| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الخميس 19/6/ 2008



التداخل الطائفي والضرورات العراقية

عزيز العراقي

تحاول بعض التفسيرات ارجاع موقف التيار الصدري بعدم التصدي للقوات الحكومية في حملتها الامنية الاخيرة في محافظة ميسان لرغبة النظام الايراني في دعم حكومة المالكي . وهو يجسد الرغبة الايرانية لاحتواء مختلف الوان الطيف الشيعي في كل المنطقة وليس في العراق فحسب , في محاولة لاضفاء الصيغة المذهبية على حقيقة التوجهات القومية الايرانية . الا ان النظام الايراني لايمتلك وسائل تنفيذ هذه الرغبة لاختلاف اجندات ومصالح (الفروع) الشيعية وبالذات في العراق , فهي تختلف جذرياً عن المصالح الايرانية في اطار توليفة مستقبل النظام العالمي الجديد .
ففي الوقت الذي تسعى فيه ايران لحل اشكالية توجهاتها القومية تحت اسم المشروع النووي , وفرض ارادتها على المجتمع الدولي الذي بات قريباً من الاجماع على لجمها . نجد العراق يسعى للالتحام بالتوجهات العالمية الجديدة التي تقودها اميركا , ويحاول ان تكون باقل الخسائر التي تنعكس في تحجيم ارادته الوطنية , سواء في التحكم ببناء قدرته الاقتصادية , او سلب قراره في ان لايكون محطة تزود الادارة الامريكية باحتياجاتها لفرض ارادتها على العراقيين وباقي شعوب المنطقة . هذا اذا استطاع من تثبيت ارادته بشكل موحد وواضح , ومثلما هو معروف فان سلطات الاحتلال لاتزال العامل الاكثر اهمية من بين المقومات العراقية الاخرى , ولن تترك له فرصة لتوحيد هذه الارادة .
نفوذ النظام الايراني اخذ بالتراجع مع نمو نفوذ السلطة العراقية في الفترة الاخيرة , سواء على الساحة السياسية او في الساحة الرسمية . وعلى سبيل المثال لا الحصر , ان وزير النفط السيد حسين الشهرستاني الذي كان محسوبا على النفوذ الايراني لكثرة ما ردد من تبريرات لسرقة النفط العراقي من قبل ايران بحجة عدم وضوح الحدود بين الطرفين , اعتبر في تصريح لصحيفة " الحياة " يوم 20080615 ان الاعذار الايرانية لاستمرار حرس الحدود الايرانيين في منع العراق من استثمار حقل " الفكة " جنوباً غير مقبولة لان الحقل عراقي بالكامل . النظام الايراني امام مشكلة كيفية تفعيل ادوات اختراقه للعراق التي اخذت بالتراجع, وجعلها موازية للسيطرة الفعلية لقوات الاحتلال ان لم تكن اكثر , وابقاء العراق الساحة الملتهبة الرئيسية في المواجهة مع الامريكان .
في الوقت الذي وقفت فيه الكثير من الدول وبالذات دول الاقليم بالضد من الرغبة في تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم او " كيانات فيدرالية" , فان النظام الايراني لا يجد من يقف معه من كل دول العالم – بما فيها سورية المرشحة لتفكيك علاقتها الستراتيجية معه– لو شارف على هاوية السقوط . وهذا ما تسعى له القوى العولمية المتمثلة باميركا , وما موقف روسيا والصين الداعم لايران الا موقف تكتيكي يجري التخلي عنه لحظة المفاضلة بين الفوائد التي ستتحقق لكل منهما . هذا التورط الايراني في العراق , والذي يصور في اغلب الاحيان على انه نجاح , يفرض على النظام الايراني ضرورة افشال اية حكومة عراقية تسعى للنهوض بعراقيتها , وتشكل ارادة وطنية مستقلة بين الارادتين الايرانية والامريكية , في سياق السعي المحموم لافشال المشروع الامريكي الذي لو قدر له النجاح في العراق , سيضع ايران برمتها في هاوية التقسيم الاثني .

الساحة الشيعية بين ضغط النظام الايراني وبين كيفية النهوض بمستلزمات المشروع الوطني , باعتبارها المكون الاهم في قيادة السلطة ستدفع الثمن الاعلى . ومثلما تمزقت وحدة " الائتلاف " سيتمزق نسيج وحدة بعض هذه الاحزاب , ولن يسلم منها غير " المجلس الاعلى " الذي لن يكون للضغطين تأثير عليه . ومن بين هذا التشابك سيكون نمو المشروع الوطني هو الاكثر فاعلية , ولابد من الاسراع في انجاز معالجة المواد الدستورية والقوانين مثار الجدل , والعودة للحكومة من قبل المنسحبين , ومحاربة الفساد والتعجيل في تدوير العجلة الاقتصادية , وليس بالتصريح البائس للناطق الرسمي للحكومة علي الدباغ , والذي لا يصدقه حتى الرضيع عندما قال ان البطالة وصلت الى 13 في المئة فقط . بدون هذه الخطوات وغيرها سيبقى التعثر هو الذي يقود العمل العراقي , ويجرد الحكومة من اهم مرتكزاتها في التفاوض مع الامريكان والايرانيين .


 




 

free web counter