| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
ziziiraqi@yahoo.se

 

 

 

الأربعاء 13/2/ 2008



التكافل الملغوم

عزيز العراقي

اغلب القيادات السياسية العراقية المتنفذة لاتختلف عن مدمني الكحول والمخدرات . فالكل يذم ويلعن المحاصصة الطائفية والقومية , ويؤكدون بأنها السبب الرئيسي في البلاء الحالي , ولن تتقدم العملية السياسية خطوة اخرى ما دامت قياسات المحاصصة هي المعتمدة في التعامل , ولن يكتب النجاح للتجربة (الديمقراطية) بدون اقتلاع المحاصصة , والعودة للتعامل بالمواطنة . الا ان كل هؤلاء ليست لديهم القدرة على ترك المحاصصة , واصبحت جزء من دمائهم , ويدركون جيداً انهم بدونها لن يكونوا بمواقعهم الحالية .

والمدمن لا يترك ادمانه الا بدافعين , احدهما ان يمتلك ارادة قوية , والآخر الخوف من مرض خطير ينهي حياته , فيستجبن ويعود عن ادمانه , والدافعان لا يتواجدان في ضمير ووعي هذه القيادات . والامريكان الذين مهدوا لهذه القيادات هذا الادمان , ليسوا على عجلة من امرهم . وهم في طريق انضاج الظروف الملائمة , وتهيئة الارضية الصالحة لصراعهم الرئيسي مع النظام الايراني , وطموحاته القومية . ولايستطيعون في هذه المرحلة بالذات ان يكونوا السرطان الذي يفتك بهؤلاء المدمنين , او الاقلاع عن اسوء ما موجود في المحاصصة , وهو تغذية النفوذ الايراني عن طريق بعض الاحزاب الطائفية الشيعية .

كيف السبيل الى اقناع القيادات القومية الكردية بالمساوئ التي يتركها الادمان على التحالف فقط مع القيادات الطائفية ؟ في ادارة العملية السياسية . وهي تدرك بأن (تهويمات) الاستقلال في هذه المرحلة , لاتخدم الطموحات المشروعة للشعب الكردي في اقامة دولته القومية . واعتقد الكثيرون ان التوجهات العسكرية التركية والتي وصلت لحد الاعتداء الغاشم على اراضي كردستان العراق , كانت كفيلة باعادة التوازن لتوجهات الحركة القومية الكردية , وهي المستفيدة الاكثر من باقي اطراف المحاصصة في التطوير الحقيقي للنظام الديمقراطي في العراق . وكان من المؤمل ان يعاد النظر في طبيعة التحالفات الحالية , وتطويرها الى التحالف مع القوى الوطنية التي تؤمن بالنظام الديمقراطي الحقيقي , رغم تشتت هذه الاطراف وعدم وجود المشروع الوطني الذي يوحدها لحد الآن . الا ان القيادة القومية الكردية اعادت ترتيب اوراقها مرة اخرى مع احد طرفي النزاع في قائمة " الائتلاف " , التي لم يبقى منها سوى حزب الدعوة والمجلس الاعلى . بعد ان وعدهم المجلس بتأمين استمرار بعض هذه (التهويمات) اذا تمكن من ازاحة المالكي من رئاسة الوزراء , واستبداله بعادل عبد المهدي من المجلس .

ان كل القيادات السياسية العراقية والامريكان يعرفون ان المجلس الاعلى بتنظيماته السياسية والعسكرية (قوات بدر) هو الاكثر ارتباطاً بالنظام الايراني من بين كل التنظيمات الشيعية الاخرى . وبغض النظر عن الدعوات التي وجهت من الادارة الامريكية لقيادي المجلس , وزيارات السيد عبد العزيزالحكيم رئيس المجلس ونجله عمار والدكتور عادل عبد المهدي الى واشنطن , اضافة للخطوات التكتيكية التي قام بها المجلس الاعلى, مثل تبديل مرجعيته الدينية من السيد علي خامنئي في ايران الى السيد علي السيستاني في النجف الاشرف . يبقى التقييم الامريكي للمجلس الاعلى كونه اداة عضوية من ادوات النظام الايراني , وهم (الامريكان) الذين يعرفون جيداً ماذا يجري في ارض الواقع , ويملكون عدة اجهزة استخبارية , بما فيها الاستخبارات العراقية .

ان سلطات الاحتلال الامريكي التي تمتلك اغلب اوراق اللعبة , وضعت سقفاً للقوى السياسيةالعراقية في ادارة وتنظيم العملية السياسية , واعادة بناء الدولة . وعلى هذه الاطراف الالتزام بمنة (المحرر) وعدم تجاوز سقفها , والاخذ بنظر الاعتبار المصالح الامريكية , فيما يتعلق بالعراق , او الستراتيجية , كونها الدولة الاعظم التي تقود العولمة . ومتطلبات هذه الستراتيجية من خلال تطمين مصالح حلفاء اميركا في المنطقة , وعدم تنشيط الصراعات الجانبية , مثل السماح لتأجيج الصراع بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية . او دعم المجلس الاعلى وهو احد الادوات الرئيسية للنظام الايراني في العراق , في تذاكي كردي يعتقد انه يستطيع الاستمرار في تأمين الحماية الامريكية للوجود الكردي , وفي نفس الوقت انتزاع ما لايرتضيه الامريكان من خطوات تقرب الاستقلال . وكأن الامريكان والايرانيين والاتراك احزاب سياسية عراقية يسهل التكتيك والتهديد معها , وليس دول لها كل الخبرات المخابراتية . وما دامت المحاصصة هي العمود الفقري في العملية السياسية , فستبقى التوجهات السياسية رهينة هذه المحاصصة , ولاامل معها لان تسلك القوى السياسية الطريق الاسلم لاعادة بناء العراق .
 




 

free web counter