حتى صنف العراق من بين اسوء ثلاثة دول في العالم . الامريكان لاتهمهم درجة الانحدار , بل ان يبقى العراق مجمدا لا ينهض عن النقطة التي حددوها في التدهور الى ان يحين موعد الحسم مع المشروع الايراني . وكل من يقول ان الصراع الايراني الامريكي مسرحية متفق عليها بين النظامين , فليرى تأثير العقوبات الدولية كيف تعمل على تفكيك المجتمع الايراني في الفترة الاخيرة . ولكن عندما يهدد بتغيير الوضعية يتدخلون بقوة , وتهديدهم بعدم جواز الاقتتال بين بغداد واربيل وضع الحد الفاصل للمالكي , وتراجع الى تطبيق اتفاقية 2009 لإدارة المناطق المتنازع عليها بشكل مشترك مع قوات البيشمركة .

نحن لا نعتب على هذه الطبقة السياسية التي اصبحت غريبة عن العراقيين , وباتت لا تعرف غير صراعها على حصصها , ولكن العتب على من اوصل هؤلاء المتنفذين الى هذه الكراسي . وبالتأكيد لا نعول على الامريكان والإيرانيين اللذين يهمهما ان يستمر العراق في هذا التدهور , ولكن العتب على هذا الشعب الذي بات لا يعرف رأسه من رجليه , والعتب كل العتب على من وجهه بانتخابهم وهي المرجعية الكريمة في النجف الاشرف , وكيف استمرت لحد الآن لا تتحرك وتكتفي ببعض الانتقادات في خطبة الجمعة على لسان وكيلها الكربلائي في كربلاء .

قد يقول البعض : ما دخل المرجعية في فساد ولصوصية هذه الطبقة ؟! والحقيقة ان المرجعية هي المسؤولة عن وصول هؤلاء , ولولا المرجعية لما حصلوا على الاصوات التي مكنتهم من احتلال هذه المواقع , وباعتراف علماء من داخل المرجعية . فقد اكد الاستاذ في الحوزة العلمية في مدينة النجف حيدر الغرابي في تصريحه لصحيفة " الشرق الاوسط " يوم 5 / 11 / 2012 ان : " المفارقة اللافتة للانتباه ان الاحزاب الدينية الحاكمة الآن صعدت الى مواقعها الآن باسم المرجعية ورجال الدين وما كان للناس ان ينتخبوها لولا توجيهات المرجعية ورجال الدين , ولكنها تنكرت لذلك كله ولم تعد دينية سوى بالاسم فقط ".

وقد يقول قائل ايضا : ان المرجعية لم تعد لديها سلطة تمنع الجهات الحكومية من الانحدار اكثر . وهذا غير صحيح مطلقا , وقد اثبتت وقفة المرجعية مع الجماهير في رفض الغاء البطاقة التموينية من قبل رئاسة الوزراء جدواها , بل وتراجعت رئاسة الوزراء وألغت القرار في خلال اربعة وعشرين ساعة فقط .

العراق لم يعد لديه الروافع الوطنية التي يمكن ان تنهض به من هذا الوضع المخيف , فلا وحدة مصالح وطنية , ولا وزارات او مؤسسات يمكن ان توحد بين ابنائه , ولا تشكيلات سياسية او احزاب كانت معارضة ظلت مخلصة لمبادئها . فقيادات الاحزاب الطائفية الشيعية اغلبهم وضع بيضه في السلة الايرانية , وأحزاب الجبهة السنية لا تزال تتعثر بأطماعها باسترجاع السلطة وتركض وراء الامريكان الذين وعدوهم خيرا بعد انتهاء هذه المرحلة , والأحزاب الكردية التي لا تزال مناسيب توجهاتها القومية اعلى من الوطنية . وحتى رئيس الجمهورية ( حامي الدستور ) افتعل اجراء عملية جراحية لركبته وترك العراق لفترة طويلة , وأنقذ المالكي من سحب الثقة التي اتفقت ابرز الكتل عليها ( الكوردستانية , العراقية , التيار الصدري ) .
عمي اجريت له عملية تبديل ثلاثة شرايين للقلب في بغداد , وبعد اربعة ايام اخرجوه من المستشفى , وكان تحت رعاية ممرضات وممرضين لا يأتوا بكوب الماء الا ان تترس افواههم ب( لفة كباب ) , ويمشي الآن بطوله . فكيف تأخر مام جلال اربعة اشهر في مستشفى الماني وعمليته في الركبة ؟ ومع ممرضات المانيات مجرد ان تضع يدها على ركبته ( وشوية اعلى ) سينهض ويركض بدون اجراء عملية ؟!

المرجعية الكريمة في النجف هي الرافعة الوحيدة والأقوى في هذه الظروف لانتشال العراق والعراقيين , فبالإضافة لأبوتها الروحية وما تتمتع به من احترام كل العراقيين بجميع دياناتهم وطوائفهم , فهي التي طالبت بالانتخابات المبكرة وكتابة الدستور , والجماهير العراقية التي تحررت من نير صدام لا تزال تحت تأثير الموجة التي فجرت عواطفها المذهبية والقومية , وهي التي شجعت انتخاب هؤلاء المتنفذين , ولم يدر بخلدها انهم يتاجرون بعدالة القيم السماوية , وراية الحسين ( ع ) التي رفعوها عاليا .

القيادات الطائفية الشيعية لم تسئ الى المرجعية والجماهير الشيعية فقط , بل الى كل العراقيين , ووضعت العراق والعراقيين على طريق المجهول , وأشاعت الفساد حتى اصبح قيمة اجتماعية , ومثلما جعل صدام شرطي الامن وظيفة يتفاخر بها سقط المتاع من العراقيين , جعل المالكي من الفساد احد ضرورات الحياة مثل الهواء والماء , وهو اخطر من شرطي الامن , وحلبجة , والأنفال , والحصار . وهل سألت المرجعية : الى اين يتجه العراق ؟! وأين المرجعية الكريمة من كل هذا ؟!
 

 

 

free web counter