| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأثنين 21/2/ 2011



ما لم يكن في الحسبان

عزيز العراقي

الثورة الليبية الحالية تذكرنا بانتفاضة العراقيين في بداية التسعينات , فلم يتوقعها احد نتيجة السيطرة الفولاذية للنظام , ومصادرته لكل الحريات التي تتمتع بها باقي الشعوب , ولعقود طويلة , حتى بات الشعب الليبي مضرب لمثل الخنوع لإرادة الحاكم الذي لا يقل استهتارا عن صدام في قمع تطلعات شعبه , وممارسة أبشع أنواع الجريمة للمحافظة على عرشه . كان هذا حال العراقيين يوم انتفضوا عام 1991 عندما اخرج صدام وجيشه من الكويت في هزيمة قلما شهد التاريخ مثل عارها . ولم يحسب صدام , ولا العالم في وقتها , ان هذا الشعب الخانع سينتفض بعنفوان ويسقط فيه أربعة عشر محافظة في خمسة أيام . ولولا اختلاف الظروف قبل عشرين عاما , ومحاولة النظام الطائفي الإيراني قطف ثمار تلك الانتفاضة الجبارة , لما سمح لصدام بإعادة ترتيب أوراقه ثانية وإغراق العراقيين في بحر من الدماء , وبمساعدة الأمريكان أنفسهم .

لم يتوقع العالم , ولا النظام الليبي , ولا حتى الشعب الليبي ذاته ان تكون الانتفاضة بهذا الجبروت والقوة , والتي اكتسحت اغلب المناطق الليبية , ودخلت الى معقل القذافي في العاصمة طرابلس بهذه السرعة . ولم يبقى أمامه إلا البطش الدموي بالمنتفضين , وادعائه بأنهم يعملون إلى جهات أجنبية . وهو نفس الاتهام الذي ساقه نظام بن علي في تونس , ومبارك في مصر , والنظام اليمني , وتبعتهم الحكومة المحلية في إقليم كردستان , وثبتت بان نوشيروان مصطفى زعيم الحركة المنشقة من الاتحاد الوطني الكردستاني , دفع بهذه الجماهير المنتفضة في السليمانية بعد لقائه بضباط كبار في فيلق القدس الذي يدير عمليات النظام الإيراني في الخارج .

لا احد يقول ان نوشيروان مصطفى يختلف عن باقي مناوئيه , اوانه نزيه , وقد يتعاون مع الشيطان لتحقيق أهدافه ونزعاته الشخصية , وحاله حال جميع القيادات الكردستانية والعراقية , ولكن المؤلم ان ترحل مطالبات الجماهير في حياة حرة كريمة , تنهي الجوع والعيش دون خط الفقر الى رغبات النظام الإيراني , الذي لن تقوم للعراق قائمة بإقامة دولة ديمقراطية حقيقية إلا بإزاحته من الوجود , وكنس امتداداته من قيادات أحزاب شيعية او كوردية متهالكة لركب انتفاضة جماهير السليمانية البطلة مثل نوشيروان .

الشعب الليبي حاله حال العراقيين عام 1991 عندما لم يتمكن من إيجاد قيادة موحدة للانتفاضة , وكان هذا احد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى فشل الانتفاضة . الا ان الليبيين لا يوجد عندهم جار طائفي طامع مثل النظام الإيراني , يدفع بباقي نظم المنطقة ومن خلفهم الأمريكان لمعاداته , وهذا سيمهد الطريق حتما لانتصارهم . الا ان الخوف ان تنطلي على الشعب الليبي بعد كل هذه التضحيات , ومثلما انطلى على العراقيين , إجراء انتخابات سريعة بدون فترة انتقالية , والتصويت على دستور كسيح ومزدوج في تعامله مع إعادة بناء الدولة , ولا يعرف محتواه المعوق اغلبية الشعب العراقي لحد الآن , وتحاصص لاقتسام واردات الدولة بعد ان سيطرت قيادات سياسية فقدت كل مقومات الضمير الحي والشعور بالوطنية , وأصبح تبديلهم أصعب من إزاحة النظام البائد , وباتت استقالة جعفر الصدر من عضوية البرلمان بطولة وطنية طالب احد الأخوة بإقامة تمثال له تكريما لهذا الموقف , وهو لا يبغي إلا النفاذ بجلده والحفاظ على سمعته من ان تتلوث في أوحال هذا المستنقع الآسن .

 

 

free web counter