| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    السبت 26/2/ 2011



عراقية الجماهير المحتجة تعرّي الطائفية

عزيز العراقي

في الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء السيد نوري المالكي قبل يوم من احتجاجات يوم 20110225 , والذي حذر فيه الجماهير من الخروج إلى الشارع لطرح مطالبها , ونبهها ب( أبوية ) على خطأ هذا الخروج والانصياع لرغبات حثالات البعث والقاعديين من جماعة بن لادن الذين يريدون تدمير مسيرة العراق ( الديمقراطية ) . هذه المسيرة المشوهة بسبب انشغال الحكومة بموضوعة الأمن كما يقول المالكي , ويطلب وقتا أضافيا على الأقل ستة اشهر أخرى ليس طمعا في السلطة والجاه والمال الحرام كما تروجون , بل لتروا صدق نوايانا . إلا ان الجماهير خرجت رغم استخدام كل الوسائل لمنعها , ولم تتحمل أكثر على جوعها وضيمها كي ترى : " صدق نوايانا " . هذه الكلمة التي لم يعد يمتلك غيرها المعسكر الطائفي , بعد ان استنفذ حدود الممكن في الضحك على ذقون العراقيين الطيبين ممن صدقوا ادعاء الأحزاب الطائفية على إنها : تسير على هدى سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام .

الشعارات التي رفعتها الجماهير المحتجة كذبت ادعاءات معسكر " صدق نوايانا " , وأول ما هاجمت بقايا حثالات البعث, ولم ينقذ رموز البعث اسامة النجيفي وشقيقه من غضب المحتجين في الموصل – التي يعتبرونها حاضنة لبقايا البعث – إلا هروبهم منها . الشعارات المطلبية التي رفعها المحتجون في بغداد وباقي مدن العراق أخرست ادعاء الخوف على تدمير مسيرة العراق الديمقراطية , هذه المسيرة التي يبحث عنها العراقيون بأرواحهم كي يحققوها , وقبول هذه الجماهير تحدي السلطة الحكومية ومواجهة رصاصها إلا تأكيد وعربون لهذا البحث .

وبعيدا عن الحذلقات اللفظية , و ( لبلبانية ) الانتهازيين والباحثين عن الفرص الغير نزيهة , كانت شعارات المحتجين انضج بما لا يقاس بطروحات النهج الطائفي المتسلط على الإدارة الحكومية . أكد المحتجون على ضرورة احترام آلية العمل التي تضمن سلامة العملية السياسية عندما طالبوا " التحالف الوطني " , وهو التحالف الشيعي الذي رشح المالكي ان يبدل مرشحه فقط , وليس المطالبة بإعادة الانتخابات او ما يعيق سير العملية السياسية . وذلك لفشل المالكي في إدارة شئون الحكومة , والحفاظ على المال العام , والتستر على الفساد , ومصادرة استقلالية الهيئات المستقلة مثل القضاء , والنزاهة , والانتخابات ... الخ من سلسلة الإخفاقات .

كان بديل المالكي لدى المحتجين من مرشحي " التحالف الوطني " ذاته , مثل الجعفري او عادل عبد المهدي او جعفر الصدر , وهذا ما أثار المالكي أكثر حسب ما أكد السيد محي العبيدي الكادر في حزب الدعوة , واضطراره لإصدار الأوامر لقيادة عمليات بغداد – القوات الخاصة به – لتفريق المتظاهرين . لان هذه الدعوة تكشف جوهر الصراع بين المحتجين الذين يرممون عراقيتهم التي أثبتت التجربة بأنها البديل الوحيد للنهوض من الوضع المزري , وبين النهج الطائفي للإدارة الحكومية المناوئ للوحدة الجماهيرية . ومن جهة أخرى تعيد تفجير الخلافات بين مكونات " التحالف الوطني " وتفتح الباب مجددا على استئثار " حزب الدعوة " برئاسة الوزراء .

الاحتجاجات والانتفاضات العربية منحت العراقيين شحنة عالية لاسترجاع عراقيتهم , وانتشالها من بين أنياب المحاصصة الطائفية والقومية التي كادت ان تفتك بالعراق , وفي نفس الوقت ارتفع منسوب مخاوف المالكي ومن يدورون في فلك السلطة عندما منحوه تفويضا بإجهاضها . وتمكن المالكي من تحشيد البعض من القوى والأشخاص تحت المظلة المستهلكة " الخوف من عودة البعثيين " وإيقاف مسيرة العراق . الا ان الشعارات التي رفعت والتنظيم الجيد والالتزام بالأصول الديمقراطية للتظاهر جرد البعثيين ومهرجيهم في قناة الشرقية والبغدادية من استغلال هذه الاحتجاجات , وفي نفس الوقت فندت جميع ادعاءات المالكي وتخوفاته التي خدع بها الآخرين – وقسم منهم فعلا من الحريصين على سلامة المسيرة العراقية - , مما دفعه لاستخدام القوة في تفريق المحتجين بحجة خروج التظاهرات عن طابعها السلمي . إلا انه شعر بهزالة الحجة أمام ما تمكنت الفضائيات من نقله , فعاد ليشكر العراقيين على التزامهم بالحفاظ على الأمن . والجميع يدرك حجم الإحراج والارتباك الذي سقطت فيه الحكومة .
 

 

free web counter