| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأثنين 21/5/ 2012



المشكلة ليست بالمالكي

عزيز العراقي

في المقابلة التي أجراها قبل أيام السفير الأمريكي الأسبق في العراق زلماي خليل زاده مع قناة الحرة عراق , وهو الذي اشرف على تطبيق نظام التحاصص الطائفي والقومي في العملية السياسية العراقية . وبعد أن أكد موافقة الأمريكان والإيرانيين على بقاء المالكي رئيسا للوزراء مرة ثانية , وضح ان النظام الإيراني يريد المالكي ولكن ليس قويا او متفردا في قراراته , وعندما وجد ان المالكي استطاع من تحجيم السنة المتمثل بالقائمة العراقية , ومحاولته السيطرة على الأكراد أيضا , ووجد عنده توجهات فردية قد تدفعه للتمرد على النظام الإيراني ذاته , دفع بمقتدى الصدر زعيم التيار الصدري والمقيم في قم بالذهاب الى اربيل والاجتماع بباقي القيادات السياسية العراقية . وبعدها صدرت مذكرة ألثمان نقاط والتي بدون تنفيذها يمكن ان تسحب الثقة من حكومة المالكي . مقتدى الصدر جاء الى اربيل ليس بدافع المصلحة الوطنية بل لتنفيذ توجهات النظام الإيراني في تهديد المالكي وإزاحته من منصبه اذ لم يستجب للسياسة الإيرانية .

تفسير خليل زاده للحراك السياسي العراقي الحالي , وسبب قدوم مقتدى الصدر وتصدره في التصدي لمواجهة المالكي هو التفسير الأكثر معقولية لواقع هذا الحراك . ويؤكد ان أطراف هذا الحراك لا يمتلكون وحدة الرؤيا الوطنية لتحركهم , فمقتدى يتحرك وفق الأجندة الإيرانية , والنظام الإيراني ليس في حساباته على الأقل الآن إزاحة المالكي , بل تذكيره فقط انه يمكن إزاحته بما يمتلكه التيار الصدري من عدد النواب . وبغض النظر عما تدعيه القائمة العراقية والكردستانية لإزاحة المالكي تحت لافتة ( منع عودة الدكتاتورية ) , فان الجميع يعرف ان سلب المالكي لحقوق قيادة القائمة العراقية مثل مجلس سياسات علاوي , وتسمية الوزراء الأمنيين , وتنكره لما تم الاتفاق عليه في اربيل حول مسألة الشراكة الوطنية مع الملاحق الخاصة بينه وبين الكردستانية والملحقة باتفاقية اربيل بحجة عدم دستوريتها , وراء دوافع القائمتين في تغيير المالكي .

المشكلة ليست بالمالكي , بل بنظام المحاصصة الطائفي الذي أتى بالمالكي , والذي ربما سيلد أسوء من المالكي . القائمة العراقية ستبقى في هذا الموقع المتردي الذي وصلت إليه لأنها محكومة بالنظام الذي أتى بالمالكي , ومهما ادعت بكونها عراقية وعابرة للطوائف ورئيسها شيعي الا انها محكومة بآليات التحاصص الطائفي . واقرب مثال فوزها في الانتخابات الأخيرة , ولكنها حرمت من حقها في تشكيل الوزارة بعد ان تم الالتفاف على فوزها بتشكيل (التحالف الوطني) الشيعي بعد انتهاء الانتخابات . والقائمة الكردستانية لا تستطيع ان تحصل حتى على إنجاز المادة 140 الدستورية في ظل المحاصصة الطائفية التي ترفض الاعتراف بأية حقوق قومية , وتنمي سلب الآخرين وليس إقرار حقوقهم .

العتب ليس على المالكي والقائمة الشيعية , فان محفزات استئثارها بالسلطة كبير في نظام المحاصصة . ولا العتب على قيادة القائمة العراقية التي انشغلت بالطموحات الشخصية لقياداتها . ولعل مقالة الشاعر فالح حسون الدراجي الأخيرة المعنونة " بين هيفاء وهبي .. وحيدر الملا " المنشور في موقع " صوت العراق " , والذي أنهاها بزيج شعري ( ولو إنني لست بناقد كما يؤكد بعض النقاد ادعاءا للبساطة , ولكن وجدت شاعرية الدراجي أكثر حداثة وواقعية من بنيوية علاوي السياسية ) كثف فيها ليس اهتمامات هذه القيادات فحسب بل وكل تفاهات العملية السياسية .

كان الأمل معقودا على قيادة القائمة الكردستانية في النهوض بالمشروع الوطني العلماني رغم المد الطائفي الذي اجتاح العراق عند التغيير , الا ان استعجالها في تظهير المسألة الكردية , والاندفاع وراء إغراء الاستقلال , جعلها تنساق وراء نظام المحاصصة الطائفي والقومي الذي جرد العراقيين من وحدة مصالحهم . وهي تعلم جيدا ان لا وجود لنظام سياسي أو أحزاب دينية وطائفية تؤمن عن حق بحق تقرير المصير للقوميات . وتعرف جيدا ان النظام الإيراني مظلة الأحزاب الشيعية هو اكبر المتضررين إذا نجح الإقليم في التمتع الكامل بفيدراليته , او حصل على استقلاله القومي المشروع , وذلك ان إيران البلد الأكبر في تعدد القوميات في المنطقة .

القيادة الكردستانية مدعوة اليوم أكثر من أي يوم للنهوض بأسس جديدة في توجيه العملية السياسية , بعد ان ثبت فشل نظام المحاصصة الطائفي في تحقيق الطموحات الكردية , وتلبية متطلبات الشراكة المذهبية وفق أسس وطنية حقيقية , ودع عنك باقي القوميات والأديان .









 

 

 

free web counter