| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 1/3/ 2012



ماذا سيحصل عليه العراق من هذه المساومات ؟

عزيز العراقي

يعتقد الكثير من المراقبين ان الاجتماع القادم بين وزير الخارجية الروسي ووزراء خارجية دول الخليج في الرياض يوم الأربعاء القادم , جاء بطلب من روسيا , بعد ان يئست من استمرار بقاء نظام الأسد , وتورطت في استعمال الفيتو في مجلس الأمن للدفاع عنه . ومما لا شك فيه ان روسيا ستخسر بسقوط النظام السوري آخر وجود حقيقي لها في منطقة الشرق الأوسط , وستعود الى انكماش روسيا القيصرية قبل مئة عام ان لم تتمكن من التناغم مع التطور السياسي الحالي حتى ولو شعرت بخسارة الكثير . وإذ كانت روسيا القيصرية مكتفية بوجودها الشاسع , ولا توجد في تلك المرحلة شبكة العلاقات الدولية التي تشكل اليوم احد الرافعات الأساسية لنجاح أية دولة , وبالذات الدول العظمى , فان روسيا تجد نفسها اليوم في اختناقات اقتصادية كبيرة بعد ان فقدت أسواقها وعلاقاتها السياسية , والتي توج بعضها باتفاقيات ( صداقة ) وطيدة بالعديد من الأنظمة نتيجة خسارتها في هيكلها السابق الاتحاد السوفيتي للحرب الباردة . ونتيجة شعورها بخسارة آخر ما تبقى لها في سوريا , فإنها طلبت اللقاء بالدول الخليجية , باعتبار هذه الدول هي راس الحربة في المشروع الأمريكي لإعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط . وروسيا ستقبل بأقل ما يمنح لها من علاقة ونفوذ مقابل تخليها عن استمرار دعمها للنظام السوري .

من الملفت للنظر الغيرة التي أظهرها النظام السعودي في حرصه على التضحيات التي يدفعها الشعب السوري للخلاص من نظام بشار . وهي مثلما قال احد الكتاب , ان معركة بقاء النظام السوري هي " كسر عظم " بين المشروع الأمريكي ومعه الأنظمة الخليجية وبين النظام الإيراني . وحرص السعودية في تغيير نظام الأسد هو لكسر شوكت إيران وحرمانها من أهم اذرع مشروع تمددها في المنطقة , والذي اخذ شكل الصراع الطائفي الذي يشجع على تظهيره أكثر الإدارة الأمريكية . وذا كان التردد الأمريكي في إيجاد صيغ أكثر فاعلية لمساعدة الشعب السوري بعد الفيتو الروسي الصيني بحجة عدم توحد المعارضة السورية , هو في الحقيقة محاولة للإبقاء أطول فترة ممكنة على هذا التقتيل لغاية ما تقبل المعارضة السورية بكل شروط التدخل الغربي مثلما حدث في ليبيا . والأمريكان من جهة أخرى لم يجدوا أفضل من تهديد النظام الإيراني للأنظمة الخليجية كمحفز لهذه الأنظمة في التسابق لشراء الأسلحة الأمريكية , خاصة وان ايران لحد الآن لم تمتلك القنبلة النووية . وهذا هو المرجح ان يكون سبب ( التباين ) بين الموقفين الأمريكي والسعودي في درجة ( حرصهم ) على سلامة الدماء السورية .

الذي يهمنا هو الإشكالية التي تتحكم بالساحة العراقية في جدوى او عدم جدوى انعقاد مؤتمر القمة العربية في موعده المحدد في بغداد . وفي الوقت الذي يجد فيه اغلب العراقيين تضيع للجهود والمال , والأجدر بالحكومة اذا كانت تدعي الوطنية الالتفات للأمور التي تهم مصلحة العراقيين , وأولها التئام المؤتمر الوطني للخروج من ألازمة المستعصية الحالية , لا كما يجري تسويفها من قبل قائمتي المالكي وعلاوي كونها مشاكل يمكن حلها بين القائمتين . والقائمتان متكالبتان لانعقاد المؤتمر العربي , فجماعة علاوي تجد في دول الخليج والدول السنية الأخرى , حليف سيساعدها في صراعها الذي تكاد ان تخسره مع قائمة المالكي الشيعية . وقائمة المالكي تريد عقد المؤتمر ليس لإعادة الاعتبار العربي للعراق , بل لإيجاد مواطئ احترام إقليمية ودولية للمالكي وباقي رجال الطبقة السياسية المتنفذة , التي تعرف أكثر من غيرها بأنها فاقدة للهيبة الوطنية والدولية نتيجة استقتالها على السلطة والجاه والمال بعيدا عن المتطلبات الوطنية . ويرجح تهالك حكومة المالكي أيضا بدفع من النظام الإيراني , الذي بات يريد ان يكون العراق بديل عن النظام السوري الذي طرد من الجامعة العربية وأصبح سقوطه وشيكا , في شل القرارات العربية ومنع معاداتها للنظام الإيراني .

السعودية وباقي دول الخليج, وما تمتلكه الآن من ثقل نوعي في القرار العربي , لم تعط موافقتها لحد الآن على التئام القمة في موعدها . وبعيدا عن الوضع الأمني الهزيل في العراق , والذي سيمنع قدوم الملوك والأمراء العرب , الا انه لا يمنع السعودية من ان تسعى ليخرج المؤتمر بقرار يدين النظام الإيراني ويشدد الضغط على النظام السوري , وهو الشرط الوحيد لموافقتها في انعقاد المؤتمر في موعده المحدد . وان لم تستطع فسترسل اقل المستويات الرسمية للمشاركة , وقد تشتعل بغداد بالكثير من التفجيرات التي ستحول سيطرة الحكومة الى مهزلة حقيقية .

ماذا يكسب العراقيون من هذا المؤتمر , والصراع هو بين المشروعين الأمريكي والإيراني للاستحواذ على المنطقة , واغلب التوقعات تؤكد ان خسارة المشروع الإيراني ستكون بسبب عنجهيته القومية , التي تحاول امتلاك القنبلة النووية للدخول من أوسع الأبواب في فرض النفوذ بين مجتمع الكبار , وليس بسبب النفوذ الطائفي والاقتصادي الذي يمكن يتعايش معه المشروع الغربي . وقائمتي المالكي وعلاوي لا تمتلكان أساسا أي مشروع وطني يمكن ان تتقدما به لمؤتمر القمة , فكيف يعول على القمة بتحقيق مكسب للعراق ؟!

 

 


 

 

free web counter