| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأثنين 22/3/ 2010



من تداعيات مفترق الطرق الحالي

عزيز العراقي

الذي زاد في التناقض بين قائمة دولة القانون والقائمة العراقية هو تمحور الصراع للحصول على موقع رئيس الوزراء , وايهما الأحسن المالكي زعيم دولة القانون أم علاوي زعيم العراقية , وكأن العراق لم ينجب غير هذين (الفطحلين) , وركنت البرامج السياسية وما ادعته القائمتان الى زاوية منسية , وبات العراقيون يرددون في تسائلهم عن الفوز : منو الفاز علاوي لو المالكي ؟ وكلما تمظهرت الرغبات الشخصية على حساب باقي المكونات لهذه القوائم, كلما زادت الصعوبة وانحسرت الطرق في إيجاد مخرج لإعلان نتائج العملية الانتخابية , التي سادها الالتباس منذ بدء الدعاية الانتخابية ولحد الحيرة المسيطرة الآن في كيفية إخراج النتائج التي يبدو انها في صالح علاوي . والتهديد بالعنف الذي لوح به المالكي احد تجليات هذا الصراع الغير مبدئي , ورغم ان جميع الأطراف الكبيرة استخدمت كل الممارسات الغير ديمقراطية بدءا من تشريع قانون الانتخابات المجحف الى استخدام المال السياسي وشراء الذمم والتزوير في مناطق النفوذ , إلا ان جميعها انحشرت اليوم عند قطبي هذا الاستقطاب الذي راهنت عليه القائمتان .

لم يؤمل من المالكي ان يهتز بهذه السرعة وهو رئيس الوزراء , ويهدد بذات تهديد الفطحل الثاني علاوي بعودة العنف عندما لم يكن متقدما في فرز الأصوات . والطرفان يدركان انهما يستخدمان الطرق غير الشرعية لتحقيق الفوز , وايهما الأقدر لكسر عظم الآخر تحت ثوب العملية الانتخابية . ويبدو ان علاوي تمكن من لوي يد المالكي , وذلك بحصوله على أصوات البعثيين , وساعده في ذلك المالكي وجماعته بعد اجتثاث صالح المطلك ومن معه , مما وفر أجواء صافية لانفراد علاوي بزعامة القائمة , وكذلك انسياق آلاف البعثيين الخائفين من الاجراءآت الحكومية بحقهم في باقي المحافظات العراقية . والأهم , حصول علاوي على رعاية العاهل العراقي ( الأمريكان ) , بعكس المالكي الذي راهن على إرادته وأرادت حزبه , واعتقد – وهو على حق – ان التفويض الشعبي اهم من رعاية الامريكان , ولكنه لم يتمكن من تقديم أي شئ يعمق أكثر من إنجازاته الوطنية السابقة مثل القضاء على المليشيات الخارجة على القانون . بل حدث العكس , فقد استعدى الكثيرين من وراء الانجرار وراء تصعيد مكافحة القتلة والمجرمين من البعثيين , وظنا منه بأن هذا التصعيد سيكسب له الصوت الانتخابي , في الوقت الذي كانت المحاكم كفيلة بذلك , وهو إجراء شعبوي قد يمارسه مرشح عادي , وليس رئيس وزراء مسئول عن جميع العراقيين بما فيهم القتلة والمجرمين .

المالكي لم يتمكن من تجسيرالهوة الكبيرة التي حدثت بينه وبين حلفائه السابقين بعد انتخابات مجالس المحافظات , رغم المحاولات الجادة من قبل المجلس الأعلى والنظام الإيراني لإعادته إلى الحظيرة الطائفية في قائمته القديمة , وفي نفس الوقت لم يتمكن من تحقيق أي شئ في مسألة المصالحة الوطنية , او توفير الأجواء السليمة لحل الإشكالات القائمة بين المركز وإقليم كردستان , على اعتبار ان الإقليم أصبح حجر الزاوية في البناء الفيدرالي للعراق, إضافة لسكرة الفوز التي حققها في انتخابات مجالس المحافظات . كل هذا وراء فشل علاقات المالكي مع باقي الأطراف العراقية الأخرى , ومن المتوقع عودة المالكي السريعة لأحضان حلفائه السابقين , وقد يعاد نفس السيناريو السابق عندما صعد هو بدل زعيم الحزب السابق إبراهيم الجعفري , الذي فشل أيضا في علاقاته مع كل الأطراف العراقية الاخرى , واجبر على الخروج من رئاسة الوزراء بحسم امريكي , وسوف يرشح غيره على أمل بقاء استحواذ حزب الدعوة على هذا المنصب , اذ استمرت دولة القانون في حصولها على هذا التكليف .

تبقى حظوظ علاوي هي المرجحة أكثر في تشكيل الحكومة , بعد أن أظهرت النتائج تقدم قائمته على قائمة المالكي , وفي نفس الوقت هو مدلل الراعي الامريكي , إضافة للبراكماتية الكبيرة التي يمتلكها , وسيتنصل من بعض حلفائه البعثيين المعادين للقضية الكردية اذا اقتضت الضرورة ذلك , ثم حوارا ته الأخيرة للتحالف مع أطراف شيعية مناوئة للمالكي في قائمة الحكيم . ولو حدث هذا فستكون الضربة القاضية لحزب الدعوة وتشتت قائمته , والجميع يعرف ان ائتلاف دولة القانون ( ليس من اجل الحسين , بل من اجل الهريسة ) , وهذا ما يلوح في الأفق أكثر من غيره , وهو الذي دفع المالكي للتهديد بالعنف .

 

 

free web counter