| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الخميس 20/9/ 2012



العراق والقاسم المشترك لقياديه المتنفذين

عزيز العراقي

في مسخرة لا تثير الضحك , بل الأسى , أعلن عن سفر رئيس الإقليم السيد البر زاني إلى دول أوربية , ادعى مكتب رئاسة الإقليم في بيانه المستعجل : إنها جاءت استجابة لدعوات وجهت لسيادته لحضور ندوات ولقاءات لم يعلن اسم أي منها . الجميع يدرك ان سفر رئيس الإقليم الذي لم يعلن عنه سابقا وجاء عشية وصول رئيس الجمهورية السيد الطالباني الى السليمانية هو للتهرب من استقبال الرئيس , وتخلصا من الإحراج الذي سيوضع فيه ان لم يذهب الى السليمانية للترحيب والاطمئنان على صحة الرئيس كما تقتضي الأصول , حاله حال المالكي والنجيفي ومن معهما . خاصة وان الجميع ينتظر هذه العودة الميمونة لحل إشكالات العملية السياسية التي لا حل لها .

لي صديق تجاوز الخمسين أجريت له عملية تبديل ثلاثة شرايين واستقطاع جزء من القلب لتصغيره بعد أن جعله التضخم لا يدفع الدم بشكل اعتيادي قبل عشر سنوات في السويد , لم يبقى في المستشفى سوى ثلاثة عشر يوما , وفي الشهر الثاني قدم الى العراق حيث جرت إزاحة صدام . وصديق آخر كان نصير شيوعي في كردستان يدعى ( ابو نصار ) واسمه الحقيقي جابر ديوانية , يسكن الآن في يوتوبوري , أصيب بالكَنكَرينا نتيجة تلوث جرح رجله في احد المعارك مع قوات السلطة الصدامية , وأجريت له عملية قطع ساق بمنشار ( خشبي ) بعد ان سقي بطل ويسكي لعدم وجود البنج , ولم تنجح العملية فأجريت الثانية بنفس الطريقة . بعد ثلاثة أسابيع بدأ يتدرب على السير بالعكاز . ويبدو ان عملية رئيس الجمهورية مام جلال في ركبته التي استغرقت ثلاثة اشهر هي أصعب من هذه الحالات , وكان الله في عونه .

الجميع يعرف ان جلال الطالباني ذهب إلى ألمانيا نتيجة اشتداد الأزمة بين المالكي من جهة وبين البر زاني والنجيفي وعلاوي من جهة أخرى , وانضم إليهم مقتدى الصدر بتوجيه من إيران ( لتبويش ) طلب إقالة المالكي . الطالباني تخلصا من الوعد الذي اعطاه للبرزاني والقائمة العراقية لاستجواب المالكي في البرلمان تمهيدا لسحب الثقة منه , ونتيجة الاستجابة لضغوط دولية ( أمريكية وإيرانية ) كما أكد الكثير من النواب في البرلمان في وقتها, قام بسفرته الميمونة . وأشار بعض الكتاب انه سوف لن يعود الا بعد تمييع الأزمة , واليوم قد ميّعت الأزمة .

الطالباني يعتقد حاله حال جميع القيادات العراقية المتنفذة : ان الاستجابة لما يريده الأمريكان والإيرانيين هو الأسلم لاستمرار العملية السياسية , واستمرار هذه القيادات في إدارتها وتوجيهها . ورغم كساح هذه العملية وتشوهها الذي يقره الجميع وعلى رأسهم الطالباني , فانه يجد إنها الآلية الوحيدة لاستمرار وجود الدولة العراقية , وهي الأهم بالنسبة لهم جميعا من إعادة الحياة والعيش الكريم للعراقيين . ومن هذه النقطة يجد الطالباني والمقربون منه انه عالج الأزمة بدبلوماسية وروية وذكاء , والمعارضون يجدون سفر الرئيس هو تهرب من المسئولية التي تطلبت المواجهة لتعزيز المصلحة الوطنية , وتعميق لحالة التخندق الذي يتحكم بكل ( الشركاء ) , والذي أصبح الهيكل الوحيد الذي تدور في فلكه العملية السياسية .

سفر رئيس الإقليم كما يقول القيادي في القائمة الكردستانية محمود عثمان , وهو من القلائل الذين لا يزالون يمتلكون الصدق والشفافية في تصريحه المنشور في " صوت العراق " يوم 19 / 9 / 2012 :" انه كان مفاجأة بالنسبة للكثيرين " , وأكد ان البرلمان كردستان لم يصدر حتى الآن قانونا لتشكيل مجلس للحوار مع بغداد .

القاسم المشترك بين القيادات العراقية المتنفذة كما يؤكد الكثيرون هي الدوافع الشخصية , وسفر رئيس الإقليم تحت هذا الباب , حيث يعتبر ان عدم الاستجابة لطلبه في خطوات إقالة المالكي هي إساءة ( شخصية ) قبل ان تكون قضية سياسية تخضع لقانون ميزان القوى الذي هو ليس في صالح الجماهير العراقية بفضل هذه القيادات أولا , ولعدم شعور هذه الجماهير بوحدة مصالحها الوطنية ثانيا , بل لصالح توافق الأمريكان والإيرانيين صاحبي القول الفصل في العراق .

والسؤال : هل القائمة الكردستانية جادة في حل مشاكلها مع الحكومة الاتحادية ؟! أم انها تعتقد حالها حال شريكتيها الشيعية والسنية : انه لا يوجد أفضل من هذا الوضع لاستمرار استئثارهم بإدارة السلطة .


 

 

free web counter