| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الخميس 15/4/ 2010



الرياض وعظام الكرامة العراقية

عزيز العراقي

مدينة الصويرة وليس ريفها , من المدن التي لم تتأثر بالطائفية الدينية أو القومية منذ نشوئها ولحد الآن , وهي خليط من الشيعة والسنة والصابئة , والعرب والاكراد الفيلية , والذي يحاول إثارة أية مسألة في هذا الاتجاه يقمع ويحتقر من أهل طائفته أو قوميته قبل الآخرين . في هذه الأجواء , كان احد المزارعين يدعى جمعة الويساوي يمتلك مزرعة خس في أطراف المدينة , وقريبة من دجلة . خس جمعة الويساوي معروف بكبره وامتلائه , وكان جمعة يسخر من الطائفية , ويقسم للزبائن : ان خسه بهذه المواصفات ( الريانة ) لأنه جاء بدنكر سماد , وهو( سيارة حوضية ) من المرافق الصحية في كربلاء , للشيعة , وللسنة يكون ( دنكره ) قد استقدمه من الشيخ عبد القادر الكَيلاني .

الكاتب السعودي طارق الحميد , وفي مقال تحت عنوان " لماذا العراقيون في السعودية ؟ " المنشور في صحيفة " الشرق الأوسط " يوم 20100415 , يؤكد على ان القيادات السياسية العراقية في توجهها المحموم هذه الأيام إلى السعودية , واخذ تبريكات خادم الحرمين الشريفين , هو لإدراك هذه القيادات بفشل المشروع الإيراني في العراق , وضرورة عودة العراق الى محيطه ( العربي ) , وسيد هذا المحيط طبعا السعودية . وفاته ان إيران رغم انحطاط قياداتها القومية المتلبسة بالطائفية , هي نظام برلماني , ومؤسساتي , وهذا سبب صمودها أمام العقوبات والعزلة الدولية , وهو سبب الردع للأمريكان واسرائيل من شن الحرب عليها لحد الآن . ولو تعرض أي نظام في المنطقة على شاكلة النظام السعودي لعُشر الضغوط التي يتعرض لها نظام الملالي في طهران , لما صمد لشهر واحد , مثلما أثبتت تجربة صدام عند أزاحته من قبل الأمريكان . والجانب الآخر الذي فات الكاتب السعودي أيضا , ان رؤوس الخس العراقية التي تقاطرت الى الرياض, لا تفرق بين ( دنكر ) يأتي من كربلاء أو من عبد القادر الكَيلاني , وجميعهم لا يعترفون بالطائفية , إلا بالقدر الذي يظهرون فيه من تورد الوجنتين وامتلاء الكروش .

تهافت القيادات السياسية العراقية إلى الرياض في هذه الأيام , يذكرنا بوفاة المرحوم الملك فهد قبل عدة سنوات , يوم كان الدكتور إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء , وكيف اجبر طائرة ركاب متوجهة إلى القاهرة لنقله الى الرياض للمشاركة في تشييع جنازة الملك فهد , وكان بأمكانه السفر مع المرحوم عبد العزيز الحكيم الذي استأجر طائرة خاصة لنفس الغرض , او مع رئيس الجمهورية الذي ذهب بطائرة خاصة أيضا. ولا نعرف أيا منهم مثل العراق رسميا في تشييع المرحوم , حتى ان السعوديين أنفسهم وقعوا في حيص بيص من تهافتهم على الرياض , واستنجدوا بفطوم لفهم هذا التهافت . ولم يهدأ لهم بال إلا عندما أخبرتهم : ان هؤلاء عايزين جاه , ولا يعرفون شئ بالعلاقات الدولية .

بهذه الذهنية المتخلفة تتعامل القيادات العراقية الحالية , التي جاءت على أسلاب ما حصلت عليه من النظام الصدامي , وما رمت به لهم سلطات الاحتلال من عظام الكرامة الوطنية , بعد ان هرست السيادة والقرار المستقل , وأصبحت السلطة الهدف النهائي ل( نضالهم ) الخائب . من كان من العراقيين يعتقد في يوم من الأيام , او حتى على لسان قارئة كف , ان القيادات السياسية العراقية , وبمختلف الاتجاهات , ستتقاطر على استجداء رضا الحكام السعوديين الذين لاذوا بجحورهم على يد ذات القاتل الذي أذل العراقيين بعد احتلال لكويت , واخذوا يتوسلونه , ويتوسلون الأمريكان في ذات الوقت , لدفع الجزية لأي منهما , كي يستمروا في كراسيهم .

في ثلاثة أسابيع فقط , الأول في دمشق , والثاني لطهران , وهذا الأسبوع للرياض , في تقاطر كاريكاتيري , وعلى ماذا ؟! بعد ان خدعوا العراقيين مرّة أخرى وصادروا أصواتهم, ذهبوا لكي يوافقوهم على استثمار خديعتهم , وكأن هؤلاء من يمنحهم الإذن للاستمرار وليس من خدعوهم , وفاتهم ان الأسبوع الاخير , وهو الأهم , من حصة الأمريكان , وهو الربيع رغم الاحتلال , الذي يحمي العراقيين من زمهرير وقيظ سياسييه .
 

 

free web counter