| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

 

 

 

                                                         الخميس 13/9/ 2012



ثورة الضمير ...

عزيز العراقي

مذكرات الأستاذ غالب الشابندر التي يواصل نشرها تحت عنوان ( خسرت حياتي ) في موقع " صوت العراق " , تعيد إلينا سلسلة الإخفاقات والتراجعات التي رافقت الكثير من الأحزاب القومية والثورية والإسلامية بعد ان استلمت السلطة , وتحولت في بعض الأحيان الى أسوء من الجلاد التي كانت تناضل , او تدعي النضال ضده . ولعل في تجربة البعث ما يوضح حجم المأساة التي وضعت العراق والعراقيين في أسوء وضع إنساني بين شعوب الأرض قاطبة . ورغم الفارق الكبير بين نشأة حزب البعث التي جاءت كأحد أوجه التآمر في صراع المعسكرين الرأسمالي الذي استنسخ البعث كحزب اشتراكي , والمعسكر الاشتراكي باحزابه الشيوعية المعروفة بدفاعها عن الجماهير المسحوقة , وبين ولادة حزب الدعوة التي جاءت كضرورة وطنية لتحرير الشعب العراقي من جبروت القوى التي سيطرت على مقدراته سواء كانت شركات أجنبية او قومية بعثية , و تحقيق الحريات العامة بما فيها الطائفة الشيعية يوم كان قمع حريتها وظلمها احد أسباب النضال الوطني العراقي .

اليوم الطائفة الشيعية المتمثلة بأحزابها السياسية وعلى رأسها حزب الدعوة الذي دفع الكثير من الضحايا والشهداء في سبيل إنقاذ العراق والشيعة من بينهم كما أكد الشهيد مؤسس الدعوة الصدر الأول ( قدس سره ) , وقد وجد الحزب نفسه يقود السلطة بعد ان استلمها من الأمريكان على الحاضر . وليس ب(ثورة) كما كان البعث يسمي انقلابه على المرحوم عبد الرحمن عارف , وهو ما يذكرنا بما قاله صدام يومها عندما وقع البعث على الجبهة الوطنية مع الحزب الشيوعي ب: اننا جبناها ( الثورة ) بدمائنا , فهل نتساوى معكم في نفس الحقوق ؟! وهل تمكنت قيادات الدعوة التي نشأت وسط الكثير من الشهداء والضحايا - وليس وسط عصابات صدام - من الحفاظ على نزاهتها الشخصية ؟! وساوت نفسها مع الآخرين ان كانوا أحزاب شيعية او أحزاب وطنية أخرى ؟! بعيدا عن إغراءات السلطة وتجبرها ؟! هذا ما يحاول الشابندر الجواب عليه .

عندما استلم البعث السلطة كانت هناك دولة وقيم وتقاليد اجتماعية , ومرجعيات وطنية سياسية وثقافية وعسكرية وفي مختلف فروع الحياة , أي ان المجتمع يمتلك مجموعة من الركائز التي تنظم فاعليته وتوجهاته . واحتاج البعث الى فترات زمنية طويلة لكي يتمكن من إضعاف , ومن ثم تدمير , هذه الركائز والأسس لكي يتمكن من الانفراد في توجيه المجتمع وفق إرادته التي تحولت الى إرادة عائلة ثم فرد واحد . وكانت الحصيلة هو ما وصل اليه المجتمع العراقي عشية الاجتياح الأمريكي من فقر وجهل وتخلف . البعث احتاج الى سنوات للانفراد في توجيه المجتمع , والقيادات الحالية التي استلمت السلطة من الأمريكان من أحزاب طائفية وقومية , لم تجد دولة ولا قيم ولا مرجعيات – عدى المرجعية الدينية الشيعية التي استغلتها الأحزاب الطائفية - , وبدل الالتفات لإعادة بناء ما دمره البعث والاحتلال مثلما كانت تدعي , وجدت نفسها - وعلى الحاضر أيضا – الاندفاع والإيغال في الفساد واللصوصية والمصالح الشخصية , وهو ما كشف عن فشلها السريع في إدارة السلطة . وهو ما يحاول الشابندر إلقاء الضوء عليه .

في الردود الكثيرة التي تحاول إيقاف الشابندر عن مواصلة نشر مذكراته , تذكره بأنه ليس من الصحيح كشف الغسيل الوسخ للآخرين , وأخرى تتهمه لكونه لم يحصل على وظيفة حكومية , او حصة في كعكة السلطة , لذا هو ينتقم من هذه القيادات بهذه الطريقة . ولكن أي واحد من هؤلاء لم يستطع ان يفند او يكذب ما يكتبه غالب الشابندر الذي خبر كل هذه القيادات .

الشابندر غالب وليس شقيقه عزت, يذكرني بالمفكر العراقي المرحوم هادي العلوي , عندما أعلن ان اسمه هادي العلوي البغدادي , ليميزه عن اسم أخيه الذي كان وقتها احد مرتزقة صدام النائب الحالي حسن العلوي . أكررها غالب الشابندر وليس شقيقه عزت مرتزق المالكي , إنسان اختلطت عنده قيم التضحية والبسالة والحياة الشاقة الشريفة بثقافته والمعيته الفكرية الشخصية , وتساوت عنده التضحية العامة مع النبل الشخصي , ولم يجده احد ممن عرفوه من داخل الحركة الإسلامية او من خارجها انه يبحث عن مغنم شخصي , ولذلك لم تتمكن الأصوات التي ردت عليه – وقد ألمحت في اغلب إشاراتها – الى منحه ما يريد بعد ان يتوقف عن النشر .

الا ان النبيل نبيل , فقد استمر في النشر وكشف الأكاذيب . والخوف من تصفيته جسديا على أيدي قتلة ومليشيات هذه الأحزاب التي تدعي سماحة الإسلام .




 

 

free web counter