| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

عزيز العراقي

 

الخميس 1/11/ 2007



لكي لايكون الخطأ جريمة ومع سبق الأصرار

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

التهديدات التركية بأجتياح أقليم كردستان العراق بحجة أجتثاث مقاتلي حزب العمال الكردستاني أثارت الكثير من الأسئلة حول أمكانية مقومات الأقليم بالثبات امام هكذا اجتياح لو حصل , وليس المقصود الأمكانيات العسكرية فقط , بل البناء المؤسساتي , واستقرار هياكل أدارة الأقليم , والأهم التشبع الكافي بوجود الأقليم كواقع لدى الجماهير الكردستانية والعراقية والدول المحيطة بالعراق . حيث لايكفي اقرار وجود الأقليم في الدستور والقوانين فقط , ما لم يختمر هذا الوجود في الوعي الجمعي لهذه الجماهير والنظم , وهذا يحتاج الى فترة ليست بالقصيرة , ومرونة سياسية عالية تستطيع تمريره , وبعدها , أستقراره كحقيقة تطالب بشروط وجودها , وليس بالأحماء غير الطبيعي للمشاعر القومية , واعتبارها البديل عن الأسس الحقيقية للبناء .

لقد اكد الكثير من الاحزاب والقادة السياسيين والكتاب على ان التصعيد التركي الاخير ليس بسبب الاعمال الدموية لحزب العمال الكردي , بل اتخذت كذريعة لأهداف أكبر , وهي الأجهاز على تجربة الأقليم الوليدة , بالتنسيق مع النظامين الايراني والسوري الخائفيين من تهيج المشاعر القومية في بلديهما ايضاً , اضافة لترحيب الانظمة العربية الرسمية غير المعلن , والمنظمات والأحزاب القومية العربية وحتى بعض الاحزاب اليسارية . ولا شك ان عدم المرونة السياسية للقيادة القومية الكردية في معالجتها لتثبيت واقع الأقليم , واستعجالها غير المدروس والمبالغ فيه بأشهار السيادة القومية – وهي التي لم توحد الأدارتين لحد الآن - , او القيام بأعمال مرتجلة مثل منح الامتيازات وعقد الأتفاقات النفطية من قبل حكومة الأقليم مع الشركات الأجنبية , وهي من اختصاص الحكومة الأتحادية . هذا وغيره ولد الكثير من القلق لدى هذه الأنظمة والمنظمات .
ان احد اشكاليات القيادة القومية الكردية اعتقادها بأمكانية التعامل وفرض الأرادة مع دول الجوار الأقليمي بنفس السهولة التي تستطيع بها فرض هذه الأرادة على باقي المكونات العراقية الممزقة من "الشيعة والسنة " , وفاتها ان المشكلة الكردية هي مشكلة رئيسية لثلاثة نظم قومية بوليسية أخرى . والنجاح في تثبيت الفيدرالية الكردية داخل الحدود الوطنية العراقية هو الأهم في الوضع الحالي , وشعاع النجاح هو الذي سيعطي الدفق الحقيقي للشعب الكردي في الدول الأخرى الثلاث , واستبدال شروط النجاح بحماوة المشاعر القومية لن تصب في مصلحة الشعب الكردي .

ان احد استعجالات القيادة القومية الكردية التي أضرت بسلامة قيام تجربة الأقليم , واعتقدت انها تحقق النجاح بأسرع الطرق , هو اقرارها العشوائي بالفيدرالية , وتجريدها من كرديتها المعترف بها من قبل الأطياف العراقية الأخرى والأقليمية . ويعتقد الكثيرون ان ادراك النظام الايراني لعدم تمكنه من منع قيام الفيدرالية الكردية التي اصبحت كأمر واقع , هو الذي فرض مساومة قائمة " الائتلاف" الشيعية برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم لجعل الفيدرالية ليست مختصة بكردستان فقط , او عدم تأييدها , واستجابت بسرعةالقيادة القوميةالكردية, وتم الأتفاق على امكانية تأسيس الفيدراليات الطائفية , لتكون مصدر قلق على سلامة وحدة العراق , وفي نفس الوقت لتسخيف فكرة الفيدرالية ذاتها , لترفض من قبل المكونات العراقية الأخرى والأقليمية مثلما يطرحها الآن "المجلس الاعلى" برئاسة السيد عبد العزيز الحكيم . ولو تيسر اقرار كردية الفيدرالية فقط , وجرت رعايتها بشكل طبيعي , لما تجاسر القوميون العرب والأتراك والايرانيون بالهجوم على وضوح استحقاقها .

ان المخاطر الجدية التي اثارها التحشد التركي على عموم التجربة العراقية , والكردستانية بالذات , تستدعي التوقف والنظر بجدية لتفحص مجمل الأتفاقات والمواقف التي انعكست عن هذه الاتفاقات , وأهمها تفكيك التوافق الشكلي المنافق المبني على اسس المحاصصةالطائفية والقومية الذي اوصلنا لهذا الدرك , ولاعيب في التراجع عن اطر سياسية , وقرارات واتفاقات اثبتت فشلها , بما فيها بعض المواد الدستورية . والعيب كل العيب الأستمرار في تعميق هذا الفشل , ولكي لايكون جريمة مع سبق الاصرار يرى الحريصون على العراق وكردستان ان يعاد النظر بواقع تحالفات الاحزاب الكردية , وتستبدل تحالفاتها مع القوى الطائفية بتحالفات مع القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية رغم ضعفها الحالي , لأنها الكفيل الوحيد لضمان العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , الذي بدونه ستتمزق كل المكونات ولن يسلم احد .
واذا كان صدام ابن شارع , فأن الأمريكان ابناء الف شارع , ولا يقيمون لغير مصلحتهم اي اعتبار . ومثلما فعلها صدام ووضع برنامج تخفيض وزن لوزرائه وحاشيته لأذلالهم واشعارهم بحجمهم الحقيقي , فالأمريكان لايتورعون من فعل الأسوء لأشعار القيادات العراقية بحجمها الحقيقي , وأولها ثلاثي مكتب رئاسة الجمهورية, رمز السيادة , والفشل , والممثلين الحقيقيين للتحاصص الطائفي والقومي الذي عجزليس عن النهوض بالمشروع الوطني فقط , بل وحتى في التوافق فيما بينهم .
 


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس