| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأربعاء 24/3/ 2010



ماذا انتم ؟!

عزيز العراقي

التهريج الذي ارتفع في الأيام الأخيرة حول عدم إمكانية ترشيح أياد علاوي لمنصب رئيس الوزراء لكون والدته لبنانية , وان احد مواد الدستور تقر بأن المرشح لهذا المنصب أو لرئاسة الجمهورية يجب أن يكون من أبوين عراقيين , يذكرنا بالتاجر المفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة, عسى أن يحصل على بعض الديون التي يعتقد إنها ستعوضه عن خسارته الكبيرة , وكأن ترشيح علاوي او عدمه هي المشكلة التي يدور الصراع حولها . وهذا تسطيح يدلل على سذاجة الربان في فقدان بوصلة الصراع في أحسن الأحوال , ان لم يكن الضحك على عقول العراقيين وصرف انتباههم عن فشل القيادات الشيعية في إدارة الدولة , وإلقاء تبعة خسارة الانتخابات على (العاصفة البعثية) المدعومة من الأمريكان , مثلما خدع الكثيرون في الدعاية الانتخابية التي صوّرت الصراع على انه بين الجماهير الشيعية المظلومة التي تمثلها قائمة رئيس الوزراء والحكيم , وبين البعث بهيكله الصدامي المقبور , والذي يتربص بهذه الجماهير خلف باب الانتخابات , وسينتقم مثلما انتقم منها بعد فشل الانتفاضة عام 1991 , والمتمثل بقائمة علاوي .

لا احد ينكر أن علاوي ليس بعثيا , ولا هو ينكر ذلك أيضا . ولكنه عاد إلى العراق ليس بمشروع بعثي , بل احد أوجه المشروع الأمريكي , والأمريكان لن يجدوا أفضل منه كواجهة لهم , وهم يدركون ان البعث أفضل من خدمهم في العراق , منذ الإطاحة بالزعيم الوطني عبد الكريم قاسم ولحد الآن . وعلاوي يمتلك الاخلاق البعثية التي تربى عليها منذ بداية حياته , فهو شخصية مغامرة وجريئة , وتضمحل كل القيم الوطنية والقومية أمام رغبته في تحقيق طموحاته الشخصية . وعندما انفض عنه الشيوعيون والديمقراطيون , وتركوا القائمة العراقية كان بسبب كشفهم حقيقة هذا التوجه , وتنكره للنهوض بالمشروع الوطني الحقيقي الذي تبنته القائمة العراقية عند تشكيلها , وشكل ضربة كبيرة للمشروع الوطني الوليد .

يميل الاعتقاد على ان الأمريكان بعد ان راقبوا منع وسائل النهوض للمشروع الوطني , تركوا الحبل للقوى الشيعية المحسوبة ( اصلا ) على المشروع الإيراني , لتصول وتجول في حكم العراق , وهم يدركون جيدا إنهم سيضيعون في حدود المكاسب الشخصية والحزبية , وستبقى هذه القوى مشدودة للتهويل في تلبية احتياجات جذورها الطائفية , مثل المسيرات الراجلة لقبور ألائمة , وتعتبرها السياج الواقي للاحتفاظ بالسلطة . وتركوا إعادة بناء الدولة , وتلبية احتياجات الجماهير الآنية والمتعلقة بالمعيشة اليومية , وانشغلوا بالصراع في توسيع النفوذ والسلطة وكسب المال الحرام , وانتشر الفساد في سابقة قل نظيرها في جميع دول العالم . ولتشكل مئات الهيئات التحقيقية , ويحتفظ الأمريكان بنتائج هذه التحقيقات , لاستخدامها ضد كل من سيرفع صوته ضدهم في المرحلة الجديدة , التي سيتوضح فيها الطريق الأمريكي للمسيرة العراقية . القوى الشيعية ليست حزبا واحدا , ولكنها في نفس الوقت انضوت جميعها تحت العباءة الطائفية , ومن الصعوبة التمييز بين من ركس بالكامل في الوحل الإيراني الذي غذى الطائفية , وبين الرافضين للمشروع (القومي) الإيراني باسم هذه الطائفية .

وعودة لحسابات التاجر الخاسر, فأن الأمريكان لا يشكل علاوي بالنسبة أليهم الوجه الأوحد , بقدر ما يهمهم (انتصار) القائمة العراقية , ومشروعها الواضح للوقوف بوجه المشروع الإيراني لصالح المشروع الأمريكي , تحت صراخ البعثيين والقوميين بإيقاف الزحف الفارسي . وقد خدمهم استباحة النظام الإيراني للمقدرات العراقية , وتواطأ مكشوف او ( تغليس )من قبل الأحزاب الشيعية . وبغض النظر عن الشوشرة الحالية , والرفض والرفض المضاد لنتائج الانتخابات , فان النتيجة ستتجه لتثبيت فشل رجال المشروع الشيعي (الإيراني ) , واستحواذ رجال المشروع الأمريكي على زمام السلطة . ومن الآن ترى الكثير من الزعماء الشيعة اخذوا يتمسحون بزعامات المشروع الأمريكي , والزعامات الكردية , للاحتفاظ , او للحصول على جزء من كعكة السلطة التي اخذوا يستوعبون خسارتها , وحالهم حال البعثيين والسنة قبل ثلاث سنوات .

العراقيون , والشيعة بالذات , الذين حكمتم العراق باسمهم طيلة السبع سنوات الماضية , يسألون : ماذا حصلوا ؟ غير استمرار الشقاء والعذاب . لقد جئتم مع الأمريكان حالكم حال الجميع , ومنحتم الفرصة التي لم تكونوا تحلموا بها , وأطلقت يدكم في كل شئ , وموارد مالية لا يتخيلها العقل , وواردات النفط , ومساعدات أعمار العراق الأمريكية , وموارد العتبات المقدسة والمرجعية التي لم تبخل عليكم بشئ , وبمجموعها تكفي لإعادة بناء عشرة دول بحجم العراق , والذي صرف للعراق لا يتجاوز الواحد في الألف , فأين ذهبت كل هذه المبالغ , وما هي النتيجة ؟! بعثي كما تقولون انتم يفوز عليكم , وشخص بالتاريخ المعروف لأياد علاوي يعلن إفلاسكم . وليس جميع الذين صوتوا لعلاوي من البعثيين , بل من العراقيين والشيعة الذين يريدون ان يتخلصوا من فشلكم , وهم يدركون ان مرحلة الانتقال ان بقيت عليكم ستطول الى مالا نهاية . فلا انتم استطعتم ان تبنوا المشروع الوطني , بل زدتم في تمزيقه . ولم تتمكنوا من خلق الثقة مع الأمريكان , بل زدتم في شكوكهم . ولا انتم ارتميتم بالحضن الايراني كاملا لكي يكونوا ظهيركم رغم وضعهم الميئوس منه . فماذا انتم ؟!
 

 

free web counter