| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

الثلاثاء 24/8/ 2010



دوامة صراع الوطنية الكاذبة

عزيز العراقي

" الطائف " العراقي المزمع عقده في دمشق تحت رعاية سورية تركية وعربية لزعماء وممثلي الكتل السياسية الكبيرة , هو تدويل بصيغة مخففة , واعتبره الكثيرون انه الفرصة الأخيرة قبل تدخل مجلس الأمن في حل إشكالية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة , بعد ظهور النتائج المتقاربة في الانتخابات وعجز الدستور عن حل هذا الإشكال . وقد اجمع اغلب المراقبين على ان " طائف " دمشق هو لصالح السيد أياد علاوي , وهو ما دفع الناطق الرسمي للحكومة العراقية وعضو دولة القانون السيد علي الدباغ للتأكيد في مؤتمره الصحفي يوم 20100822 : على ان مؤتمر دمشق سوف لن يساعد على حل مشكلة تشكيل الحكومة , وحاله حال المؤتمرات الأخرى الفاشلة .

أمام هذا التحرك الإقليمي الذي يكاد يجمع على علاوي , تحركت إيران وبصورة أكثر حسما مع حلفائها العراقيين لمساندة مشروعها الرامي في الحفاظ على وحدة الصف الطائفي الشيعي , وبالذات مع التيار الصدري, والمجلس الأعلى الذي أعلن عن عدم وجود أي تحفظ أو خط احمر على ترشيح رئيس الوزراء السيد المالكي , بعد اجتماع رئيس المجلس الأعلى السيد عمار الحكيم مع المالكي أمس , والذي كان السبب الوحيد للخلاف بين الإتلاف الوطني وقائمة المالكي "دولة القانون", وقد قراء الدكتور احمد ألجلبي في مؤتمره الصحفي الأخير بيان الإتلاف الوطني وسط جميع قيادات الإتلاف التي ظهرت في الصورة .

مثلما أكد الكثيرون إن " المجلس الأعلى " لا يستطيع ان يستمر في ممانعته للرغبة الإيرانية في تأييد ترشيح المالكي , ورغبة المجلس قبل التوجيه الإيراني تنبع من تشخيص متطلبات الحالة الداخلية للصراع السياسي , وبغض النظر عن كونها تطمح لتجاوز الطائفية أم لتكريسها , فإنها تتفاعل مع المكونات السياسية العراقية الأخرى , وبعكس الرغبة الإيرانية التي تريد تجانس الموقف الشيعي ( الطائفي ) الذي يمنع بروز ونمو صراع المصالح على الأسس الوطنية , وهو الطريق الذي يخدم تمرير أجندة النظام الإيراني . هذا الموقف المتراجع من المجلس الأعلى , سيعتبره المالكي والدائرة المحيطة به على انه انتصار ل( صلابة ) تشبثهم في الموقع – حتى لو جرت مسرحية ترشيح أكثر من واحد - , وهو انتصار شخصي بالتأكيد , ولكنه سيكبل المالكي بمتطلبات اكبر للأجندة الطائفية والإيرانية , وسيشكل انحدار أسرع لقائمة دولة القانون في المستنقع الطائفي .

التيار الصدري الذي يعتمد أيضا في بعض مصادر تمويله على النظام الإيراني, ولو بشكل اخف من المجلس الأعلى , أعلن رفضه الخضوع للرغبة الإيرانية وإسقاط الخط الأحمر لترشيح المالكي , وتهديد السيد مقتدى الصدر بترك إيران والانتقال الى لبنان اذ استمر الضغط الإيراني كما أكدت أخبار يوم أمس , ساعد كثيرا في فرز الموقف الطائفي الموالي لإيران , عن الموقف الوطني الموالي لطبيعة الصراع الداخلي , رغم ضحالة نقاط الخلاف التي تحددت بالدوافع الشخصية . وما دام الصراع سيستمر بهذه الدوافع , دون الدوافع لإشباع الحاجات الوطنية , ومتطلبات الجماهير المنكوبة , فمن المرجح أن تكون هذه الجولة التي استخدمت فيها أدوات الأطراف الإقليمية على أوضح الصور , كسابقاتها في الأشهر الخمسة الماضية , ولن تصل إلى نهاية في تجاوز ألازمة , وسيحتاج حلها إلى تدخل أمريكي باسم هيئة الأمم المتحدة , إذ استمرت الوضعية الأمنية على هذه الحالة القلقة ولن تتدهور أكثر , ويصبح البحث عن طريق لإيقاف التدهور هو الهم الشاغل .
 

free web counter