| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 14/8/ 2012



العراق بين غيبتين

عزيز العراقي

بعد أن يئست من إسقاط صدام , رحبت قيادات المعارضة العراقية في وقتها على الأسس التي وضعها الأمريكان لتوزيع السلطة والنفوذ على أساس طائفي وقومي كما هو معروف . وفي غمرة اندهاشها الذي انحشر بين عدم التصديق في إزاحة صدام , وبين مداعبة الأحلام في الحصول على موقع في السلطة , خاصة وان اغلبهم كان يحلم بالعودة الى وظيفته البسيطة السابقة , فما بالك والأمريكان وعدوهم بأعلى المناصب ؟! مما وضع الكثير منهم في تهالك مخجل على عتبة مقر الحاكم الأمريكي بريمر . والأمريكان مطمئنون لكون اغلب هذه القيادات هي التي ستوسع المستنقع الذي وضعوهم فيه , وتنشغل في صراعات تقاسم النفوذ دون الالتفات لإعادة بناء الدولة , او إعادة بناء المؤسسات الوطنية الجامعة , كالقوى الأمنية , والتوزيع العادل للثروة الوطنية , او إعادة الخدمات الاجتماعية كالكهرباء والماء ..الخ . المؤسسات العامة هي الضمان الوحيد لإعادة بناء الشعور الوطني المشترك , وبدونها يبقى العراق مثلما يريده الأمريكان ان يستمر بهذا الوضع , وتحت اليد لوقت ما يستكمل الإجراء الجراحي لاستولاد الشرق أوسط الجديد الذي بشروا به .

الأمريكان على أبواب مرحلة من الصراع الحاسم على الزعامة العالمية مع الصين والهند في المستقبل القريب كما تؤكد الكثير من الدراسات الغربية , ولم يعد لديها الوقت للانشغال ب ( لعب الجهال ) مع المشروع القومي الإيراني المتسربل بالطائفية للاستحواذ على منطقة الطاقة النفطية , رغم ما دره عداء النظام الإيراني عليها من أرباح في تصدير الأسلحة المستهلكة الى دول المنطقة , وتوتير الأجواء خدمة لإجراء التدخل الجراحي في ربط منطقة الطاقة بالكامل في عجلة الرأسمال الأمريكي استعدادا للصراع الأكبر القادم .

بين استمرار صراع القيادات العراقية في الحصول على الحصة الأكبر من السلطة وبين صراع الإستراتيجيات الكبيرة والتي أخذت تظلل المنطقة بالمظلة الأمريكية , لا يرجى خيرا من هذه القيادات في استعادة إدراكها بضرورة وحدة المصلحة الوطنية , الطريق الوحيد لإنقاذ العراق . وفاتها الوقت كثيرا من ان تتمكن من امتلاك عراقيتها حتى ( لو) أرادت ذلك , فكيف وقد رهنت وجودها بالاعتماد على احد طرفي الصراع الحالي بين النظام الإيراني والأمريكان ؟! وما يتبعهما من دول المنطقة .

ولعل الصورة الحالية توضح الفشل الذي رست عليه سفينة الطبقة السياسية العراقية , والتي بدورها ستضع العراق في دوامة قد لا تمكنه من الخروج بمصلحته الوطنية المشتركة . فبين ما يقوله القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى جلال الدين الصغير عن عودة المهدي ( عج ) من غيبته الطويلة لمحاربة الأكراد الذين ساندوا الثورة السورية , وهو وجميع الأحزاب الشيعية تساند النظام الفاشي البعثي في سوريا لكونه حليف النظام الإيراني , وبين عودة رئيس الجمهورية جلال الطلباني الذي ادعى انه غاب كل هذه الفترة الحرجة لإجراء عملية جراحية في الركبة , وليس هروبا من استعصاءآت لا حل لها .

وإذا كان المهدي ( ع ) سيعود بعد ألف وأربعمائة سنة من غيبته في سرداب رطب ومظلم في سامراء , فمتى سيعود الطلباني ( مد الله ظله ) وقد غاب في إحدى منتجعات ألمانيا؟! وهو ( الحامي ) كما يقولون لمواد الدستور , بعد ان صادقوا على قانون سرقة الأصوات الانتخابية , وسربلوا المحكمة الاتحادية بعباءة ولي الفقيه .
 

 

 

 


 

 

free web counter