| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي

 

 

 

الجمعة 26/10/ 2007



بين ضياع المرجعية الوطنية والتوجهات الأمريكية

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

" ايران تمثل التحدي الأكبر والأوحد للأمن القومي الأمريكي " صرخة حرب جديدة تطلقها وزيرة الخارجية الامريكية رايس في شهادتها امام الكونجرس الامريكي كما نقلتها وكالات الانباء يوم 20071024 , وتضيف ان " البرنامج النووي الايراني ودعم ايران للأرهاب يمثلان خطراً ربما هو الأكبر على الولايات المتحدة " . ومثلما أكد الكثيرون ان اجواء الحرب النفسية والاعلامية التي تشنها الولايات المتحدة الامريكية على ايران مشابهة لما سبق الحرب على العراق واسقاط صدام , والنظام الايراني الوحيد الباقي من دول محور الشر التي الزمت اميركا نفسها بأسقاطها مثل العراق او استيعابها مثل كوريا الشمالية . وطريق الصدام اخذ يتوضح اكثر , فلا مجال للتعايش بين نظام قومي طائفي يبغي السيطرة على اغنى مناطق الطاقة في العالم والدخول في رسم السياسات العالمية من اوسع الابواب , وبين زعيمة العالم الغربي وضرورات انفراد ارادتها مهما كلف الثمن .

والذي يهمنا نحن العراقيين ان لانستمر وقوداً لهذه الحرب التي بدأت منذ انتهاء حرب ازاحة النظام الصدامي ولحد الآن , واذ كانت الحروب السابقة بسبب صدام ونظامه , فمن الذي يجعلنا ان نكون وكلاء لحروب غيرنا؟! ومن الغريب ان تلتقي مصالح ايران وسورية والسعودية ومصر وتركيا وباقي الانظمة المتعفنة التي كادت ان تتوحد جهودها في محاربة المشروع الامريكي الداعي لدمقرطة الانظمة في الشرق الاوسط . الا ان نزوع التوجه نحو قطبي الصراع الرئيسيين ايران واميركا , لم يبقي للنظام الايراني غير النظام السوري وباقي المنظمات الارهابية التي يمولها كبعض المليشيات الشيعية العراقية .
ان تصدي قوات الاحتلال الامريكي لمليشيات التيار الصدري والتضييق عليها , ليس لأنها اخذت تفرض ارادتها على المدن والاحياء التي تحت سيطرتها , وما تبع ذلك من جرائم ومصادرة حرية الناس , وسقوط المئات من الشهداء لكونهم حلاقين , او موسيقيين ومطربين , او نساء سافرات , او اصحاب محلات بيع خمور , او محلات بيع اشرطة تسجيل ...الخ . ان مادفعهم لهذا التصدي هو تنفيذ هذه المليشيات لبعض العمليات التي احتاجها النظام الايراني للرد على زج الامريكان لبعض الايرانيين المشتبه بهم في السجن , وكان ابرزها قتل الجنود الامريكان الخمسة في محافظة كربلاء , واختطاف المستشار المالي والموظفين الاقتصاديين في وزارة المالية .

ان النظام الايراني ليس بغباء النظام الصدامي الذي بقى ينتظر استكمال استعدادات القوات الامريكية حتى تهاجمه في عقر داره , النظام الايراني لديه النظرة الستراتيجية للمنطقة , ولديه الادوات التي يمكن ان يحركها في العراق ولبنان وفلسطين . وكلما تيقن من قدوم الضربة سيحاول افشالها عن طريق المشاغلة بهذه الادوات, وابعاد ساحة المعركة عن الاراضي الايرانية قدر المستطاع , للحفاظ على مخزونه النوعي اولا , وثانيا لتحول الخسائر الاكبر على كاهل هذه الادوات وشعوبها . ومنعا لانزلاق الآخرين وايقافهم عن التورط مع النظام الايراني , " اقترح " الرئيس الامريكي بوش على السيد المالكي عند زيارته لاميركا كما نقلتها وسائل الاعلام توقيع اتفاقية امنية مشتركة شبيهة بأتفاقية الامريكان مع الكويت , وذلك لتطمين دول الجوار العربي من التوجهات العراقية , وزيادة ثقتها بعدم الانزلاق لمصالح النظام الايراني , ويدفع هذه الدول لأقامة علاقات طبيعية مع الحكومة العراقية تساعد بشكل فعّال لأستقرار الوضع العراقي .

ان هذه الأتفاقية ستعقد طالما هي رغبة امريكية لتثبيت تواجدها الدائمي بالشكل الرسمي , والمشكلة هي في كيفية تثبيت الحقوق العراقية , وامكانية التخفيف من الشروط الجائرة التي ستفرض في ظل غياب المشروع الوطني , وضعف المرجعية الوطنية المتمثلة بالكيانات الهشة للحكومة والبرلمان وهيئة رئاسة الجمهورية . وان لم يفعّل المشروع الوطني ليكون الاداة الحقيقية في الدفاع عن المصالح العراقية , وبديلا عن حالة التشرذم الطائفي والقومي التي دفعت اغلبية الاحزاب العراقية وقياداتها السياسية للركض وراء سلطات الاحتلال ووراء النفوذ الايراني . فأن الأتفاقية القادمة ستكون ليست افضل من شروط استسلام النظام الصدامي في خيمة صفوان , والتي لم تكشف بنودها لحد الآن حتى من قبل الامريكان لقسوة اذلالها .

 


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس