| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الثلاثاء 22/6/ 2010



من سيعيد العراقية للعراقيين ؟!

عزيز العراقي

مرة أخرى , البصرة , ولكن هذه المرّة المطالبة بزيادة بائسة , ولكنها ضرورية , لساعات الكهرباء , لتجاوز محنة الحرارة الزائدة عن معدلاتها . وبعد ؟ ستنسحب مياه الموجة إلى بحر البؤس اليومي الذي غرقت فيه , سواء زادوا من ساعات الكهرباء , أم لا . اليوم منطقة الجمهورية تحتج , وغدا سبعة ميل , وبعدها الميناء , ثم الزبير ..الخ , وبعد البصرة يأتي دور الناصرية , ثم العمارة والكوت وباقي المحافظات الأخرى , للحصول على زيادة في ساعات الكهرباء . ومديريات الكهرباء تضع الأسباب على عاتق النفط , والنفط تتهم المالية بعدم رصد المبالغ الكافية لتجهيز المولدات بالنفط . وزير الكهرباء يتهم احد المدراء العامين في وزارته ويحمله المسئولية , ويعتبرها كسب حزبي , لأن المدير العام من حزب آخر , ووزير أخر يتهم آخر لأنه من طائفة أخرى , وعلى هذا المعدل . ومن هو المسئول ؟! لا احد يستطيع أن يحدد , فمرجعية الحكومة في المسئولية , يمكن التملص منها , ولا تمتلكها جهة بعينها .

محافظ البصرة المحسوب على دولة القانون , يتهم جماهير البصرة المحتجة , بأنها محرضة من قبل جهات تدعي إنها الأحق في ( كرسي ) المحافظ , ويقصد المجلس الاعلى . تأتي لجنة من بغداد بأمر رئيس الوزراء للتحقيق , وبينها وزير الأمن (الوطني)– وكان العراق يجب ان يستوزر وزير للأمن الإيراني والسعودي أيضا – والوزير محسوب على المجلس الاعلى , يصرح بعد إجراء التحقيق , ان الجماهير خرجت بدافع حاجتها , ولا توجد أية جهة أخرى محرضة . حزب الدعوة يتهم المجلس الاعلى , والمجلس يكذب الدعوة , وهم في ائتلاف واحد .

وزير الكهرباء يقول : انه قدم استقالته بشجاعة , بعد ان وجد العراقيين لا يصبرون لغاية إنجاز المشاريع . سبعة عشر مليار دولار صرفت على الكهرباء خلال الأربع سنوات الماضية , ومضاهرات عنيفة تطالب باستقالة الوزير سقط فيها شهداء وجرحى في البصرة , وتبعتها الناصرية, أجبرت الوزير على الاستقالة, ويقول: بشجاعة. وزيرة الصحة الالمانية, أثيرت عليها مسألة استخدام بطاقتها الوزارية لملئ خزان سيارتها الشخصية بالبنزين لمرة واحدة , فقدمت استقالتها , ولكنها , لم تقل : بشجاعة . ماذا تريد ان يحدث أكثر من هذا حتى ( تستقيل) ؟! واللص الذي قبلك أيهم السامرائي , لم يسرق أكثر من خمسة ملايين دولار , ووضع في السجن , إلا أن قوات الاحتلال سرقته , ونقلته إلى اميركا لأنه يحمل الجنسية الأمريكية .

قبل عشرين عاما , ومن البصرة , تفجرت انتفاضة العراقيين الجبارة في أذار 1991 , كان العراقيون يومها متوحدين , يشعرون بعراقيتهم التي أصبحت همهم , ويدافعون عنها ضد صدام وطغمته , تفجرت في العشار , وامتد لهيبها الى البصرة , وانتشرت في كل أنحاء العراق , وتم إسقاط أربعة عشر محافظة في أسبوعين فقط . كان العدو واحدا , ومعروفا للجميع , حتى لكلابه التي لم تتمكن من حراسته . اليوم آلاف الأعداء , وعلى قول الاكراد , آلاف الجحوش الأمريكية , والإيرانية , ولباقي دول الإقليم, والعراقيون لا يعرفون إلى أين يلتفتون , ولا على من يثوروا ليحصلوا على حقوقهم . احتجاجاتهم المطلبية , وطرد وزير الكهرباء , وحصولهم على الكهرباء لاسبوع واسبوعين , وماذا بعد ؟! فالقيادات السياسية التي تذيقهم مرّ الهوان , هم من انتخبهم , ونصبهم على رقابهم .

ومثلما اجتمع ممثلي قبائل العرب قبل ألف وأربعمائة عام لقتل النبي محمد ( ص ) ليضيع دمه بين القبائل , تجتمع اليوم القبائل السياسية العراقية لتضيّع دم العراق , وشحذت لأكثر من ثلاثة اشهر نصل الدستور المسموم , الذي صنعوه بأيديهم , لطعن العملية السياسية بمقتل , بعد ان اختزلت الديمقراطية الى انتخابات وكتابة دستور فقط , كما أرادها الأمريكان , وأصر عليها السيد السيستاني . وتركوا الشعب يتخبط بفقره وبؤسه وتخلفه الى هذا اليوم , بعد ان سرقت أمواله , وأمنه , وأصواته , التي زورت عن طريق التلاعب بالأوراق الانتخابية , او الوعود الكاذبة .

ليس غريبا ان تجد بعض العراقيين يفضلون ان يبقى العراق تحت رحمة البند السابع , ولا يريدون الانعتاق من سيطرت الاحتلال , ليس حبا بمذلة الاحتلال , ولكنهم لم يجدوا بين هذه القيادات التي كشفت عن خوائها من يستطيع الحفاظ على وحدة العراق , والنهوض بهذا الشعب المنكوب , وبقائهم تحت رحمة البند السابع , يحفظ لهم عراقيتهم على الأقل , ولو بهذا الشكل الهزيل .


 

 

free web counter