| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأحد 23/12/ 2007



الحاجة لصحوة الضمائر وليس العشائر

عزيز العراقي

اذا كان القوي يفكر في كيفية الانتصار على الضعيف مرة واحدة , فأنه سيفكر الف مرّة قبل ان ينازل خصم قوي , خوفاً من ان تكسر هيبته ويسحق جبروته في تخويف الآخرين . والتهدئة الأمريكية مع النظام الايراني والتي جاءت أثر كشف ملخص تقرير الأستخبارات الامريكية القائل بأن ايران اوقفت التجارب العسكرية النووية منذ عالم 2003 تأتي امام استحقاقات معالجة ملفات المنطقة التي باتت لاتقبل التأجيل , ولابد من الخوض في تفاصيلها وتجريد الامتداد الايراني سواء في فلسطين او لبنان من نفوذه المعرقل للتسوية التي تبغيها الادراة الامريكية , ولفك الارتباط المتين بين النظام السوري والنظام الايراني ايضاً .

ان التهدئة اخذت شكل التراجع عن التهديدات , و ( عدم ) الضرورة للقيام بعمل عسكري ضد ايران في الوقت الحالي , ومحاولة اظهار ان الامريكان يحاولون دفع النظام الايراني لتعاون اكثر شفافية في مسألة البرنامج النووي مع الوكالة الدولية للطاقة النووية . والذي يهمنا كعراقيين هو الادراك بأن الطرفين يدركان ان الورقة العراقية هي التي ستحسم الصراع , وكيفية حل هذه العقدة الرئيسية سيحدد التوجه القادم للمنطقة , والساحة العراقية هي الساحة الرئيسية التي سيجري تصفية الحساب الحقيقي فوقها بين المشروعين اللذين لابد من انتصار احدهما وخسارة الآخر .

ان الأدارة الأمريكية تدرك جيداً ان المستنقع الذي تخشى ان تتوحل فيه في العراق ليس المستنقع الذي حاولت ان تدعيه ( القاعدة ) والسنة التكفيريين والحثالات من العصابات البعثية , بل المستنقع الايراني , وهو الوحيد في الوقت الحاضر الذي يستطيع الحاق الهزيمة , او تكبيد خسائر كبيرة للقوات الامريكية ومشروعها في العراق , وهي ترى مئات المؤسسات الدينية , والهيئات الثقافية , والشركات التجارية , والضباط والمليشيات الشيعية التي تعمل خارج و داخل قوات الأمن والشرطة . ولعل فيما نشره موقع " الوثيقة " نقلا عن " موسوعة النهرين " يوم 20071222 ما يوضح حجم الأختراق الايراني للعراق : ان رئيس لجنة الأوقاف والسياحة الدينية في كربلاء السيد احمد الحسيني طالب بأنقاذ ضريحي الأمامين الحسين واخيه العباس عليهما السلام من الأيادي الايرانية التي تفرض سيطرتها وسطوتها عليهما , وقال الحسيني : " ان أسلحة مختلفة وصلت من ايران الى مدينة كربلاء وتم تخزينها في الدور والبنايات المجاورة للضريحين " , واضاف " وان بعض هذه الأسلحة والذخيرة موجودة حالياً في غرف خاصة داخل الحرمين الشريفين بسبب عدم تمكن اية قوات من اقتحام الضريحين " , واشار ان " ضباطاً من اطلاعات والحرس الثوري الايرانيين يشرفون على مليشيات تسمى قوة حماية الحرميين " .

ان تبني الامريكان لمشروع الصحوة العشائرية ومحاولة تعميمه على المناطق " الشيعية " بعد نجاحه في المناطق " السنية " , يأتي كخطوة عملية للألتفاف على شرعية العملية السياسية التي بات لايران فيها النفوذ الكبير عبر بعض الاحزاب الطائفية الشيعية , وبمساعدة الجنوح الكردي نحو السرعة لتحقيق انجازات قومية على حساب ارتباك المرحلة الحالية , وتهيئة هذه الصحوات لتكون بديل تهدد به بعض الاطراف في حالة فشل الحكومة , مثلما حدث مع وزراء قائمة " التوافق " .

ان اعادة تنشيط المحاولات لضم الحزب " الاسلامي " السني لمجموعة الأربعة المتكونة من الحزبين الشيعيين " الدعوة " و" المجلس " والحزبين الكرديين الرئيسيين , ينظر له كرد فعل على السياسة الامريكية من قبل هذه الأطراف أكثر مما يعلن عنه : كونه وسيلة لأتخاذ القرارات بشكل جماعي . ومما يؤكد ذلك ان هذه الأطراف لم تتمكن منذ سنتين من الأتفاق على التعديلات الدستورية , والتي تخص الخلافات حول تحديد هوية العراق , والفيدرالية , وحقوق الأقاليم وطرق تشكيلها , وعلاقتها بالمركز , والمحافظات غير المنضوية في اقليم , وصلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , والمادة ( 140) , وقوانين النفط والغاز وتوزيع الثروة , وميزانية عام 2008 , والمصالحة الوطنية ..الخ .

ان الجماهير التي اكتوت بنار المحاصصة الطائفية والقومية , وآثارها المدمرة لبنية الشعب العراقي , تطالب الاحزاب الوطنية بالخروج من سياسات عمل المشروعين الامريكي والايراني , وايجاد الركائز الحقيقية للمشروع الوطني , البديل الوحيد عن كل الأخفاقات والفشل , وقطع الطريق على المشاريع من خارج العملية السياسية , ومن دونه سنبقى مرتزقة وجحوش – كما يقولها الأكراد – للآخرين , ولانسلم على العراق ولاعلى وحدته الوطنية .

 




 

free web counter