| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

عزيز العراقي

 

السبت 17/11/ 2007



الضياع العراقي وسراب الحماية الأمريكية

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

بعد ان يكتمل الهيكل في كل بناء تكتشف بعض النواقص والفجوات الواجب استكمالها , وفي احسن الأحوال يحتاج الى الصبغ والأنارة والأثاث حتى يمكن السكن فيه . وفي كتابة الدساتير تكتشف فجوات كثيرة تحتاج الى المعالجة , سواء بأستحداث مواد جديدة , او الغاء مواد معرقلة , او اعادة صياغات تكون اكثر مرونة واستجابة لواقع المجتمع , اضافة لوضع القوانين التي تيسر وتستكمل أرواء حاجات المجتمع . هذا في كتابة الدستور الاعتيادي التي تضعه النخب القانونية والسياسية لتنظيم العلاقات الوطنية لخير الجميع , الا الدستور العراقي شيد بأيدي ( أسطوات ) سياسية تفتقر الى الخبرة الهندسية , وكل ( اسطة ) بنى جناحه بالشكل الذي يريده , واثثه بحاجاته الطائفية اوالقومية , دون الأخذ بوحدة السكن المشترك في هذا البيت , وضرورة أدامة المنافع فيه , وبات يفتقر حتى الى الماء لكي ينظف نفسه من أوساخ وقذارات المحاصصة الطائفية والقومية التي شيدت لدورتين انتخابيتين على الاقل.

في هذا البيت الذي يتلاعب فيه جنوح الرغبات , نشرت صحيفة " الحياة " يوم 20071113 الخبرالتالي : بعد ان اعلنت حكومة الأقليم التوقيع على العقود الأجنبية الخمسة , أعلن المفتش العام لوزارة النفط عبد الكريم العبيدي : " ان عقود اقليم كردستان مع الشركات الأجنبية غير معترف بها " واضاف " ان قانون النفط والغاز لم يقر حتى الآن من البرلمان العراقي , ومن هنا تأتي عدم قانونية هذه العقود " واضاف ان " المجلس الاتحادي للنفط والغاز في حال الاتفاق على تشكيله سيتولى مسؤولية البت في العقود النفطية مع الجهات الاجنبية " . الا ان وزير الموارد الطبيعية في اقليم كردستان السيد آشتي حورامي أكد " ان هذه العقود الخمسة تعبير واضح آخر للثقة في قوة اقليم كردستان واستقراره , وسينتج عائدات كبيرة لشعب العراق " .

يبدو ان السيد الوزير - وهو ليس اي شخص - يقفز على (أقرا) القانون من قبل البرلمان العراقي , و (تشكيل) المجلس الاتحادي للنفط والغاز الذي سيتولى مسؤولية البت في العقود النفطية مع الجهات الاجنبية, كما هو متفق عليه . وبدل هذا الاتفاق يطرح الثقة في قوة اقليم كردستان (المحاط بالدول العدوة للاقليم لوجود الاكراد على اراضيها) , والموقف التركي الأخير واضح الدلالة , ولولا الامريكان لما سلم الأقليم من الأجتياح المدمر . وبعد قوة الاقليم يطرح السيد الوزير استقراره ( والاقليم لايزال بأدارتين ) , ويبشر بعائدات كبيرة للعراقيين ( وماذا جنت الجماهير العراقية من الواردات السابقة والحالية؟ ) . العراقيون بحاجة الى دستور حقيقي , وحكومة نزيهة تثبت التعامل مع حق المواطنة وليس مع اي شئ آخر , وتنقذهم من الوضع المتردي الحالي , وأولها احترام الأتفاقات التي من ضمنها اقرار القانون في البرلمان العراقي , وتشكيل المجلس الاتحادي للنفط والغاز .

في كل دول العالم الأتحادية ( الفيدرالية او الحكم الذاتي او اي شكل اتحادي ) والتي يصل عددها الى سبعة وستين دولة , العلاقات والعقود الخارجية من اختصاص الحكومة الأتحادية , وفي كل دول العالم الأتحادية ان حدث خلاف بين الحكومة الأتحادية وحكومات الأقاليم , فيحسم الخلاف لصالح الحكومة الأتحادية , الا في العراق يراد ان يحسم لصالح الأقليم .

يدرك المراقب للوضع العراقي ان الصراع الدموي الطائفي ساعدت في نموه اميركا , بعد ان منحت الطائفية مقومات ازدهارها , وفي الفترة الأخيرة عملت على تحويل هذا الصراع الى صراع شيعي شيعي وسني سني , ونجحت بشكل كبير , لكي لاتبقي اية جهة تمتلك وحدة التأثير الذي قد يشكل عائقاً لما تريده . وربما تشعر القيادة القومية الكردية بالأطمئنان , وتعتبر نفسها مدللة لدى الامريكان لأنها وضعت كل بيضها في السلة الامريكية , سيكون هذا الأطمئنان في غير محله , والتجارب العراقية وليس غيرها مع الامريكان تؤكد ذلك , مثل التخلي عن مساعدة الثورة الكردية عام 1975 , والتخلي عن دعم الأنتفاضة عام 1991 . وبدل هذا الأطمئنان ننزع الألغام التي يمكن ان تستغلها الادارة الامريكية اذا احست ان مصالحها ستتأثر من الكرد مثلما حدث في التوتر الحالي مع تركيا , وأكبر هذه الألغام هو ضرورة توحيد االأدارة الكردية , والعمل على اعادة الحياة للمشروع الوطني التقدمي , وتقوية مقومات الحكومة الاتحادية . وبدون هذا سيبقى الامريكان اسيا د للعبيد العراقيين مهما اختلفت التسميات .
 


 

free web counter

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس