| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 26/1/ 2012



لا يرجى خيرا من هؤلاء

عزيز العراقي

رغم الصراع المتحكم بطبيعة النظام الإيراني , إلا انه يمتلك إمكانيات ووسائل اتخاذ قرارات إستراتيجية . ويبدو ان الرسالة الأمريكية الأخيرة إلى القيادة الإيرانية كانت تتعلق بغلق مضيق هرمز الذي تهدد به إيران في الفترة الأخيرة , والتمادي في تخصيب اليورانيوم إلى نسب أعلى من حاجة الاستخدام السلمي للمفاعل النووي الإيراني , وهما خطين احمرين بالنسبة لأميركا والغرب كما أكد الرئيس الأمريكي اوباما . وهو ما انعكس بعد يوم واحد من توجيه الرسالة الأمريكية وعلى لسان وزير الخارجية الإيراني من : ان إيران لم تفكر يوما طيلة تاريخها بغلق مضيق هرمز . وتبعها بالإعلان في نفس زيارته إلى تركيا من : ان إيران ستلتقي بمجموعة الستة حول مشروعها النووي وبوساطة تركية .

النظام القومي الطائفي الإيراني مثل النظام العراقي السابق في سنواته الأخيرة , حيث تصرف للإيحاء بأنه مستمر في امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل . ومثله أيضا في إصراره على الدخول في نادي الدول الكبرى , التي تتحكم بتوجهات السياسة الدولية . ولولا هذا الوهم القومي الذي يتغذى بمحاولة امتلاك القنبلة النووية لما وجد الاختلاف أصلا . فالنظام الإيراني نظام رأسمالي وسيسمح له النظام الرأسمالي العالمي بتقاسم النفوذ , وبالذات في وسط آسيا وفي دول الخليج , وعلى حساب دول الخليج التي يمكن ان تغض الطرف أيضا عن رغبته بالتوسع الطائفي , ولا يوجد تناقض بنيوي يستهدف إنهاء الآخر بينه وبين الأنظمة الغربية مثلما كان بين الغرب والمعسكر الاشتراكي سابقا . بالعكس النظام الإيراني أفضل من يخدم السياسة الأمريكية في المنطقة , ومنذ بزوغ نجم القنبلة النووية الإيرانية ولحد الآن , تمكنت أميركا من تصدير كل أسلحتها ( الستوك ) الى دول الخليج وبمئات المليارات من الدولارات, ولا يزال الحبل على الجرار .

هذه الخريطة المتحكمة بواقع المنطقة , تدركها القيادات السياسية العراقية جيدا . وتدرك أيضا , إنها غير مؤهلة للخروج من تأثير المشروعين الإيراني والأمريكي , وتجاذباتهما المتواصلة , وليس في مقدورهم بناء المشروع الوطني المستقل عن الارادتين . القائمة الكردية بشكل عام تبحث عن تمظهر الهيكل الكردي سواء بالاستفادة من صراع المشروعين الخارجيين , او من صراع الطرفين الداخليين التحالف الوطني والقائمة العراقية . المهم ما يضمن مداعبة حلم الدولة المستقلة , رغم إدراك الكثير من القيادات الكردية باستحالة قيام الدولة الكردية في الوقت الحالي , وعدم تواجد التعاطف الدولي مع هذه الفكرة , حتى من قبل الأمريكان التي تعول القيادة الكردية على رعايتهم لمشروعها القومي .

الأحزاب الشيعية المتمثلة بقائمة " التحالف الوطني " وجدت نفسها أكثر ضياعا في الوضع العراقي بعد الانسحاب الأمريكي , فبالإضافة لقناعتها بأنها غير مؤهلة لقيادة المشروع الوطني بحكم قيادتها للسلطة الحكومية , وجدت نفسها أكثر التصاقا بالنظام الإيراني . وبغض النظر عن تأكيدات اغلب زعاماتها بكون اولويات أحزابهم هي المصلحة الوطنية , إلا أنهم جميعا يتخوفون من بعضهم البعض إذ وجدوا أيا منهم يسبق الآخر في قربه من النظام الإيراني . وهو ما تدركه اغلب الشخصيات السياسية الشيعية , وبسببه ترك بعضهم العمل في هذه الأحزاب وهم قلة , وفي مقدمتهم ضياء الشكرجي , وآخرين استمروا فيما يحصلون عليه , واعتبروه ديون يستوفونها عن تضحياتهم السابقة , وآخرين سيذهبون الى ( اللوحة ) كما يقول العراقيون في تظافرهم مع المشروع الإيراني .

تبقى القائمة " العراقية " التي مزقتها تعارض المشاريع , بين طائفية سنية و بعثية , ومصالح شخصية وعشائرية . لاتهم قيادتها الا التشبث بما اتفق عليه في اربيل , وهو الحصول على مجلس سياسات علاوي . ويتخوف الكثيرون من ان تتمكن بقايا البعثيين من السيطرة عليها نتيجة استهداف تمزيقها من قبل المالكي , والاستئثار الذي يمارسه " التحالف الوطني " في الاستحواذ على السلطة من جهة . ومن جهة أخرى لعدم وجود المشروع الوطني الذي يمكن ان يحجّم من شدة تفضيل المصالح الطائفية والشخصية .

أمام هذه الخريطة , لن يكون أحدا منهم جادا في التئام المؤتمر الوطني وفق المصلحة الوطنية في معالجة جذور المشكلة . وفي أحسن الأحوال اذا تم عقده , سيكون إعادة اقتسام للغنائم . ويجد الكثيرون ان المشكلة في نجاح توجهات المؤتمر تقع على عاتق صاحب الدعوة رئيس الجمهورية الطالباني . وبغض النظر عن كون الطالباني يريده مؤتمرا ( وطنيا ) حقا , ام للتراضي وتبويس اللحى , يرى آخرون ان الظروف تجاوزت إيجاد مثل هذه النوايا الطيبة , وسيبقى العراق في هذه المنطقة الرمادية بين مصالح المشروعين الإيراني والأمريكي فاقدا لأسباب إعادة بنائه الى اجل غير مسمى .


 

 

free web counter