| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأثنين 20/10/ 2008

 

متى سيدرك الامريكان ؟!

عزيز العراقي

ليس جديداً ان يقال ان الامريكان ساهموا في ترسيخ التمزق الطائفي والقومي بعد اجتياحهم للعراق واسقاط النظام الصدامي , وكان تفردهم في اعادة هيكلة العملية السياسية ودفع بناءها بأتجاه المحاصصة الطائفية والقومية , والذي تناغم مع رغبات التعصب القومي والطائفي لاغلب القيادات السياسية العراقية الفاعلة , بما فيها السنية التي استجاب قسم منها للركض وراء الامريكان منذ البداية للحصول على مايمكن الحصول عليه من بقايا السلطة المفقودة , او الذين بدلوا ولائهم من التمرد والعمل مع القاعدة بحجة المقاومة الى العمل مع الامريكان ولنفس اسباب ودوافع فصيلهم الاول .
ومن جهة اخرى ادى انفراد الامريكان ايضاً في اعادة بناء اجهزة الدولة على نفس اسس ونظرية بناء العملية السياسية , وجعل اعادة البناء تبتعد قدر المستطاع عن وحدة المصلحة الوطنية التي تستدعي النزاهة والامانة والعمل لصالح المشروع العام , واصبحت اقطاعيات خاصة بكل حزب , ولاينظر القائمون عليها اكثر من مصلحة انتمائهم الحزبي الوقتي وضرورة الاسفادة القصوى من هذا الاقطاع المؤقت , الذي هيأ الارضية الخصبة لانتشار الفساد والرشوة ونهب المال العام .
لقد ظن الامريكان ولايزالون ان اعاقتهم لبناء المشروع الوطني العراقي سيسهل عليهم امكانية توجيه الارادة العراقية وفق متطلبات مصلحتهم الستراتيجية , ولا اهمية لمجمل الخسائر البشرية العراقية وبصورة اقل الامريكية , والمادية التي تلحق بالطرفين ما دام الاستثمار الامريكي ( اجتياح العراق ) سيحقق غاياته سواء في العراق او في المنطقة . واولى نجاحات هذا الاسثمار توقيع الاتفاقية الامنية الستراتيجية مع العراقيين , الا ان الواقع جاء بعكس الطموح . والذي زاد الطين بلة تزامن ضرورة توقيع الاتفاقية مع صراع الوصول للبيت الابيض , والازمة الحادة التي تمر بها الرأسمالية والمسؤولة عنها بالدرجة الاساس المؤسسات المالية الامريكية . والسببان كفيلان بالاستغلال من منافسين اقل عداء للامريكان من النظام الايراني الذي يرتبط استمرار مشروعه القومي التوسعي وبناء سلاحه النووي بالفشل الامريكي , وفي ساحته الرئيسية العراق . وليس غريباً ان يتم رفض اي اتفاق مع الامريكان من قبل القوى الموالية لايران في العملية السياسية العراقية , وليس غريباً ايضاً ان يتم اتهام كل الرافضين للشروط المجحفة الامريكية من الوطنيين العراقيين بأنهم عملاء لايران من قبل الامريكان .
ومن جهة اخرى فأن التأييد الكردي غير المشروط لبنود الاتفاقية كما سربتها الانباء , هو ليس في صالح الستراتيجية الامريكية ايضاً . لان الكثير من الاطراف العراقية – وخاصة في الفترة الاخيرة – تجد في القيادة القومية الكردية عدم حرصها على وحدة المصالح الوطنية العراقية امام المصلحة الكردستانية الطامحة لتظهير صورة الاستقلال مهما تكن الخسائر الكردستانية والعراقية عموماً . ومثل هذا الطموح الذي تغازله الادارة الامريكية ( ولن تقره ) , لن يكون كفيلاً حقيقياً لتثبيت جذور الاتفاقية رغم قوة نفوذه الحالية .
والسؤال هو متى سيدرك الامريكان انه يجب ان يراعوا مصلحة العراقيين في اقامة مشروعهم الوطني , وهو الضامن الحقيقي والوحيد لقيام علاقة ستراتيجية امنية وسياسية واقتصادية مع الجانب الامريكي , وهو الوحيد الضامن لوحدة مصالح العراقيين وحفظ كرامتهم . وسياسة الاتفاقات والوعود لكل مكون عراقي على جهة لن تؤدي الى النجاح , لا بل عدم التوافق على الاتفاقية ستقضي على التحالف الهش بين القيادة القومية الكردية والطائفية الشيعية والسنية التي عمل الامريكان على قيامها في الفترة السابقة .
 

free web counter