| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأربعاء 22/10/ 2008

 

بين محنة العراقيين والتهديد الامريكي

عزيز العراقي

يبدو ان المخرج الامريكي لمسرحية جلب الديمقراطية للعراق فقد صبره , ورئيس الاركان الامريكي حذر العراقيين من عواقب جسيمة ان لم يوقعوا على الاتفاقية الامنية كما نقلت وكالات الانباء يوم الثلاثاء 20081021 . ومثلما هو معروف فأن الكثير من المراقبين تساءلوا طيلة الخمس سنوات المنصرمة : لماذا الامريكان يتركون الامور تسير بهذا الانفلات في العراق ؟ ولماذا تركت الحدود مفتوحة واصبح العراق ساحة تصفية الحساب مع القاعدة والتنظيمات المتطرفة؟ لماذا حل الجيش واجهزة الامن الأخرى ؟ لماذا لم يعاد بناء اجهزة الدولة بشكل صحيح ؟ ولماذا لم تشكل حكومة كاملة الصلاحيات بعد سقوط نظام صدام ؟ وبدلها شكل مجلس حكم معوق لايمتلك الصلاحيات وجرى فيه تقسيم الحصص من قبل الامريكان , ولماذا اجريت الانتخابات بدون فترة انتقال ؟ ولماذا شجع السلب والنهب ؟ ولماذا اصبح الفساد وسرقة المال العام جزء اساس من اعادة بناء اجهزة الدولة ؟ ومئات الاسئلة الموجهة للمخرج الامريكي صاحب الكلمة الفصل في هذه المسرحية . والجواب عند كل السائلين : لااحد يعرف ماذا يريد الامريكان .
الكل يعرف ان سلطات الاحتلال لم تمنح العراقيين اكثر من ثلاثين في المئة من السلطة , وطلبت منهم في هذا الهامش المحدود ان يرتبوا اوضاعهم من خلال بناء العملية السياسية , وكتابة الدستور , واجراء الانتخابات , وتحاصص الوزارات والمؤسسات على ذات الاسس الطائفية والقومية . وفي نفس الوقت اكدوا للعالم على انهم سيحافظون على وحدة العراق , ولاشك ان الاطار الذي يحيط العراق لايزال اطارا واحدا , الا ان اللوحة في داخله تمايزت اجزاءها واصبحت ثلاثة لوحات بالوان متنافرة , وضاعت بين تنافرها حقوق كل الاقليات . من الذي قاد عملية التشويه للوحة الفريدة والجميلة ؟
مامن شك ان الامريكان لم يكونوا وحدهم مسؤولين عن هذا الخراب , بل معهم القيادات العراقية التي نفخ في حجمها وتصورت نفسهاانها صاحبة القرار الاخير بكل ما يتعلق بالعراق . ومن بين تفاصيل هذه المأساة ان الامريكان ارادوا ان يظهروا انهم ديقراطيون( للكَشر) , فتساهل المخرج بمنح الادوار, وسمح لممثلين لايعرفون العربية او الكردية بلعب ادوار بطولة , وقد ظن ان مجرد منحهم هذه الفرصة سيكونون تحت ارادته , ولم يدرك ان هؤلاء الممثلين الذين لايجيدون لغة ابناء البلد وراءهم مخرجين اجانب ايضاً . وحتى بعد ان ادرك, ركبه الغرور بأمكانياته الجبارة التي ستدهش العالم بضجيج الموسيقى والمؤثرات الصوتية , ووهج الانارة الساطعة , وزخارف الملابس والاكسسوارات , ونسى ان الممثلين بشراً يرتبطون بمصالح وغايات . وقبل العرض الاول ( توقيع الاتفاقية الامنية) اكتشف ان الكثير من الممثلين يصرون على الظهور بالعمائم والجبب الايرانية , ومصرين على تخريب العرض بالكامل حتى لو استجاب الامريكان للشروط الوطنية العراقية.
اليوم وبعد ان اوصل الامريكان العراقيين الى هذه المحنة المتمثلة بعدم نهوض مشروعهم الوطني , يهدد قائد الاركان الامريكي العراقيين من ( عواقب جسيمة ) ان لم يوقعوا على الاتفاقية الامنية . وهل توجد جسامة اكبر مما دفعه العراقيون من بين كل شعوب الارض بفضل صدام وفضل جهودكم بعد صدام , وهل بقي عندكم شئ غير اثارة الفتن واشعال نارالحرب الاهلية , لقد استعجل قائد اركانكم بهذا التهديد وكشف عن الوجه الحقيقي والاصيل لديمقراطيتكم . وما دخل العراقيين الذين حرمتموهم من كل شئ بتفاصيل المسرحية التي تشرفون على اخراجها سوية مع النظام الايراني ؟! اما اذ كنتم جادين باسترجاع حقوقكم التي تدعونها, فالعراقيين غير قادرين وحدهم بمأزقهم الحالي على الوفاء بديونهم , فساعدوهم على ان يختاروا ممثليهم الحقيقيين ويعرضوا مسرحيتهم العراقية الحقيقية التي لاتظلم احدا - لامن ابنائها ولا من الآخرين - وعندها الوفاء للخشبة الامريكية التي انقذتهم من قبضة صدام , وهو الطريق الاسلم لتثبيت الصداقة مع العراقيين .

 

free web counter