| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

السبت 28/6/ 2008



لكي نعرف بما يدور

عزيز العراقي

ليس غريبا ان يقول المرشد الاعلى الايراني السيد على خامنئي للسيد نوري المالكي عند مقابلته له وبدون اي اعتبار لكونه رئيس وزراء العراق : بأن الاحتلال الامريكي سبب كل البلاء في العراق , والجمهورية الاسلامية في ايران تجد من واجبها الشرعي ان تساعد العراقيين لاخراج الاحتلال من بلدهم . لقد عبر بوضوح عن مصلحة احد طرفي الصراع فيما يجب ان يكون الوضع عليه في العراق . وفي الطرف الآخر يقول فريدمان , وهو احد المنظرين للسياسة الامريكية , في مقال تحت عنوان السؤال" من يمتلك العراق ؟ " المنشور في صحيفة " الشرق الاوسط " يوم 20080627 ما يلي " فالعراقيون لم يقاتلوا من اجل تملك مؤسساتهم , لقد تم تسليمها اليهم . وان الشعوب يجب ان تقاتل وتفوز بحريتها " فهل وجد كلاماً اكثر اذلالاً من هذا ؟ وهل هو لايعني غير ان حرية العراق مرتبطة بنا نحن الامريكان الذين حررناهم ونمنحها لهم بقدر ما نشاء؟

ولا اعرف هل هو " اراد ان يكحلها فعماها " , او اراد الاستخفاف اكثر , فيكمل بعد ان اعتبر طرد " القاعدة" من قبل " الصحوات " السنية , ومحاولة القضاء على المليشيات الشيعية الخارجة عن القانون من قبل الحكومة " الشيعية " حروب تحرير فيقول : " وانا أنصحكم بقولي : ان حروب التحرير هذه ليست كافية لوحدة الامة العراقية . ان الحروب الاهلية قد تستمر في العراق . فالعراق ما زال بعيداً عن مفهوم الوحدة " . بهذا التحديد , والتهديد بتنشيط الحرب الاهلية يوضح الامريكان تصورهم للوضع الميداني ان لم تخضع الارادة العراقية لضرورات المصلحة الامريكية , وتتم الموافقة على بنود استلاب العراق في الاتفاقية المزمع عقدها بين الطرفين .

ومن المرجح ان الاستعجال الامريكي في عقد الاتفاقية يأتي ضمن تسارع سياقات الصراع مع النظام الايراني , وكلما اشتد الصراع الذي اصبح الاول على الشاشات الفضائيات بعد ان رفعت اهميته من قبل اميركا وحلفائها الغربيين , كلما ازدادت الحاجة لتصفية بؤر الصراع المرتبطة به , وتجريده من باقي ادواته في المنطقة وبالذات في العراق . ومثلما هو معروف فان حاجة الادارة الامريكية لعقد الاتفاقية مع العراق لتكون الستار القانوني لمجمل تحركاتها العسكرية والامنية في المرحلة الحاسمة من الصراع . النظام الايراني يدرك جيداً ان كل التطمينات التي سيمنحها الامريكان للعراقيين بعدم استخدام الاراضي العراقية للاعتداء على جيرانه لن تجدي نفعاً حتى لو ثبتت في الاتفاقية , و " عندما يقع الفأس في الرأس " فلن يجري الالتفات لعشرات النقاط التي هي اهم بكثير من موضوعة هذه التطمينات . وهل سينتظر الصاروخ لغاية حصول الموافقة من المالكي والطالباني او المشهداني حتى يكمل عبوره الاجواء العراقية للوصول الى هدفه في ايران ؟!

ليس غريباً ان يعبر الايرانيون والامريكان عن مصالحهم . ولكن من المؤلم ان يتم هذا التعبير بدون اي اعتبار للارادة العراقية , حتى ولو لضرورات دبلوماسية . والسبب غياب المشروع الوطني العراقي , وعدم وجود حتى وحدة موقف لاعضاء الحكومة العراقية , وهذا ما انعكس بشكل فاضح لتصريحي رئيس الوزراء الذي قال بالوصول الى " طريق مسدود " مع الامريكان حول بعض بنود الاتفاقية , وتصريح وزير الخارجية الذي نفى تصريح رئيس الوزراء .

من خلال هوية الاشخاص الذين اطلقوا التصريحات التي سربت بعض بنود الاتفاقية , يبدو ان الوفد العراقي يقتصر على اشراف الحزبين الشيعيين الدعوة والمجلس الاعلى والحزبين الرئيسيين الكرديين والحزب الاسلامي السني . اي مجموعة الاربعة زائد واحد كما جرت تسميتها عندما وقع الاتفاق طارق الهاشمي رئيس الحزب الاسلامي مع الحزبين الكرديين في دوكان , وصرح في وقتها بأن امور كبيرة ستترتب على هذا الاتفاق , وربما كان يقصد ان هذه الاتفاقية واحدة منها .

ان كشف بعض المواد التي تسلب العراقيين سيادتهم على بلدهم جاء نتيجة الصراع الحاصل بين اعضاء الوفد العراقي المفاوض , والذي هو انعكاس لصراع المشروعين الامريكي والايراني كما يقول البعض . وكشف هذه المواد جاء للاستعانة بالرأي العام نتيجة ضعف المفاوض , وليس لشفافية المشرفين على المفاوضات التي مر عليها اربعة اشهر ولم يذكروا شيئاً عنها , أو ايمانهم بضرورة اشراك الرأي العام وباقي التنظيمات السياسية كأساس حقيقي لانجاز الاتفاقية . ودليل هذا البعض على ذلك ان الاكراد مع الاتفاقية بالكامل , والشيعة ضدها , والحزب الاسلامي ليس لديه موقف واضح , وتحدده الاستفادة من تقوية مصادر قوته في السلطة .

ان الاتفاقية خلقت الارضية الصالحة لنهوض المشروع الوطني , وهي فرصة قد لا تعوض لتوحيد الارادات الوطنية الحقيقية بعيداً عن الرغبات التي تطمح ل( ائتمان ) الامريكان على المال والعرض , وبعيداً عن مزايدات الذيول الايرانية التي لا تبغي من المبالغة في ادعاء الوطنية الا صب الزيت على النار وخلق الكتلة الكبيرة في مواجهة الامريكان استجابة للرغبة الايرانية .



 

free web counter