| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                                                    الأثنين 14/5/ 2012



لم تعد تكفي ورقة التوت الطائفية

عزيز العراقي

تبلورت لدى البعض في الفترة الأخيرة ان الأمريكان سيتركون العراق للنظام الإيراني مقابل تخلي طهران عن مشروعها في إنتاج القنبلة النووية . وتأتي معقولية هذه المساومة بين المشروعين المتنازعين للسيطرة على العراق بالكامل , من انفراد ممثلي الطرفين في إدارة العراق حاليا , أي فقدان العراقيين للمشروع الوطني الذي يمكن ان يوقف او ينتزع ( جزء )من مقومات المصلحة الوطنية . وهذا لا يعني عدم وجود أصوات عراقية حقيقية في تشكيلات العملية السياسية , ولكنها لا تشكل ثقل نوعي أمام التكتلات الطائفية والقومية أدوات هذه المساومة .

من بين ابرز المؤشرات التي تساق لهذه الفكرة إعادة الاعتبار لشخصية إيران القوية هاشمي رفسنجاني , وإعادته لرئاسة المؤسسة المهمة " تشخيص مصلحة النظام " . باعتباره شخص موثوق به من الغرب وبالذات من قبل الأمريكان , على حساب تحجيم نفوذ رئيس الجمهورية احمدي نجاد , في محاولة جادة وواضحة للتضحية به ككبش فداء تمهيدا للتراجع عن الاستمرار في إنتاج القنبلة النووية التي داعب النظام بها الشعور القومي للشعوب الإيرانية في دخولهم نادي الكبار , الا ان تأثير العقوبات وتحالف الجميع لخنق النظام الإيراني اضطره للتراجع , والتعبير عن هذا التراجع بهذه الإشارات . الأمريكان من جانبهم سربوا عدة تقارير استخبارية تؤكد ان إيران توقفت عن الاستمرار في تطوير برنامج القنبلة النووية , في نفس الوقت اعتبرت عودة إيران للتفاوض دليل استجابة لإجراءات الغرب .

العقوبات التي فرضتها أميركا من خلال مجلس الأمن على النظام الإيراني لم تأتي بسهولة , وأميركا تحاول ان تجعل منها الأداة التي توقف جموح النظام الإيراني , وواقع حال المصالح الأمريكية يؤكد ان أميركا لا تريد من إيران ان تكون دولة صديقة , بل ان تبقى في موقعها الحالي كشماعة تخيف بها باقي الأنظمة العربية وبالذات الخليجية , لدفعها أكثر لاستيراد الأسلحة الأمريكية ( الستوك ) , والاهم تشغيل المنطقة بصراعات طائفية قد تكون دموية تبعدها كثيرا عن متابعة مصالحها الحقيقية وتجعل الجميع بحاجة إلى المظلة الأمريكية . كان يمكن لهذه الفكرة ( المساومة ) ان تكون أكثر معقولية لو تمت قبل عشر سنوات عند بداية الكشف عن البرنامج النووي الإيراني , وإيران كانت لا تزال تتمتع ببعض الصدق ولديها علاقات دولية يمكن ان تركن إليها , كان ممكن لمثل هذه المساومة ان تكون معقولة قبل صدور العقوبات الدولية التي لا يمكن ان تزال الآن إلا بالموافقة الأمريكية . اليوم إيران معزولة دوليا ومحاصرة بالعقوبات , وهذا ما سعت إليه أميركا منذ عدة سنوات , فكيف يمكن لأميركا ان تقوم بهذه( المساومة ) وإيران بهذا الضعف ؟! ورأس المال الأمريكي العابر للقارات أصبح يهدد مصالح حتى حلفائه الأوربيين .

من زاوية العراق يرى البعض من المراقبين ان المالكي ومجموعته التي تقود السلطة وصلت الى طريق مسدود في إدارتها للدولة , ولن تتمكن من الاستحواذ على السلطة كاملة كما كانت تتوقع , فاندفعت بجنون في خلق ألازمات لتخويف الشركاء من القيادات الكردية والسنية لدفعها أكثر باتجاه تقسيم العراق . المالكي فقد الكثير من الشرعية بعد تنكره لاتفاقية اربيل , والتي بدونها لم يستطع الحصول على منصبه مرة ثانية , ومما زاد في فقدان الثقة به هو رفض المرجعية الشيعية المتمثلة بالسيد السيستاني مقابلته لما يقارب العامين – وهي التي استمد منها اغلب شرعيته - . مما دفعه للارتماء في أحضان النظام الإيراني لتعويض فقدان السياج الشيعي كما يعتقد , والاهم هو السعي لإقامة الكيان او الإقليم الشيعي المرتبط عضويا بالنظام الإيراني ويكون ثمنه ان يعملوا ( سرا كيل ) للنظام الإيراني بدل فقدان السلطة كاملة الذي يلوح لهم في أفق الانتخابات القادمة , والجميع يدرك ان تهديد " دولة القانون " بانتخابات مبكرة ليس أكثر من زوبعة في فنجان .

المالكي لن يتمكن من النجاح في هذا الطريق , فالقيادات العراقية , والكردية بالذات , تعرف جيدا مصلحتها القومية , وتدرك ان الظرف الإقليمي والدولي لم ينضج بعد لتحقيق الحلم الكردي المشروع في إعلان دولته القومية , ولن ترتكب الخطأ بحق الشعب الكردي استجابة لرغبة طائفية مريضة تعجل بالإجهاز على الحلم بدل تحقيقه . والأمريكان من جانبهم لن يسمحوا بتقسيم العراق , ليس لكونهم أعلنوا عن التزامهم بوحدة العراق عشية اجتياحه , بل لأنهم لن يسمحوا بإقامة عدة دويلات طائفية سترتفع دموية الصراعات بينها الى درجة تهدد استمرار السيطرة الأمريكية على المنطقة ( خزان الطاقة ) . مصلحة الأمريكان تتطلب ان يبقى العراق موحدا بهذا الوضع الضعيف الغير قادر على بناء وحدته الوطنية للنهوض كدولة قوية . وهو السبب الذي توافقت به مع إيران على استمرار المالكي ومجموعته لدورة ثانية .

 

 

 

free web counter