| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 21/4/ 2011



هل سيرهن الأمريكان مشروعهم بإرادة القادة العراقيين ؟!

عزيز العراقي

في المنعطفات , وفي الفترات التي تحتوي على كثافة في الأحداث , وبين كل الضجيج الإعلامي المصاحب لها يطلق الأمريكان تصريح – قد لا يسلط الضوء عليه - , ولكنه أشبه بالثيمة المسرحية التي على ضوئها يجري تفسير باقي الأحداث المسرحية . وفي وضع العراق الحالي المفتوح على أسوء الاحتمالات , وليس على كل الاحتمالات , فالجيد لا أفق له , وأمام هذه اللوحة السوداء طالب الأمريكان القيادات الحكومية العراقية ان تتقدم بطلب لتمديد تواجد القوات الأمريكية الى ما بعد نهاية العام الحالي , التاريخ الذي نصت عليه الاتفاقية لإنهاء هذا الوجود العسكري , كي ترفع الحرج عن الحكومة الأمريكية التي تجد في استمرار تواجدها العسكري ضروريا للحفاظ على العراق , دون الالتجاء الى طرق أخرى ستكلف العراقيين أثمان باهضة . والثيمة التي صرح بها الأمريكان خلال الأيام الماضية تقول , إن الأمريكان سوف لن يلبوا طلب العراقيين بالمساعدة العسكرية بعد تطبيق الاتفاقية نهاية العام الحالي مثلما تكون مع تمديدها . وهي لا تعني أكثر من ترك العراقيين لمصير صراعهم الأسود في الاستحواذ على السلطة التي لا علاقة لها بالسيطرة على توجهات البلد , فهي مطمئنة لاستمرار قبضتها على الهيكل العام , أما السلطة فلا تعني عندهم ولن تصبح أكثر من وسيلة للصوصية واغتصاب الحقوق العامة على يد مثل هذه القيادات .

عندنا مسلمات يتفق عليها اغلب العراقيين , منها القناعة بفشل المحاصصة , والغريب ان اغلب الأحزاب والقوائم الكبيرة التي سيطرت على الساحة السياسية يدينونها , ولكنهم يستقتلون على استمرارها , وهي الأساس في هذا التردي الذي لا نستطيع الخروج منه . وأخرى , استمرار فقدان العراق لمرجعية رسمية موحدة ترتكز على آلية محددة باتخاذ القرار الوطني المسئول مثل أية دولة أخرى , والكبار لا يريدون هذه المرجعية أيضا , لأنها ستوسع الفرق في حجوم اقتسام كيكة السلطة . وتبقى القناعة العامة بعدم تمكن القوى الأمنية العراقية بالحفاظ على امن وسلامة العراق, وهي الأهم في هذه المرحلة , والأمريكان يدركون هذا جيدا ولن يتركوا العراق أن يذهب لقمة سائغة إلى إيران . ويبدو إن هذا الاطمئنان وراء العنعنة لتجديد الطلب في استمرار بقاء القوات الأمريكية بعد نهاية العام , وبغض النظر عن رغبات البعض من الذين يمثلون مصلحة النظام الإيراني , ويعتقدون ان عدم تجديد طلب استمرار الأمريكان سيمنحهم الفرصة الذهبية لملئ الفراغ والاستيلاء على السلطة حتى ولو بحدود إقليم الوسط والجنوب, ويعدون العدة لذلك .

لاشك ان طلب تطبيق الاتفاقية والخروج الكامل للجيش الأمريكي هو موقف وطني , لو , توفرت الثقة بإمكانية القوى الأمنية العراقية في حفظ الأمن . ولو , توحدت توجهات القوى السياسية تحت راية الوطنية التي أقرت بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد . و ( لو ) الأولى والثانية تقع في مسئولية قيادة السلطة لإيجاد البدائل الواقعية لها , ومسئولية القيادة تتطلب الموازنة في بقاء الدولة ضمن النسيج الإقليمي والدولي , واستيفاء شروط نموها من خلال تعشيق مصالحها مع مصالح الآخرين , وأولها ضمان استقرار أمنها الذي بدونه لا تستطيع النهوض بمجتمعها , وفي الظرف العراقي الحالي لا وجود لمرجعية أمنية تحفظ وحدة وسلامة العراق غير الأمريكان – رغم الجرح الذي يسببه الاعتراف بذلك - , والأمريكان عملوا على أن يستمر العراق بهذه الحاجة , فهو بالنسبة لهم لا يزال المرتكز الستراتيجي لإعادة صياغة المنطقة المنتجة للطاقة .

اغلب القيادات السياسية العراقية مثقلة بالهموم الشخصية , ولا وقت لديها لاسترجاع الصدى الوطني التي كانت تتبناه او تدعيه عندما كانت في المعارضة , واليوم تجد في المزايدات الوطنية , والمتاجرة بإخراج الأمريكان , الورقة التي تستر عورة انحطاطها دون ان تكلف نفسها حتى بالسؤال : ما الذي سيحدث بعد إخراجهم ؟! والغريب , إنهم رغم انشغالهم بصراعاتهم الشخصية والحزبية لا زالوا يعتقدون ان توجهات العراق متوقفة على كلمتهم , وليس كون اغلبهم أدوات لما تقرره خريطة صراع المشروعين الأمريكي والإيراني للاستحواذ على العراق . وان استمرار بقائهم في هذا المستنقع الآسن بروائح الصراع الشخصي واللصوصية والفساد , ومعهم إبقاء العراق في هذا الوضع المزري الفاقد لإرادته , هو ما يحتاجه الأمريكان والنظام الإيراني لاستخدامه ورقة رابحة في إيصال صراعهم لنهاياته . ومن جهة أخرى يؤكد الكثيرون ان الاستعدادات جارية لامتدادات النظام الإيراني بإعادة الصراع الطائفي استجابة لحاجة النظام في إشعال المنطقة للتعتيم وحرف الانتباه عن استمرار الصراع الدموي الدائر في إيران . فهل سيرهن الأمريكان نجاح مشروعهم على ما تقرره القيادات العراقية ؟!
 

 

 

free web counter