| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 17/5/ 2012



اتفاقية اربيل والاتجار بالوطنية

عزيز العراقي

ان " قضية الهاشمي أصبحت محور العملية السياسية الحالية " .

مستقبل العراق والوضع المزري الذي يعيشه , وحافة الهاوية التي يقف عليها بسبب نزعة الاستئثار التي سيطرت على القيادات السياسية , والتي توشك ان تنزلق إلى ماهو أسوء من 2006 , محورها قضية اتهام طارق الهاشمي بالإرهاب .

القائمة العراقية والهاشمي بدل ان يستغلوا هذا الاتهام ويكشفوا أمام المحكمة والرأي العام تورط المالكي في تلفيق التهم وخيانة القسم , وهي فرصة ( ذهبية ) لسحق عدوهم المالكي , إن كان الهاشمي بريء حقا ؟ ولكن المثل يقول " الجو ابطه عنز يبغج " . بدل هذا يكمل التصريح :" إننا مستعدون لإقناعه ( طارق الهاشمي ) للمثول أمام القضاء واثبات براءته , مقابل تنفيذ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي جميع بنود اتفاق اربيل " . الهاشمي مطلوب للعدالة لتورطه بالإرهاب, وعليه ان يثبت براءته أمام الرأي العام الذي شاهد اعترافات تورطه في التلفزيون إذا طبق نوري المالكي اتفاق اربيل او لم يطبقه . ما علاقة اتفاق اربيل السياسي بين الكتل الرئيسية الثلاث وبين جرائم قتل متهم بها احد القياديين ؟!

هذا التصريح ليس من عضو بسيط وساذج من الذين يعج بهم البرلمان ومن جميع القوائم , هذا تصريح الناطق الرسمي للقائمة العراقية حيدر الملا . القائمة التي فازت بأعلى الأصوات في الانتخابات , قبل ان يتم الالتفاف على فوزها نتيجة التوافق في المصالح بين الأمريكان والنظام الإيراني لإبقاء المالكي في فترة رئاسية ثانية . الأمريكان يريدون ان يبقى العراق بهذا الضعف ولم يجدوا أفضل من المالكي الشيعي لكي يتحمل ثقل أسباب الانحدار والبؤس مقابل بقائه في منصبه. والنظام الإيراني لم يكن المالكي هو الأفضل بالنسبة له , ولكن بسبب موافقة الأمريكان وجده الأنسب في استمرار سيطرة وحدة أحزاب الكتلة الشيعية , وهو الأهم بالنسبة له لتوسيع نفوذه في العراق .

تصريح الملا هذا , الذي خلط فيه العام بالخاص , السياسي بالجنائي , الحكم القضائي مقابل التراجع السياسي , هو مقطع عرضي للطبقة السياسية العراقية التي فقدت كل منطق أمام مصالحها الشخصية , وللتأكيد, انه الناطق الرسمي لأكبر قائمة انتخابية وليس من سذج البرلمان وإمعاته .

ناطق القائمة العراقية الملا يدرك جيدا , انه حتى لو قبل المالكي بهذه المساومة الغير معقولة , فان تطبيق جميع بنود اتفاقية اربيل من رابع المستحيلات بالنسبة له . والذين اطلعوا على الاتفاقية التي نشرت مؤخرا في صحيفة " المدى " , وليس الأخريات التي نشرتها الصحف التابعة للمالكي او لعلاوي حيث جرت بعض التحريفات التي تخدم جهة النشر . " المدى " نشرتها مع الاتفاقيات الملحقة بها بين القائمة الكردستانية وقائمتي دولة القانون والتحالف الوطني .

اتفاقية اربيل بنيت على أساس " مراعاة التناسب " التي أعيد تكرارها مع كل نقطة يتفق عليها . والمقصود هو التحاصص الطائفي والقومي , ولا غرابة , فان القوائم الرئيسية الثلاث بنيت على هذا الأساس . ورغم ان المحاصصة أساس بلاء العراقيين , الا ان الاتفاقية تؤكد على المسئولية الجماعية وفق مبدأ" مراعاة التناسب " ولا تترك مجالا للانفراد الفردي او الطائفي في تسيير أمور الدولة . ورغم انها فصلت على مقاسات القوائم الثلاث الا انها تحتوي على آفاق لا يستهان بها لمكافحة الفساد وتحقيق الأمن ووسائل للنهوض من هذا التردي المخزي .

تنفيذ جميع بنود الاتفاقية كما يطالب بها الناطق الرسمي للعراقية يعني التنازل عن الحصص التي استحوذ عليها المالكي وإعادتها الى ( الشركاء ) الآخرين , فكيف يوافق وهو الآن في الموقع الأول ومهدد بالطرد ؟! ويعرف جيدا ان آفاق الانتخابات القادمة ليست في صالحه , وربما سيتعرض الى محاسبة قانونية نتيجة تستره على نشر الفساد والسرقة واستغلال السلطة لمصالح شخصية .

الغريب ليس في طرح الملا ألتعجيزي , ولكن كيف صدقت قيادات العراقية والكردستانية بأن المالكي سيفي بالتزاماته التي وقع عليها في اربيل , وهم يعرفون جيدا ان التنازلات التي أعطاها للجميع , وبهذا السخاء , لا يمكن ان تنفذ ولهم معه تجارب كثيرة , وهي تعني الاعتراف الكامل بحقوق الشركاء , ولو حدث هذا لما وصل العراق لهذا المنحدر الخطير , وتوقيعه ليس أكثر من اخذ الموافقة للحصول على رئاسة الوزراء مرة أخرى , وبعدها يمكن التنكر لها مثلما حدث .

والتفسير الأقرب للمعقول هو ان التوافق الذي حصل بين الأمريكان والنظام الإيراني على استمرار المالكي هو الذي اجبر الفائز في الانتخابات علاوي على قبول التنازل للمالكي , وهو الذي اجبر الآخرين على ( تصديق ) وعود المالكي في التوقيع على اتفاقية اربيل .

في مقالة سابقة نشرتها اثر هروب الهاشمي الى كردستان بعد فضحه والتشهير به من قبل المالكي , استعنت بالمثل العراقي " منو اليطّلع ها لمطي من هذي الوحلة " في تفسير ورطة المالكي مع القائمة العراقية , حيث قطع الطريق معها . وعاتبني احد الأخوة في " دولة القانون " بالقول : كنت اعتقد عندما سقت المثل تقصد منو اليطّلع الهاشمي من وحل الإرهاب , ولكني وجدت منو اليطّلع المالكي من وحل الهاشمي . فأجبته : مثل ما تريد , لان احنه العراقيين المنكوبين أخذنا لا نفرق بين الوحل والحمار , ولا يهم من هو الوحل ومن هو الحمار .




 

 

 

free web counter