| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأحد 24/7/ 2011



بين التقية والمساءلة البعثية

عزيز العراقي

قيادات العملية السياسية العراقية لا يختلفون في تشوههم عن تشوه الدستور والمحاصصة الطائفية وجميع وسائل إعادة بناء الدولة, أن لم يكونوا أكثر تشوها وهم سبب البلاء الحقيقي كما يؤكد الكثيرون , اذ لا عتب على صدام والأمريكان والإيرانيين وكل طامع بهذا البلد , فالعلة فينا . ولعل المالكي وبطانته من قيادة حزب الدعوة هم الاسوء من بين هذه القيادات , لأنهم تحت مجهر قيادة السلطة , وما كشف هذا المجهر من نوازع غير مشروعة لفرض إرادة الانفراد بالقرار. وهي وجهة لم تستطع ان تستكمل شروط نموها مثل دكتاتورية صدام السابقة , لأنها ليست وليدة قواها الذاتية , كاستحواذها على السلطة بانقلاب مثلا , بل هي وليدة طفيلية لظرف انتخابي مشوه , أراد له الأمريكان ان يكون اختزال للشروط الأساسية الغير متواجدة في بناء الديمقراطية .

وليس غريبا ان تفرض هذه المجموعة إرادتها من فوق القانون وبعيدا عن المصلحة الوطنية , وعلى سبيل المثال ما نشر في موقع " اور نيوز " يوم 12/7/11 وتحت عنوان " 700 أستاذ جامعي مهددون بالإقصاء عن وظائفهم " . فقد كشف مصدر مقرب من وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب , انه تم إعداد ملف يتكون من 700 تدريسي لفصلهم من الوظيفة بتهمة الانتماء لحزب البعث المنحل وشمولهم بإجراءات هيئة المسائلة والعدالة . وهذه الهيئة تمكن المالكي من تسخيرها لتكون سيف مسلط على رقبة كل بعثي , وبغض النظر عن كون المنتمي الى البعث مجبور , او ممن أجرموا بمصالح الآخرين , وهم الذين يجب ان تأخذ قضاياهم طريق المحاكم ليأخذوا جزاءهم العادل . وأضاف المصدر , ان رئيس جامعة صلاح الدين وبابل فضلا عن 15 عميدا سيتم عزلهم عن منصبهم .

التحذير من إزاحة هذا العدد من أساتذة الجامعات جاء من جهة قريبة من المالكي أيضا , ولكن ممن يدركون خطورة هذه الخطوة , فقد أكد المستشار في مجلس الوزراء كمال العلوي ان " اجتثاث ما يقرب من 700 من التدريسيين في الجامعات يعني إرباك العملية التعليمية في البلاد وتأخر مستوى الجامعات العراقية ". وأوضح ان " مجلس رئاسة الوزراء قد استثنى شمول التدريسيين في الجامعات والمعاهد العراقية المشمولين ما لم تكن بحقهم قضايا في القضاء العراقي " .

المالكي يدرك جيدا ان البعثيين هم أفضل ظهير للأمريكان وموضع ثقتهم منذ عام 1963 عندما نفذوا انقلاب شباط الأسود , فهم لا دين يلزمهم , ولا قومية كما يدعون , ولا علاقة لهم بباقي القوى الوطنية عدى ما يربطهم بالسلطة فقط . والمالكي يعرف انه ليس المفضل بالنسبة للإيرانيين , رغم انهم اجبروا غرمائه الشيعة من الصدريين والمجلس الأعلى على القبول بترشيحه لرئاسة الوزراء عندما تم تشكيل التحالف الوطني , وذلك لإدامة التوازن القلق مع رغبة الأمريكان الذين وافقوا عليه كمرشح تسوية بين الطرفين . ومن جانب آخر ان حزب الدعوة لم يوافق على إسقاط النظام الصدامي عن طريق الأمريكان لموقف مبدئي كما يدعي بل مغازلة لرغبة النظام الإيراني . والجميع يعرف ان حزب الدعوة هو أكثر المستفيدين بين الأحزاب العراقية من سقوط نظام صدام على أيدي الأمريكان , وصراع حزب المالكي الحالي مع البعثيين كما يؤكد البعض, ليس بدافع العداء لنظام صدام وورثته , بل لإضعافهم وإفراغ الساحة من موقع الأفضلية التي يتمتعون بها لدى الأمريكان , تحسبا لتغير ميزان القوى بين المشروعين الأمريكي والإيراني في الاستحواذ على العراق .

التقية تعني المخادعة , وهي وسيلة ( شرعية ) يستخدمها أتباع أهل البيت للدفاع عن أنفسهم من بطش حاكم جزار , وعندما يستخدمها ( الحاكم ) الشيعي فلا تعني أكثر من الكذب والخداع مع الشريك السياسي ومع الشعب المحكوم . ومن ينسى او لا يعرف التقية لا يستطيع ان يفهم طريقة تفكير المالكي ومجموعة القيادة الحالية لحزب الدعوة , ويبدو انهم يمارسونها كعقيدة في جميع الأوقات ان كانوا معارضين او في السلطة , ومع الجميع , ولا فرق عندهم بين أطراف داخلية مثلهم لا تمتلك قرار حسم توجه العراق , وتستسهل خداعهم وتسويف الوعود معهم مثل التراجع عن تعيين الوزراء الأمنيين , او عدم إقرار مجلس السياسات الذي خدر به علاوي , او المماطلة في تنفيذ المادة 140 الدستورية حول كركوك والمناطق المتنازع عليها , والمطالبة بإلغائها لأنها استنفذت المدة القانونية المحددة ولم تنفذ , وغيرها الكثير . وبين أطراف خارجية تستطيع ان تفرض إرادتها وتتحكم بتوجهات البلد , والمقصود الأمريكان والإيرانيين . ومثل هذه السياسة تبقى صاحبها رهينة بزمن حسم الصراع بين المشروعين الأمريكي والإيراني , وبغض النظر عن انتصار أي من الطرفين , سيكون حالهم حال الكثير من الحركات والحكومات التي انتهت بمجرد انتهاء صراع الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي .


 

 

 

free web counter