| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الأربعاء 19/12/ 2012



وماذا كانت النتيجة ؟!

عزيز العراقي

لكي لا توجه التهمة وتحمل مسؤولية الفشل الحالي الى رئيس الوزراء المالكي وقائمته دولة القانون فقط , رغم كونه المسئول التنفيذي الاول , فان الجميع قد شارك في خلق هذا المأزق . ويمكن القول ان القائمة الكردستانية تتحمل الجزء الاكبر في ذلك , لكونها الوحيدة التي تمتلك الشرعية لمشروعية النهوض بالقضية القومية الكردية , بعكس الطائفية الغير شرعية , والتي تتبرأ منها الاحزاب الشيعية والسنية ولكن في العلن فقط .

المالكي ودولة القانون هم نموذج حقيقي للأبناء الشرعيين للمحاصصة الطائفية , والابنة الغير شرعية للتاريخ النضالي المرير للعراقيين . ولكن البرزاني وباقي القيادات الكوردستانية هم ابناء شرعيين للقضية القومية الكوردية التي مضى على نهوضها اكثر من ستين عاما , وقد تجلت جميع تطلعاتها في فضاء العلمانية والتقدمية والديمقراطية , وهذا ما جعل جميع الديمقراطيين , وبعضهم دفع اثمان غالية لكي تكون القضية الكوردية احد مكونات الوعي والهم الوطني العراقي , يشعرون بالتخلي عنهم من قبل القيادة الكوردستانية المتمثلة بقيادة الحزبين الرئيسيين عند اول اغراء بالتحالف مع الاحزاب الطائفية التي ركبت موجة تفجر الكبت الطائفي للجماهير الشيعية . وارتضت بدستور هزيل ميع خصوصية كردية الفيدرالية الى فيدرالية عامة , والآن تطالب القائمة الكردستانية اقرار هيكلية الفيدرالية وتنفيذ المادة 140 الدستورية والمتعلقة بالمناطق المتنازع عليها من من لا يعرف حتى معنى مصطلح الفيدرالية في هذه الاحزاب الطائفية .

القيادات الكردية هي التي قزمت القضية الكوردية وجعلتها في نفس خط المحاصصة الطائفية وافقها المحدود في البحث عن اقتسام النفوذ . والتي كان عليها ان تكون الدفق الصاعد الذي يقود توجه النظام الديمقراطي الجديد نحو ذرى التكامل القومي والحضاري , وتضع العراق في مقدمة الدول النامية كتجربة انسانية يمكن الاهتداء بها وتهديد الانظمة الشمولية سواء في ايران او سوريا والسعودية وباقي دول المنطقة التي اخذت ترتعد من نجاح الفيدرالية الكردية والتي أصبحت الحجة في محاربة النظام العراقي الجديد . وعلى سبيل المثال , ليس بعيدا اندفاعها مع الانحدار الطائفي في حرمان الاحزاب العلمانية الديمقراطية من استحقاقاتها ( الضئيلة ) في الحصول على بعض المقاعد البرلمانية , وتصويتها لصالح قانون الاستئثار الطائفي , رغم قرار المحكمة الاتحادية ببطلان هذا الخيار ومخالفته للحقوق الديمقراطية .

لقد نبه الكثيرون , وطيلة هذه السنوات لهذا الانزلاق من قبل القائمة الكوردستانية , وليس اليوم مثلما اشار الاستاذ فخري كريم في سلسة مقالاته الثلاث في صحيفته " المدى " تحت عنوان ( متى تتوقف شكوك مسعود برزاني وريبته من " المركز " )  , وهي اشارة متأخرة . ورغم تأخرها فقد اغتصبت تحليلاتها واستنتاجاتها العلمية من قبل العنوان الذي يجعل من رئيس الاقليم قبة الميزان , او المحتكم اليه , وهو في الواقع من الاثقال التي رجحت الوصول الى هذا المأزق .

ان الفصل بين تطوير القضية القومية الكردية عبر انجاح الفيدرالية وبناء النظام الديمقراطي للإقليم , وبين استتباب النظام الديمقراطي للعراق , هو احد الاسباب الرئيسية لهذا المأزق . فلا القضية القومية الكردية تطورت كثيرا عن بداية التغيير في العراق , ولا الشركاء الطائفيين اعترفوا بالفيدرالية الكوردية . ومن العار على الطبقة السياسية المتنفذة ان تعود الى لغة الاحتراب بعد مضي العقد من السنين على اقرار الفيدرالية . والموقف الحازم لرئيس الاقليم بالدفاع عن شرعية القضية القومية الكردية من موقف رئيس الوزراء الذي يسعى لإفراغ الفيدرالية من محتواها التقدمي بحل المشكلة القومية , وجعل الفيدرالية محصورة فقط في تقاسم الحصص , ليس اكثر من رد فعل على سياسة المالكي , وليست سياسة مبنية على اسس إستراتيجية تعتمد على فيدرالية الاقليم كأساس لإنجاح القضية القومية برمتها وعلى مستوى الدول التي تتواجد فيها . وبنظرة بسيطة تستطيع ان ترى البرزاني قد تمكن من تحشيد القوى الكردية خلف زعامته , والمالكي استطاع تحشيد القوى العروبية بما فيهم السنة خلف زعامته ايضا , وهو ما يوضح الدافع الوقتي الانتحابي لتبني الموقفين .

لم يعد خافيا على العراقيين , ومنذ فترة طويلة , ان الاساس الواهي لنظام المحاصصة الطائفية هو اساس البلاء , وأساس الانحدار , ولا بد من ايجاد تحالفات سياسية جذرية وحقيقية تستطيع ايجاد صيغ تنظيمية بديلة لإعادة بناء العملية السياسية على اسس ديمقراطية , ومن دونها لن يستطيع الفعل ورد الفعل مهما كان قويا من اعادة الاعتبار لقوام المسار الديمقراطي . وأمام رئيس الاقليم والقيادات الكوردستانية فرصة تاريخية لإعادة بناء العملية السياسية وفق سياقات بناء العراق الديمقراطي اساس تطوير القضية القومية الكوردية , وليس المراهنة التي اثبتت فشلها في فصل فيدرالية الاقليم عن النظام الاتحادي .       

 

free web counter