| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأربعاء 26/5/ 2010



جوهر المشكلة

عزيز العراقي

البعض من المراقبين يرى ان اغلب الحوارات السياسية الجارية الآن قبل التصديق على نتائج الانتخابات من قبل المحكمة الاتحادية , هي بعكس ما تدعيه هذه القوائم : من انها تحاول التوصل الى حلول وتوافقات تنهض بالمسيرة الوطنية , وتنقذ العملية السياسية من سقوط محتمل . والحقيقة ان القائمتان الكبيرتان " دولة القانون " و" العراقية " تسعيا كل واحدة منهما لتفتيت القائمة الأخرى بكل السبل . ويبدو ان هناك اتفاقات جانبية تمت بهذه الوجهة بين القائمة وبين بعض المكونات الصغيرة من القائمة المنافسة , سيجري استخدامها كألغام يتم تفجيرها في الوقت الحاسم .

ان المشكلة التي تعاني منها القائمتان الرئيسيتان ليس بفقدان الثقة بين الطرفين فقط , بل بعدم الاطمئنان لباقي مكونات كتلتيهما , رغم عدم التفكك الذي لا يزال يحكم هيكل القائمتين , وانسحب هذا أيضا على القائمتين الأصغر الوطني والكردستانية . وهو يدلل بشكل كبير على الطبيعة الانتهازية التي تتحكم بجوهر العملية السياسية لهذه المرحلة , التي يعول عليها أن تؤسس لدولة تنهض بالواقع البائس , وتحترم قانون المواطنة . ويخلط بعضهم عن قصد , أو بغباء , بين الانحطاط الأخلاقي للانتهازية التي تريد أن تستغل كل شئ لمصلحتها الشخصية , وبين البراغماتية التي تعني استغلال حاجة الحزب المقابل لها فيتنازل لتنفيذ برنامجها السياسي , او جزء منه . وما دام الجوهر بهذا الانحدار , فلا أمل للجماهير العراقية المنكوبة بتحسن حالها للعيش بكرامة آدمية للأربع سنوات القادمة , رغم استمرار القوائم الفائزة في التأكيد على ان صراعها هو في الدفاع عن حقوق العراقي المنكوب .

جميع القوائم تتحدث عن ضرورة التوافق الوطني , إلا أن المشكلة من يكون رئيس الوزراء ؟ المالكي ام علاوي ؟ والطرفان تمترسا خلف إحدى المواد الدستورية المشوهة التي لا تفرق بشكل قانوني بين الفائز الأكبر في الانتخابات ام ائتلاف ما بعد الانتخابات ؟! ومحكمة اتحادية لا تحسم الأمور , بل تزيد الطين بلة . ولو تم الاتفاق على من يكون رئيس وزراء لما التفت احد لضرورة التوافق الوطني , ولا الى هذه المادة الكسيحة التي يوجد أمثالها الكثير في الدستور الكسيح , ولا الى محكمة اتحادية تخضع لجميع الرغبات المحصورة بين الجدارين الأمريكي والإيراني اللذين يحيطان بالعملية السياسية , وتأبى الخضوع ( لعملاء ) المصلحة العراقية .

قائمة المالكي لا يهمها ان تمنح قائمة علاوي الفرصة لتجربة حظها في إمكانية تشكيل الحكومة لو عرفت ان العملية تسير بشرف ومسئولية وطنية , لأنها تدرك بان الكرة ستعود الى ملعبها بيسر , خاصة بعد اتفاقها مع الائتلاف الوطني وتشكيل الكتلة الأكبر . إلا إنها تدرك أيضا ان هذا الاعتراف بحق العراقية ورئيسها أياد علاوي في تشكيل الوزارة , سينهي فرصتها بالحصول على هذا المنصب . وذلك لعلمها بوجود الكثير من الانتهازيين بين صفوفها , سواء من (الألغام ) التي تم الاتفاق معها مسبقا , او من الذين ستسيل لعابهم بمجرد منحهم مدير عام او حتى مدير مدرسة , إضافة للزخم الكبير الذي يبدو ساكنا الآن, وسيتفجر بقوة من قبل الأمريكان والمحيط العربي لدعم علاوي وقائمته . وعلى سبيل المثال , ان الأمريكان صرحوا في احد المرات : ان اكثر من سبعين نائبا في البرلمان السابق كانوا يأخذون رواتب إضافية من السفارة الأمريكية , إضافة إلى ان بعضهم كان يأخذ من الإيرانيين أيضا , أي من قائمة " الائتلاف العراقي الموحد ", وفي وقتها لم يتمكن المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم رئيس القائمة من تكذيب الأمريكان .

بالمقابل " العراقية " لا يمكنها الاعتراف بالأولوية ل"دولة القانون " او الائتلاف الجديد بتشكيل الحكومة , وذلك لأنها الأضعف في نسيجها الائتلافي , واغلب ما يوحدها هو الرفض للمد الطائفي الشيعي الذي زاد عن المعقولية , إضافة إلى تكتل البعض من الفلول البعثية خلف عنوانها , ولن تتمكن من تحقيق ( التجميع ) وليس الإجماع الوطني , إضافة لأسباب الهشاشة الأخرى مثلما في دولة القانون , من وجود ( الألغام) والانتهازية .

مثلما يؤكد الجميع , فأن عقدة العقد هي : من يكون رئيس الوزراء ؟ المالكي ام علاوي ؟ وباقي الحديث هواء في شبك . ولايهم ان يسرق العراق مرات ومرات , ويبقى العراقيون في بؤسهم دورة انتخابية ودورات , مادام الصراع بالحصول على المنصب هو سيد الموقف .

 

 

free web counter